الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مليونا نازح في غزة بين خيام مهترئة وسوق سوداء تنهب الإغاثة

  • مشاركة :
post-title
معاناة أطفال غزة مع برد وأمطار الشتاء دون خيام تأويهم

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

على مشارف عامين من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومع اقتراب فصل الشتاء، يواجه ما يقارب المليوني نازح فلسطيني داخل 543 مخيمًا ومركز إيواء تمتد من المحافظة الوسطى إلى مواصي رفح الفلسطينية وخان يونس جنوبًا، كارثة إنسانية حقيقية تهدد حياة عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن.

وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن 81% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، ويحتاج نحو 100 ألف خيمة من أصل 135 ألف خيمة إلى استبدال فوري بعد أن اهترأت بفعل حرارة الصيف والرياح والقصف المتكرر.

مخيمات على حافة الكارثة

تفتقر غالبية المخيمات إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، إذ تتكون الخيام من مواد بسيطة كالخشب والنايلون والقماش، التي لا تصمد أمام الظروف المناخية القاسية، بحسب ما تشير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

ويعيش النازحون على شاطئ بحر غزة أوضاعًا أكثر مأساوية، إذ باتت خيامهم عُرضة مباشرة لتقلبات المد والجزر، التي تجتاح السواحل، فضلًا عن تهديد المنخفضات الجوية المحملة بالأمطار التي تقترب من المنطقة.

وتشكل المناطق المنخفضة التي تحتضن آلاف الخيام مصدر قلق، إذ تحولت خلال شتاء العام الماضي إلى برك مائية، وغرقت خيام بأكملها بمياه الأمطار التي وصل منسوبها إلى نصف متر داخل بعضها، ما تسبب في بلل الأغطية وتحويل أرضيات الخيام إلى طين، وأجبر العائلات على قضاء ليالٍ طويلة في البرد والرطوبة الشديدة.

كما تحولت الحفر التي يحفرها النازحون أمام خيامهم لتصريف مياه الأمطار إلى خطر حقيقي يهدد حياة الأطفال، إذ تمتلئ بالماء وتصبح مصيدة خطرة في ظل انعدام الإنارة الليلية وعدم وجود حواجز حماية حولها.

أسعار خيالية وسوق سوداء

تفاقمت الأزمة الإنسانية بفعل الارتفاع الجنوني في أسعار مستلزمات الخيام، إذ قفز سعر القماش المشمع الواحد من 30 شيكلًا فقط قبل أشهر إلى 600-650 شيكلًا حاليًا، فيما تتراوح أسعار الخيام الجديدة بين 2500 و3000 شيكل حال توفرها مع ندرة شديدة في الأسواق.

ويحتاج ترميم الخيمة الواحدة إلى نحو ألفي شيكل على الأقل، تشمل ثمن الأقمشة المشمعة والأخشاب واللوازم الأساسية، وهو مبلغ يستحيل على الغالبية الساحقة من الأسر النازحة توفيره، خاصة تلك التي فقدت معيليها أو تعتمد على أعمال يومية بسيطة لا تكاد تكفي قوت يومها.

وكشفت صحيفة لوموند الفرنسية نقلًا عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، حقائق صادمة حول نهب الخيام التي دخلت إلى غزة وبيعها في السوق السوداء بأسعار تصل 1200 يورو للخيمة الواحدة، ما يعمق معاناة الأسر النازحة التي تجد نفسها محاصرة بين القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية من جهة، وعصابات السوق السوداء التي تستغل معاناتها من جهة أخرى.

أطفال بلا تدفئة

إلى جانب أزمة الخيام، يواجه النازحون نقصًا حادًا في الملابس الشتوية، إذ يبلغ سعر القطعة الواحدة نحو 200 شيكل، وهو مبلغ يفوق قدرة آلاف العائلات التي تعتمد على المساعدات الغذائية من مطابخ الإغاثة الشعبية المحلية.

وتنعدم وسائل التدفئة تقريبًا في المخيمات، باستثناء النار التي يصعب إيقادها في ظل ندرة الحطب والوقود، علمًا بأن بعض النازحين يعانون من أمراض تمنعهم من الاقتراب من مصادر الحرارة المرتفعة.

وتثير هذه الظروف القاسية مخاوف حقيقية من تفشي الأمراض بين الأطفال، خاصة أمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الناجمة عن البرد والرطوبة، في ظل نقص حاد بالأدوية والرعاية الصحية، وغياب شبه تام للأغطية الثقيلة، التي تحمي من برودة الليل القارس، بحسب ما تشير تقارير منظمة الامم المتحدة للطفولة "يونيسيف".

مطالبات بتدخل إنساني

تطالب عشرات آلاف الأسر النازحة بخيام جديدة لاستبدال خيامهم المدمرة، فيما يطالب آخرون بالأقمشة المشمع أو البلاستيكية على الأقل لتدعيم خيامهم المهترئة.

القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية تحول دون تلبية هذه الاحتياجات العاجلة، في وقت يسابق فيه النازحون الزمن لإنقاذ أطفالهم من شتاء قاسٍ يلوح في الأفق، ويهدد بتكرار كابوس، العام الماضي، الذي خلّف مئات الحالات المرضية وأودى بحياة عدد من الأطفال وكبار السن جراء البرد القارس والرطوبة الشديدة.