الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رئيس "الاستعلامات المصرية": حماس جزء من الواقع الفلسطيني لا يمكن نفيه

  • مشاركة :
post-title
ضياء رشوان

القاهرة الإخبارية - هبة وهدان

قال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان، اليوم السبت، إن حركة حماس جزء من الواقع السياسي الفلسطيني لا يمكن نفيه، مطالبًا إياها بإعلان الانضمام المبدئي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وأكد "رشوان" خلال مداخلة على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يستطع القضاء على المقاومة الفلسطينية، لافتًا لوجود فشل عسكري إسرائيلي.

وذكر أنه لم يكن هناك ضامن في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو الأمر الذي نجحت قمة شرم الشيخ في تحقيقه، لافتًا إلى أن القاهرة قامت بجهود كبيرة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

 وأشار إلى ما شهدته غزة خلال العامين الماضيين من عدوان إسرائيلي واسع النطاق، وخسائر بشرية ومادية ضخمة، جعل من المستحيل أن تعود الحياة إلى طبيعتها في وقت قصير، مؤكدًا أن "حجم التدمير الذي طال القطاع لم يسبق له مثيل في القرن الحادي والعشرين، وربما حتى في القرن العشرين".

وأضاف "رشوان": "من يتصور أن وقف إطلاق النار أو انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من بعض المناطق كفيل بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، لا يدرك حجم الكارثة الحقيقية.. غزة الآن ليست فقط مدمرة، بل تعيش حالة من الارتباك الشديد في تنظيم الحياة اليومية لم تعد هناك حياة بالمعنى الكامل".

ولفت إلى أن ما يقرب من 75% من مرافق غزة وبنيتها التحتية قد دُمر بالكامل، ما يجعل من الطبيعي أن تستغرق عملية التعافي وإعادة الإعمار وقتًا طويلًا وجهدًا دوليًا واسع النطاق، مؤكدًا في الوقت ذاته أن دعم الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة هو مسؤولية أخلاقية وإنسانية على المجتمع الدولي بأسره.

وبشأن الجهود المصرية في ملف غزة، أكد "رشوان" أن الدولة المصرية لم تتوقف يومًا عن جهودها رغم تعقيد الصراع في المنطقة، والعدوان على غزة كان فاضحًا وواضحًا أمام العالم أجمع، موضحًا أن القاهرة منذ اللحظة الأولى بدأت التحرك على مسارين متوازيين، الأول سياسي تمثل في رفض تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع والدعوة المستمرة إلى حل الدولتين، والثاني إنساني عبر جهود مكثفة لوقف المأساة الإنسانية في قطاع غزة.

ونوه في هذا الصدد بنجاح مصر مرتين في التوسط لوقف إطلاق النار، الأولى في نوفمبر 2023 والثانية في يناير 2025، مشيرًا إلى أن توقيع اتفاقية شرم الشيخ لم يكن نهاية المطاف لأن القاهرة تدرك من تجاربها السابقة أن إسرائيل كثيرًا ما خرقت الاتفاقات والهدن الموقعة، لذا فهي تواصل جهودها السياسية والإنسانية على المدى الطويل.

كما أكد أن مصر تمتلك خبرة ممتدة في إدارة هذا الملف منذ عام 1948، وظلت ثابتة في مواقفها تجاه دعم الحقوق الفلسطينية والسعي نحو سلام عادل وشامل في المنطقة، موضحًا أن اتفاق شرم الشيخ الذي جاء في إطار خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يُعد نقطة تحول مهمة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كونه أول اتفاق تتضمن مراسم توقيعه مشاركة وضمان دولي من أربع دول كبرى هي الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا.

كما لفت إلى أن الاتفاق شهد حضور أكثر من 30 زعيمًا وقائدًا عالميًا، وهو ما لم يحدث في أي اتفاق سابق يتعلق بالقضية الفلسطينية، مؤكدًا أن هذا التطور يمنح الاتفاق بعدًا إلزاميًا ومعنويًا يجبر الأطراف على الالتزام بما جاء فيه.

وبيّن أن ما تحقق في شرم الشيخ يمثل نقلة في طبيعة إدارة الأزمة، إذ لم يعد الاتفاق ثنائيًا أو بوساطة فقط، بل أصبح له إطار دولي يضمن تنفيذ بنوده أو على الأقل يُصعّب التنصل منها، مشيرًا إلى أن القاهرة لعبت دورًا محوريًا في صياغة هذا الإطار، مؤكدة على أهمية استمرار المتابعة لضمان تطبيق البنود الخاصة بالقضية الفلسطينية وعدم السماح بالالتفاف عليها.

وفي هذا الصدد، أكد أن اتفاق شرم الشيخ تضمن بنودًا جوهرية غير مسبوقة، أبرزها منع تهجير الفلسطينيين بأي شكل حتى الطوعي والنص الصريح على حق العودة للفلسطينيين المهجّرين منذ عام 1948، فضلًا عن التأكيد على منع ضم أو احتلال قطاع غزة مستقبلًا، مشيرًا إلى أن الاتفاق أقر أيضًا مبدأ الإسناد المجتمعي لإدارة غزة بعيدًا عن الفصائل المسلحة، بما يمهد الطريق لتقرير المصير الفلسطيني وتأسيس الدولة المستقلة في المستقبل.

ورأى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن هذه البنود تمثل اختراقًا سياسيًا حقيقيًا، إذ لم يكن أي طرف إسرائيلي وبخاصة حكومة نتنياهو يقبل سابقًا بالتوقيع على اتفاق يتضمن تلك النقاط، موضحًا أن ملف سلاح حماس يُعد من أكثر القضايا حساسية، إذ تسعى إسرائيل لنزع السلاح تمامًا فيما تصر الحركة على اعتباره حقًا شرعيًا للمقاومة، لافتًا أن هناك اقتراحًا يتم تداوله يقضي بتجميد سلاح حماس خلال هدنة تمتد 10 سنوات بدلًا من نزعه، كحل وسط يحقق التهدئة ويتيح استقرارًا مؤقتًا يمهد لمرحلة جديدة من التفاوض والبناء السياسي في غزة.

كما أكد أن مسألة تبادل رفات الشهداء والأسرى بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي تكشف عن ازدواجية واضحة في التعامل الإنساني، مشيرًا إلى أن المقاومة الفلسطينية كانت ملتزمة بموجب الاتفاق بتسليم نحو 28 رفات لجنود إسرائيليين، وهو ما تم بالفعل، في حين أن الجانب الإسرائيلي ملزم بتسليم أكثر من 400 جثمان لشهداء فلسطينيين، لم يتم تسليم سوى قرابة 125 منهم حتى الآن.

وتابع: "لماذا تثور كل هذه الضجة حول جثامين الإسرائيليين، بينما لا نسمع حرفًا واحدًا عن التزام إسرائيل بتسليم رفات الفلسطينيين؟ هل أصبحت الرفات تُقاس بالقيمة؟"، مؤكدًا أن هذه ازدواجية إنسانية غير مقبولة.

وواصل: "لا أفهم كيف يمكن التمييز بين رفات ورفات، وهل من المقبول أن يُعتبر تسليم رفات الإسرائيليين شرطًا لإنهاء الاتفاق، بينما تُهمل رفات الفلسطينيين وكأنها لا قيمة لها؟"، مؤكدًا أن هذا السلوك يضرب القيم الإنسانية في جوهرها، ويؤكد أن المعايير لا تزال مزدوجة في التعامل مع القضية الفلسطينية.

 وفيما يتعلق بالموقف الإسرائيلي، أكد "رشوان" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لاستغلال قضية تأخير تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين كورقة سياسية، مبررًا هذا التأخير بـ"الظروف الأمنية الصعبة داخل قطاع غزة" وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق. وأشار إلى أن نتنياهو يستخدم هذه الذريعة لتأجيل المرحلة الثانية من الاتفاق، وهي المرحلة التي تتضمن استحقاقات كبرى تُحرجه أمام الداخل الإسرائيلي.

كما لفت إلى أن المرحلة الثانية من الاتفاق تشمل قضايا معقدة مثل الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع، وضمان وجود أمني إقليمي أو دولي لحفظ الاستقرار، وهي نقاط يبدو أن نتنياهو يحاول التهرب منها أو تأجيلها قدر المستطاع، في ظل ضغوط سياسية داخلية.

ورغم إثارة قضية الجثامين، استبعد "رشوان" أن تؤدي هذه النقطة إلى نسف الاتفاق بالكامل، مشيرًا إلى أن هناك تقدمًا في مواقف الوسطاء – مصر وتركيا وقطر، حيث أعربت هذه الأطراف عن استعدادها لتقديم الدعم الفني اللازم، بما في ذلك إدخال معدات للمساعدة في انتشال الجثامين وتسليمها، لكنه شدّد على أن الأمر يتطلب موافقة الجانب الإسرائيلي للسماح بدخول هذه المعدات.

ودعا رئيس "الاستعلامات المصرية" إلى ضرورة ألا يُستغل الجانب الإنساني سياسيًا، مؤكدًا أن استمرار عرقلة الاستحقاقات الكبرى في الاتفاق لن يخدم أي طرف، بل سيزيد من تعقيد الأوضاع على الأرض ويؤخر فرص الوصول إلى حل شامل وعادل.