أعلنت وزارة التعليم الأمريكية، عزمها تخفيض عدد موظفيها بنحو النصف، اتساقًا مع هدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتقليص الدور الفيدرالي في التعليم، وهي خطوة كبيرة تضر بأطفال الولايات المتحدة، وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وقال ترامب إنه يريد إلغاء الوزارة كليًا، لكن ذلك مستبعد، إذ يتطلب قرارًا من الكونجرس و60 صوتًا بـ"نعم" في مجلس الشيوخ، إذ يشغل الجمهوريون 53 مقعدًا فقط، وفي غياب ذلك، تعمل الإدارة على تقليص الوكالة من خلال خفض المنح والعقود وتقليص عدد الموظفين.
وكانت التخفيضات في عدد الموظفين التي تم الإعلان عنها، أمس الثلاثاء، هي الأكبر في تاريخ وزارة التعليم الأمريكية، وهي ذات حجم، نادرًا ما كان من المتوقع حدوثه قبل تولي إدارة ترامب السلطة.
ونسبت "واشنطن بوست" لمسؤولة كبيرة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لشرح تفاصيل عمليات التسريح، بأن جميع أقسام وزارة التعليم ستتأثر، لكنها أصرت أيضًا على أن هذه التخفيضات لن تؤثر على قدرتها على تقديم الخدمات للطلاب المقترضين، أو توزيع أموال المنح على المناطق التعليمية، أو إنفاذ قانون الحقوق المدنية، وأكدت أن جميع المهام المنصوص عليها قانونًا ستستمر.
ومع ذلك، يقول المنتقدون إنه من المستحيل تقليص عدد الموظفين بشكل كبير دون التأثير على الخدمات التي تعتمد عليها الولايات والمناطق المدرسية والطلاب.
وقال مسؤول كبير في وزارة التعليم الأمريكية، أمس الثلاثاء، إن 1315 شخصًا تم تسريحهم من العمل، وإن نحو 600 شخص قبلوا عروضًا لمغادرة الوزارة طواعية، إضافة إلى ذلك، تم بالفعل تسريح 63 موظفًا تحت الاختبار.
وستؤدي هذه التخفيضات إلى انخفاض عدد موظفي الوزارة، التي كان عددهم نحو 4133 موظفًا في اليوم الأول من إدارة ترامب، إلى أقل من 2200 موظف.
وصرّحت وزيرة التعليم الأمريكية ليندا ماكماهون، في بيان لها، بأن تخفيض عدد الموظفين اليوم يعكس التزام وزارة التعليم بالكفاءة والمساءلة وضمان توجيه الموارد إلى الجهات الأكثر أهمية، الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين".
وأضافت المسؤولة الكبيرة، أن الوزارة فشلت في تحقيق مهمتها، وأن هذه التخفيضات ستعزز هدف ترامب المتمثل في "إعادة التعليم إلى الولايات".
ولم تتضح بعد الصلاحيات أو الفرص الجديدة التي ستتيحها هذه التخفيضات للولايات أو المناطق التعليمية المحلية، المسؤولة بشكل رئيسي عن إدارة المدارس العامة، وقالت المسؤولة إن نتائج الاختبارات ونتائج التعليم غير مقبولة، لكنها لم توضح كيف يسهم تقليص عدد الموظفين في تحسين هذه النتائج.
ودعا الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، الذي يمثل أكثر من 2800 عامل في وزارة التعليم، الكونجرس إلى عكس التخفيضات.
وقالت شيريا سميث، رئيسة النقابة، في بيان مكتوب: "سنحارب هذه التخفيضات القاسية، ونحث جميع الأمريكيين على الوقوف والاتصال بأعضاء الكونجرس لإخبارهم، من أجل أطفال بلدنا ومعلمينا وأحيائنا وأسلوب حياتنا، بحماية العمل الحيوي لوزارة التعليم والعمال وأمتنا من خلال رفض هذه المناورات السياسية".
وقال الديمقراطيون، إن التخفيضات من شأنها الإضرار بالأشخاص الذين من المفترض أن تساعدهم الوزارة.
فيما قالت السيناتور باتي موراي "ديمقراطية من واشنطن" في بيان: "يعلم دونالد ترامب وليندا ماكماهون أنهما لا يستطيعان إلغاء وزارة التعليم بمفردهما، لكنهما يدركان أنه إذا تم تفكيكها وطرد جميع الأشخاص الذين يديرون البرامج التي تساعد الطلاب والأسر والمعلمين، فقد ينتهي بك الأمر إلى نتيجة مماثلة ومدمرة".
وقال المدافعون عن الطلاب إنهم قلقون من أن الوظائف الأساسية قد تتعرض لانقطاعات أو تعطل. وذكر سمير جادكاري، رئيس معهد الوصول إلى الكلية والنجاح، أن تخفيضات الموظفين قد تجعل من الصعب على الطلاب الحصول على المساعدات المالية أو تجديدها.
وأعرب جادكاري عن خشيته من أن يواجه الطلاب الحاصلون على قروض صعوبات في الحصول على نصائح موثوقة ودقيقة بشأن سداد قروضهم. وسيؤدي خفض عدد موظفي مكتب المساعدات الطلابية الفيدرالي إلى انخفاض عدد الموظفين المسؤولين عن مراقبة المتعاقدين، الذين يديرون محفظة قروض الطلاب الحكومية البالغة 1.6 تريليون دولار، وانخفاض عدد الموظفين المسؤولين عن تلقي الشكاوى.
وقال السيناتور بيل كاسيدي "جمهوري من لويزيانا"، رئيس لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات بمجلس الشيوخ، في منشور على "إكس"، إنه تحدث إلى ماكماهون، الذي أكد لها أن التخفيضات لن تؤثر على قدرة وزارة التعليم على الوفاء بالتزاماتها القانونية.
وأضاف أن "هذا الإجراء يهدف إلى تحقيق هدف الإدارة المتمثل في معالجة التكرار وعدم الكفاءة في الحكومة الفيدرالية".
ولم توضح المسؤولة الكبيرة تفاصيل التخفيضات، لكنها قالت إنه سيتم دمج بعض المكاتب، وقدمت بعض الأمثلة على ذلك.
وأضافت أنه "حتى الفرق الصغيرة داخل الوزارة لديها موظفوها الخاصون لوظائف مثل الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات، وأنه يمكن دمج هذه الوظائف وتقديمها بكفاءة أكبر".
وقالت إن الوزارة تعمل على إلغاء عقود الإيجار في سان فرانسيسكو ونيويورك وبوسطن وشيكاغو ودالاس وكليفلاند، وتقوم بدمج الموظفين من ثلاثة مبانٍ في العاصمة واشنطن بمبنى واحد.
وتم إبلاغ المفصولين من العمل بالعمل عن بعد حتى انتهاء وظائفهم، 21 مارس. وقالت المسؤولة، إنهم سيحصلون على مدفوعات نهاية الخدمة بناء على مدة خدمتهم.
وتعد وزارة التعليم الأصغر في الحكومة الفيدرالية. وفي بداية العام، كان القسم الأكبر من موظفيها - نحو 1500 موظف - يعملون في مكتب المعونة الطلابية الفيدرالية، المسؤول عن إدارة قروض الطلاب ومنح بيل.
وكان مكتب الحقوق المدنية، الذي يحقق في ادعاءات التمييز، ثاني أكبر مكتب، إذ يضم أكثر من 500 موظف.