الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فاروق الفيشاوي.. حاوي الفن وعاشقه

  • مشاركة :
post-title
فاروق الفيشاوي

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

"شغلي وعطائي الفني أكثر ما يشغلني بعد مرور كل هذه السنوات وحتى بعد مرضي"، كانت هذه الجملة أبرز ما قاله الفنان المصري الراحل فاروق الفيشاوي تعليقًا على ما يشغله بعد إصابته بمرض السرطان، ما يفسر جانبًا من شخصية الفنان الراحل التي تتسم بالتحدي والإصرار وحب الفن والحياة، ولهذا كان صامدًا، حتى آخر يوم في حياته.

فاروق الفيشاوي ولد في بيئة ريفية بمركز سرس الليان بمحافظة المنوفية في مثل هذا اليوم (5 فبراير عام 1955) لتكون واجهته فيما بعد للقاهرة ليحقق فيها حلمه، ويرسم لنفسه طريقًا مغايرًا عن الذي حددته الكلية، إذ حصل على بكالوريوس في الطب العام، ومن قبلها كلية الآداب وتحديدًا تخصصه في اللغات الشرقية، قبل أن يتجه للتمثيل الذي استمر فيه لأكثر من 4 عقود متواصلة، قدّم خلال مسيرته الحافلة أعمالًا فنية مميزة، ليكون من النجوم المصريين الذين تخطت شهرتهم الحدود عربيًا، محققًا طموحاته في هذه المهنة التي ورثها عنه نجله الفنان أحمد الفيشاوي.

فاروق الفيشاوي

"الموت والوطواط أكثر الأشياء التي أخاف منها"،  كان الموت أحد أكبر تحديات ومخاوف الفنان فاروق الفيشاوي في حياته حسبما يؤكد، لتكون المعاناة في آخر أيام حياته هي صديقته، ليكشف أنه في كل مرة يودع أحد أحبابه يشعر بأن الحياة قصيرة جدًا، ورغم هذه المعاناة، لكنه لم يفقد الأمل في الشفاء حتى إنه قال في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، إنه سيعود للوقوف بين جمهوره في هذا المهرجان ولكن الموت لم يسعفه لتحقيق ما وعد به جمهوره.

عاش الفيشاوي حياة قاسية في آخر سنوات عمره بعد إصابته بمرض السرطان الذي كشف عن تفاصيله خلال وجوده في مهرجان الإسكندرية السينمائي، ليحتشد زملاؤه حوله يشدوا من أزره كدعم نفسي كبير من جانبهم، ليعلق على إصابته بالسرطان في لقاء تلفزيوني: "كنت أطلب من أصدقائي أن يقفوا بجواري وأن يعطوا أملًا لكل المرضى الذين يعانون من هذا المرض، وأنا أردت أن أضرب مثالًا حيًا لمواجهة هذا المرض، إذ أعتبر نفسي غير مريض، والسرطان فرق في حياتي بشكل غير طبيعي".

أنتج فاروق الفيشاوي العديد من الأعمال، معلنًا أن دافعه لتقديم أعماله هو إحساسه بدوره تجاه الصناعة وتقديم فن راقٍ ذي رسالة، ما كان دافعًا أيضًا لاتجاهه للإنتاج، وعلّق على ذلك: "قمت بإنتاج فيلم "مشوار عمر" هذا الفيلم الذي رفضه كل المنتجين، إذ كانت انتشرت أفلام المقاولات لكني أردت أن أقدم شيئًا جديدًا، وانطلاقًا من إيمان كثير من الفنانين بأهمية الإنتاج مثل أحمد رمزي وليلى علوي وكمال الشناوي وغيرهم، فالفنان دائمًا لديه مسؤولية تجاه هذه الصناعة لتطويرها، فهي الصناعة الوحيدة التي تصدر بنسبة 100% للخارج".

فاروق الفيشاوي

لم يكن هذا الفيلم الوحيد الذي أنتجه الفيشاوي، لكنه بدأ عملية الإنتاج في أوج نجوميته بفيلم "استغاثة من العالم الآخر" ليقول عن ذلك: "كان عندي 15 سيناريو في البيت لكنني تحمست لهذا الفيلم لأنني وجدته مختلفًا تمامًا عن نوعية الأعمال التي قدمتها، ورغم أنه كان مُرهقًا في تصويره لكونه مهمًا جدًا، لكنه لم يحقق نجاحًا في بداية عرضه في السينما".

بدأ الفيشاوي بخمسين جنيهًا كأجر لأول أعماله، وشارك في البداية بمسلسل "حصاد العمر" مع المخرجة إنعام محمد علي والفنان محمود المليجي، أعقبه ظهوره اللافت في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا" الذي كان من أوائل الأعمال التي قدمها في حياته ووقف فيها أمام الفنان القدير الراحل عبد المنعم مدبولي، ليقول عن هذا العمل: "رُشّح لدوري في مسلسل أبنائي الأعزائي شكرا نحو 9 ممثلين، ثم استدعاني المخرج محمد فاضل وبالفعل بدأت معهم بروفات لمدة 5 أيام"، ثم توالت الأعمال ليقف أمام  الفنانة القديرة فردوس عبد الحميد في مسلسل "ليلة القبض على فاطمة".

شكّل الفيشاوي مع عادل إمام ثنائيًا مميزًا في عدد كبير من الأعمال بدأها بفيلم "المشبوه"، وبزغت نجوميته من خلال هذا الفيلم الذي جاء بعد عام من مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا"، ويقول عن هذا الفيلم: "اعتذرت عن الفيلم في البداية لأنني كنت مازلت خارج من مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا"، وتخوفت من مشاهد ضربي لعادل إمام خاصة أنه بطل شعبي، وأن يكرهني الناس بعد ضربي له، كما أن نجومية عادل إمام وسعاد حسني، أعطت الكثير للفيلم ورغم أنني قدمت فيلم "الباطنية" ولكن المشبوه حقق نجومية أكبر منه بكثير"، ليعلّق على لقائه الأول مع سعاد حسني بالفيلم قائلًا: "كانت عظيمة وكنت أول مرة أقابلها في الفيلم، والعمل تحول لفيلم شعبي بسبب نجومه".

فاروق الفيشاوي

توالت الأعمال بين الفيشاوي وعادل إمام وشاركه "حنفي الأبهه" وأيضًا "غاوي مشاكل" الذي قدمه قبل فيلمي "الباطنية" و"المشبوه"، وشاركته الفنانة إسعاد يونس، ويقول عنه: "أتذكر عندما انقطع النور أثناء التصوير في منطقة بالصحراء، كنا خائفين جدًا ووقتها عادل إمام وجد عربة عليها قصب، فجاء بها لمكان الفيلم وتركنا التصوير لنتفرغ لأكل القصب".

كان اللقاء الأخير بين عادل إمام والفيشاوي عندما ظهر الأخير كضيف شرف في مسلسل "عوالم خفية" وهو يعتبر اللقاء التلفزيوني الوحيد الذي جمعهما.

نجح فاروق الفيشاوي في التنقل بسلاسة بين أدواره، وكان حريصًا على التنوع فيها، فبعد أن حقق نجاحًا كبيرًا بشخصيات معينة صدم الجمهور بتقديم شخصيات مختلفة مثل "غدًا سأنتقم" الذي يعتبره من أهم الأعمال التي قدمها مع الفنانة نجلاء فتحي، كما يعتبر فيلم "تجيبها كده تجيبها كده هي كده" الذي حقق أيضًا نجاحًا كبيرًا، مشيرا إلى أن أكثر المشاهد الكوميدية في هذا العمل هو مشهد "اضرب الطويل يخاف القصير".

فاروق الفيشاوي

شكل الفيشاوي مع فريد شوقي دويتو، وقدّم معه فيلم "قضية عم أحمد" و"مرزوقة" و"فتوة الجبل" و"السطوح" وغيرها من الأفلام، ليقول عن علاقته به: "عملت معه أجمل الأعمال وكانت الكلمة هي العهد وليس العقد، وأحببت الشغل معه، وقدمت معه أكثر الأعمال التي أحبها وأقربها لقلبي وكنت من الشباب المفضلين عنده، وكان لي مساحة كبيرة إذ كان بمثابة أبي وأخي وابني فكل البشر كانوا يمثلون فيه".

كانت الشهامة والجدعنة من أكثر الصفات التي تميز فاروق الفيشاوي، وكانت تربطه علاقة طيبة بغالبية زملائه في الوسط الفني، وقدم رصيدًا فنيًا متنوعًا وكبيرًا وصل لأكثر من 130 عملًا فنيًا بين السينما والتلفزيون والمسرح، ومنها "أرجوك أعطني هذا الدواء" والمحظوظ" و"أرض النفاق" و"الطوفان" وغيرها الكثير من الأعمال التي حفرت بصمة خاصة له في قلوب جمهوره، ليرحل في 25 يوليو عام 2019، ليبقى في ذاكرة الجمهور بأعماله.

فاروق الفيشاوي وسمية الألفي
وسوم :