الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"عملية تحريك الأرض".. تحقيق يكشف إخفاء مقبرة جماعية في سوريا

  • مشاركة :
post-title
موقع مقبرة جماعية في الصحراء بالقرب من بلدة الضمير شرق سوريا

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

توصل تحقيق أجرته "رويترز" إلى أن حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد نفذت عملية سرية استمرت عامين لنقل آلاف الجثث من إحدى أكبر المقابر الجماعية المعروفة في سوريا إلى مكان سري على بعد أكثر من ساعة في الصحراء.

أكد التحقيق، نقلا عن 13 شخصا لديهم معرفة مباشرة بالجهود التي استمرت عامين لنقل الجثث، ووثائق، وتحليل صور الأقمار الصناعية، قيام حكومة الأسد بحفر مقبرة جماعية في "القطيفة"، الواقعة على مسافة 40 كم من العاصمة، وإنشاء مقبرة جماعية ثانية ضخمة في الصحراء خارج بلدة "الضمير"، التابعة لمنطقة دوما في محافظة ريف دمشق.

وأُطلق على عملية نقل الجثث من "القطيفة" إلى الموقع الآخر المخفي على بعد عشرات الكيلومترات اسم "عملية تحريك الأرض"، واستمرت من عام 2019 حتى عام 2021. وقال الشهود إن "الهدف من العملية كان التغطية على جرائم حكومة الأسد والمساعدة في استعادة صورتها".

صورة التقطتها مسيّرة لآثار آثار جرافات تغطي مقبرة جماعية قرب بلدة الضمير بصحراء شرق سوريا
مقابر جماعية

في "قطيفة"، عثرت وكالة "رويترز" على 16 خندقًا دفنيًا تتراوح أطوالها بين 15 مترًا و160 مترًا تقريبًا. وفي "الضمير"، كان هناك ما لا يقل عن 34 خندقًا تتراوح أطوالها بين 20 مترًا و125 مترًا تقريبًا.

وأظهر التحقيق أن القبر الواقع في صحراء "الضمير"، والذي يضم 34 خندقًا على الأقل، ويمتد على طول كيلومترين، يُعد من بين أوسع القبور التي حُفرت خلال الحرب الأهلية السورية. كما تشير روايات الشهود وأبعاد الموقع إلى احتمال دفن عشرات الآلاف من الأشخاص فيه.

وأوضحت "رويترز" أن حكومة الأسد بدأت بدفن جثث الموتى في القطيفة حوالي عام 2012، مع بداية الحرب الأهلية. وأفاد شهود عيان أن المقبرة الجماعية ضمت جثث جنود وسجناء قضوا في سجون النظام ومستشفياته العسكرية.

كما كشف ناشط حقوقي سوري عن وجود مقبرة "قطيفة" بنشره صورًا لوسائل الإعلام المحلية عام 2014، كاشفًا عن وجود المقبرة وموقعها العام على أطراف دمشق. وظهر موقعها الدقيق بعد بضع سنوات، من خلال شهادات المحكمة وتقارير إعلامية أخرى.

وحسب الروايات، وعلى مدار أربع ليالٍ تقريبًا كل أسبوع، من فبراير 2019 إلى أبريل 2021، كانت ست إلى ثماني شاحنات محملة بالتراب والرفات البشرية تسافر من "القطيفة" إلى موقع "الضمير" الصحراوي، وفقًا لشهود عيان شاركوا في العملية.

خندق غير مكتمل تم حفره لنقل الجثث في موقع المقبرة الجماعية في الصحراء بالقرب من بلدة الضمير بشرق سوريا
عملية كريهة

ووفق "رويترز" يتذكر جميع من شاركوا بشكل مباشر في العملية الرائحة الكريهة بوضوح، بما في ذلك سائقان لشاحنتين، وثلاثة ميكانيكيين، وسائق جرافة، وضابط سابق من الحرس الجمهوري التابع للأسد، الذي شارك منذ الأيام الأولى لعملية النقل.

قال الضابط السابق في الحرس الجمهوري إن فكرة نقل آلاف الجثث وُلدت أواخر عام 2018، عندما بدا للأسد أنه على وشك تحقيق النصر في الحرب الأهلية الدائرة في البلاد منذ أعوام. وأضاف أن الرئيس السوري كان يأمل في استعادة الاعتراف الدولي بعد تهميشه سنوات بفعل العقوبات ومزاعم الوحشية.

في ذلك الوقت، كان الأسد متهمًا بالفعل باحتجاز آلاف السوريين، لكن لم تتمكن أي جماعات سورية مستقلة أو منظمات دولية من الوصول إلى السجون أو المقابر الجماعية.

ونقل التحقيق عن سائقي الشاحنتين وضابط الحرس الجمهوري أن القادة العسكريين أبلغوهم أن الهدف من عملية النقل هو "تطهير" مقبرة القطيفة الجماعية وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي.

وبحلول الوقت الذي سقط فيه الأسد، كانت كل الخنادق الستة عشر في القطيفة قد أُخليت.

وأكد السائقون والميكانيكيون وآخرون ممن شاركوا في عملية النقل أن التحدث في ذلك الوقت — الذي اعتبره نظام الأسد شديد السرية — "يعني موتًا محققًا". كما قال أحد السائقين: "لن يخالف أحد الأوامر، فقد ينتهي به الأمر في الحفرة نفسها".