على الرغم من أن إغلاق وزارة التعليم في الولايات المتحدة هو هدف منذ فترة طويلة فشل الجمهوريون في الكونجرس في التصرف بشأنه، فإن الإغلاق الحكومي المطول جاء ليساعد إدارة الرئيس دونالد ترامب على تحقيق هذا الهدف.
ورغم أن الوزارة خفّضت بالفعل عدد موظفيها إلى النصف في وقت سابق من هذا العام، لكن الآن، تُلقي باللوم على الإغلاق الحكومي، وتسعى إلى تسريح 465 موظفًا إضافيًا، ما يُؤدي إلى تقليص كبير في عدد مكاتبها، كما شهد هذا العام إلغاء سلسلة من برامج المنح، أو أُعيق تنفيذها، أو أُجّلت، بجانب إلغاء عقود عدة.
وشمل ذلك تقليص الموظفين المسؤولين الفيدراليين الذين يُشرفون على برامج التعليم الخاص، إضافة إلى دورة أخرى من التخفيضات في مكتب الحقوق المدنية، ما يعني أنه "سيتم تفريغ بعض أجزاء الوزارة تقريبًا"، كما يشير تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
إغلاق الوزارة
مع عودته إلى البيت الأبيض، تعهّد الرئيس دونالد ترامب بإغلاق الوزارة، رغم إقرار كبار المسؤولين، بمن فيهم وزيرة التعليم ليندا مكماهون، بضرورة اتخاذ إجراء من الكونجرس لتحقيق ذلك.
حتى الآن، لم يتخذ المشرّعون أي خطوات تُذكر نحو ذلك، ويعود ذلك جزئيًا إلى أن التشريع يتطلب دعمًا ديمقراطيًا للوصول إلى الحد الأدنى المطلوب وهو 60 صوتًا في مجلس الشيوخ.
وبعد تخفيضات كبيرة في أعداد الموظفين خلال الفترة الماضية، جادل المنتقدون -في المحاكم وغيرها- بأن وزارة التعليم غير قادرة على أداء مهامها القانونية بهذا العدد القليل من الموظفين، وفاقمت عمليات التسريح هذه المخاوف، وأثارت تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة ترامب تسعى إلى إغلاقها فعليًا دون تدخل من الكونجرس.
بدا هذا في بيان ماكماهون على "إكس"، الذي أشارت فيه إلى أن الإغلاق الحكومي الذي دام قرابة ثلاثة أسابيع أجبرها على إعادة النظر في المسؤوليات الفيدرالية "التي تعتبر بالغة الأهمية للشعب الأمريكي".
وكتبت: "بعد أسبوعين، لا يزال ملايين الطلاب الأمريكيين يذهبون إلى المدارس، والمعلمون يتقاضون رواتبهم، والمدارس تعمل كالمعتاد. هذا يؤكد ما قاله الرئيس: وزارة التعليم الفيدرالية غير ضرورية".
تفكيك التعليم
تلفت "واشنطن بوست" إلى أنه "إذا سُمح بتنفيذ عمليات التسريح، فإنها ستُضعف مكتب الحقوق المدنية، الذي خُفِّضَ إلى النصف في وقت سابق من هذا العام، وستُلغي المكاتب التي تُشرف على جميع البرامج الرئيسية للمراحل الدراسية من الروضة إلى الصف الثاني عشر".
ويشمل ذلك برنامج قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة، الذي تبلغ تكلفته 15 مليار دولار، وبرنامج "الباب الأول"، الذي تبلغ تكلفته 18 مليار دولار، الذي يُساعد المدارس ذات معدلات الفقر المرتفعة. كما تأثرت برامج أصغر، مثل البرنامج الذي يدعم المدارس المستقلة.
كما تم تسريح العاملين في مجال منح الكليات القبلية والكليات والجامعات التي كانت مخصصة للسود تاريخيًا، وذلك بعد أسابيع فقط من إعادة توجيه الإدارة 495 مليون دولار من تمويل المنح إلى تلك الكليات.
وتم إلغاء برنامج "تريو"، وهو برنامج منح بقيمة مليار دولار لدعم المحاربين القدامى وطلاب الجامعات من الأسر ذات الدخل المحدود.
ينقل التقرير عن السيناتور باتي موراي (واشنطن)، العضوة الديمقراطية البارزة في لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ، قولها: "إن استغلال ترامب للإغلاق الحكومي بحماس كذريعة لإيذاء الطلاب أمرٌ مُريع".
وأضافت: "لا أحد يُجبر دونالد ترامب على طرد الأشخاص الذين يضمنون حصول الطلاب ذوي الإعاقة على تعليم جيد، إنه يريد ذلك فحسب".
محاولات إيقاف
حتى الآن، رُفعت عشرات الدعاوى القضائية للطعن في إجراءات إدارة ترامب في مجال التعليم، ونجح المعترضون في إيقاف بعض هذه الإجراءات مؤقتًا أحيانًا.
كما تواجه الإدارة الأمريكية ضغوطًا سياسية، لا سيما من المدافعين عن التعليم الخاص، الذين يعملون على حشد أولياء الأمور للضغط على أعضاء الكونجرس لمقاومة هذه التغييرات.
ويشير التقرير إلى أنه "إذا سُمح للجولة الجديدة من تسريحات الموظفين بالمضي قدمًا، فمن المرجّح أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يشعر المواطنون الأمريكيون العاديون بتداعياتها. لا يزال التمويل الفيدرالي، بما في ذلك مليارات الدولارات المخصصة لتعليم الطلاب ذوي الإعاقة، يتدفق. وستؤثر تسريحات موظفي مكتب التعليم الخاص -التي طالت 121 موظفًا- بشكل أساسي على قدرة الوزارة على الإشراف على كيفية إنفاق الأموال".