تفاقمت أزمة الهجرة في الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت تدفق فيه نحو 2.4 مليون مهاجر، على الحدود الجنوبية، خلال الـ 12 شهرًا الأخيرة، وفق الإعلام الأمريكي، ما يُمثل تحديًا كبيرًا أمام الديمقراطيين الذي يتبنون موقفًا تقليديًا يتمثل في استقبال حتى أولئك الذي يصلون إلى البلاد دون تصريح.
العدد الكبير للمهاجرين للمدن الأمريكية، الحدودية، وخاصة نيويورك وشيكاغو، يُشكل اختبارًا لصبر القادة الديمقراطيين الذين يقولون إن "بايدن" فشل في مشكلة مُلحة إلى هذا الحد.
وقالت نورا فارجاس، الديمقراطية في مجلس مستشاري مقاطعة سان دييجو، إنهم أعلنوا حالة الأزمة الإنسانية الأسبوع الماضي، في ظل مواصلة أرقام المهاجرين ارتفاعها، مُشيرة إلى أنهم يحاولون وضع خطة لحل المشكلة.
والهجرة قضية خلافية بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، إذ يتبنى كل منهما وجهة نظر مغايرة لكيفية إصلاح نظام الهجرة الذي تتخلله الثغرات.
أعداد كبيرة
نيويورك وحدها استقبلت أكثر من 100 ألف مهاجر في الـ 12 شهرًا الأخيرة، وهو ما دفع رئيس بلديتها، إريك آدامز، وحاكمة الولاية، كاثي هوتشول، لتبني موقف متشدد، وقالت: "لقد بلغنا الحد الأقصى، إذا كنتم تريدون مغادرة بلدكم فلتتوجهوا لمكان آخر".
وأعلن "آدامز"، حالة الطوارئ في المدينة، إذ تكلّف الأزمة دافعي الضرائب نحو خمسة مليارات دولار، وهو ما جعله يُهاجم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قائلًا: "خذل الرئيس والبيت الأبيض هذه المدينة".
ويُواجه الرئيس الأمريكي هجمات من الجمهوريين، إذ يقولون إنه يفتح الباب أمام الجميع في وقت تُعاني العائلات الأمريكية من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتعهد بايدن بإصلاح نظام الهجرة ووصفه بـ المعطل، في يناير 2023، ورغم ذلك لا تزال الأزمة قائمة حتى اليوم.
وفي 6 أكتوبر الجاري، قرر بايدن، والذي يواجه اتهامات بالضعف في التعامل مع الملف، استئناف عمليات الطرد المباشرة للمهاجرين غير الشرعيين إلى فنزويلا، بعد أن وافقت كاراكاس على استقبال رعاياها الذين ستتم إعادتهم.
استئناف جدار ترامب
أعلن بايدن استكمال الجدار الحدودي، وهو المشروع الذي قال عنه سابقًا إنه لن يموله، وبحسب وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايورك "هناك حاجة ضرورية وفورية إلى بناء حواجز وطريق بمحاذاة حدود الولايات المتحدة، من أجل منع الدخول غير القانوني"، مُشيرًا إلى أن الجزء الجديد سيكون في وادي ريو جراندي، حيث يتركز جزء كبير من الدخول غير القانوني على الحدود مع المكسيك.
قصة جدار ترامب
أثار الجدار جدلًا، منذ أن أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب، والمنتمي للحزب الجمهوري، إذ وصفه الديمقراطيون بأنه "إهدار لأموال دافعي الضرائب".
وأصدر بايدن أمرًا تنفيذيًا في بداية فترة رئاسته، بوقف العمل في بناء الجدار، بعد أن تعهد خلال حملته الانتخابية بأنه لن يبقي "قدمًا واحدة أخرى"، من الجدار الحدودي.
وقال ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، إنه سيبني الجدار، ويجعل المكسيك تدفع ثمنه، إلا أن الرئيس المكسيكي آنذاك إنريكه بينيا نييتو، قال إن المكسيك لن تدفع، وبالفعل بدأ البناء في الجدار وبنت الولايات المتحدة نحو 700 كيلو متر من الجدار في عهده، وقال البيت الأبيض مع نهاية ولاية ترامب إنه "أوفى بوعده"، بحسب "يورو نيوز".
وتسبب الجدار في أكبر فترة إغلاق جزئي للإدارة الفيدرالية بلغت 35 يومًا في 2018، بعد أن خصص الكونجرس أكثر من 5 مليارات دولار منذ 2016 لبناء الجدار، قبل أن يستعيد الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب، ولم يريدوا منح مزيد من الأموال لهذا المشروع، وفي النهاية تجاوز ترامب الكونجرس، ولجأ إلى وزارة الدفاع التي خصصت نحو 10 مليارات دولار للمشروع.
وفي مايو الماضي، صوّت الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون لتقييد الهجرة إلى الولايات المتحدة، محذرين من مخاطر تدفق محتمل للمهاجرين على الحدود مساءً، وأصروا على ضرورة استكمال بناء الجدار الحدودي.
وفرض المشروع على إدارة بايدن استئناف بناء الجدار، وكذلك قيودًا صارمة جدًا على الحقّ في اللجوء، وإلزام المهاجرين بعبور الحدود بشكل قانوني ودفع ضريبة والالتزام بكثير من المعايير الأخرى لتبرير تركهم لبلدانهم.