الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الكهرباء سلاح الصين لإخضاع تايوان

  • مشاركة :
post-title
أعلام الصين وأمريكا وتايوان - صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

أثارت التدريبات العسكرية الصينية حول تايوان مناقشات ضخمة وجهود كبيرة في كل من تايبيه وواشنطن لمعالجة نقطة ضعف حرجة في الجزيرة التي تخشى الضم القسري للبر الرئيسي للصين، حيث تعتمد بشكل شبه كامل على الوقود المستورد.

وحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أظهرت التدريبات الصينية الأخيرة كيف يمكن للصين أن تحاصر تايوان وتخنقها من خلال إغلاق ممرات الشحن التي تدعّم حياتها، وهي استراتيجية قد تكون أقل خطورة من شن غزو كامل النطاق، حيث تسعى بكين إلى تحقيق هدفها المعلن المتمثل في السيطرة على الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، بالقوة إذا لزم الأمر.

ويشير التقرير إلى أن "التحدي المتمثل في تحصين تايوان ضد الحصار يبدأ بالطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي المسال المستخدم لتوليد ما يقرب من نصف الكهرباء في تايوان".

طاقة مضطربة

تستورد تايوان نحو 97% من طاقتها عن طريق البحر. وفي حال انقطاعها تمامًا، سينفد مخزونها من الغاز الطبيعي المسال بالكامل خلال أيام، ما سيشل قدرة الجزيرة على إنتاج الكهرباء.

ووفق "وول ستريت جورنال"، تعمل حكومة تايوان على زيادة تخزين الطاقة وإعادة النظر في مزيج الطاقة في الجزيرة. كما تنظر من جديد إلى الطاقة النووية، بعد أشهر قليلة من إغلاق آخر مفاعلاتها.

لكن جهود تايوان لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة لا تزال أمامها طريق طويل، ما يجعل الجزيرة أكثر تركيزًا على تقييم الولايات المتحدة بأن الزعيم الصيني شي جين بينج يريد أن يكون جيشه جاهزًا للاستيلاء على تايوان بالقوة بحلول عام 2027.

في سبتمبر الماضي، قدّم اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون من شأنه دعم قدرة تايوان على تأمين إمدادات موثوقة من الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك توفير التأمين الأمريكي للشاحنين لضمان استمرار تدفق الإمدادات في حال تعرض الجزيرة للتهديد.

ورغم أن تايوان قد تتمكن مؤقتًا من مقاومة الحصار الصيني والحفاظ على إنتاجها من الكهرباء لفترة وجيزة، فإن الجزيرة سوف تتطلب تدخل الولايات المتحدة لاستعادة الكهرباء على مدى فترة أطول، وفقًا لنتائج سلسلة من المناورات الحربية التي يديرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن.

كهرباء محدودة

قد تستمر إمدادات الطاقة لفترة أطول إذا تم فرض تقنين الكهرباء، وهي خطوة من شأنها أن تؤثر على التصنيع في تايوان، بما في ذلك صناعة أشباه الموصلات، والتي سيكون لإغلاقها تأثير عالمي.

ويعتبر إنتاج الكهرباء في تايوان محدودًا بالفعل. في أحد الأيام، انخفضت قدرة التوليد إلى 4% فقط فوق ذروة الطلب. وأرجعت شركة "تايوان باور" للكهرباء ذلك إلى أعطال روتينية في أوقات السلم، بما في ذلك حادث في محطة طاقة تعمل بالغاز الطبيعي المسال، وانقطاعات في الصيانة في منشأتين تعملان بالفحم.

كما أن الحصار الكامل سيوقف إيصال الإمدادات الأساسية إلى الجزيرة. لكن لن تموت تايوان جوعًا، فبإمكانها إطعام نفسها لمدة تسعة أشهر، وإن كان ذلك بنظام غذائي بدائي متزايد، نظرًا لأن نحو 70% من الغذاء مستورد، وفقًا لنتائج مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

ولكن الإنتاج الصناعي سوف يتراجع بشكل حاد مع انخفاض الواردات، حتى لو كانت المصانع قادرة على الاستمرار في العمل.

أيضًا، شكّلت الطاقة النووية ما يصل إلى 52% من كهرباء تايوان في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. لكن حملة شعبية مدفوعة بمخاوف تتعلق بالسلامة، بدعم من الحزب الحاكم الحالي، أدت إلى إغلاق جميع المفاعلات. وأُوقفت آخر محطة عاملة عن العمل في مايو الماضي.

وفشل الاستفتاء الذي عقد في أغسطس الماضي بشأن إعادة تشغيل المفاعل، بعد ثلاثة أشهر فقط من إغلاقه، في جذب النصاب القانوني، على الرغم من أن الأصوات المؤيدة تفوق الأصوات الرافضة.

في الوقت نفسه، فإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا تزالان غير قادرتين على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الجزيرة.

ونقل التقرير عن وو تشيه وي، نائب المدير العام لإدارة الطاقة التايوانية، قوله: "نهدف إلى تعظيم الاستفادة من الطاقة المتجددة قدر الإمكان، لأن ذلك سيعزز أمن تايوان".

وأضاف: "نظرًا لاعتمادنا الكبير على الواردات، فإن هذا الأمر لا يمكن أن يتغير بين عشية وضحاها".

وقال "وو" إن تايوان تهدف إلى استخدام مصادر متجددة لما يصل إلى 70% من توليد الطاقة بحلول عام 2050، مقارنة بالمستوى الحالي الذي يقل عن 12%.

التدخل الأمريكي

تلفت الصحيفة الأمريكية إلى أن "أي استخدام صيني للقوة لإخضاع تايوان من شأنه أن يختبر سريعًا شهية الرئيس ترامب للتدخل العسكري ضد بكين".

مع هذا، فإن سياسة الولايات المتحدة بشأن الدفاع عن تايوان في حال غزوها غامضة عمدًا. فبينما سيجبر هجوم صيني علني واشنطن على التحرك بسرعة، فإن أي انقطاع أكثر دقة للتجارة البحرية التايوانية، بما في ذلك الوقود، من شأنه أن يُعقّد عملية صنع القرار في واشنطن.

ويمكن لبكين إخضاع السفن التي تخدم تايوان للتفتيش من خلال إعلان إجراءات إنفاذ القانون أو الإجراءات الصحية، ما يسمح لها بممارسة الضغط على تايبيه بهدوء. وبما أن الحصار عمل حربي ضد دولة معادية، فإن الصين ستسمي عملها بمسمى آخر، مثل "الحجر الصحي".

هكذا، الحجر الصحي الصيني من شأنه أن يجبر تايوان والولايات المتحدة على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانا سيتخذان إجراء عسكريًا، وربما يتم اتهامهما ببدء حرب.

وفي حالة الحصار، فإن إمدادات الغاز الطبيعي المسال في تايوان قد تكفي لمدة أقل من أسبوعين، في حين أن إمدادات الفحم قد تكفي لمدة سبعة أسابيع، وفقاً لنتائج مناورات الحرب التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.