الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مشاعر سكان غزة بين "الأمل والخوف" إزاء خطة ترامب لوقف الحرب

  • مشاركة :
post-title
نازحون فلسطينيون في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

استقبل الفلسطينيون في غزة موافقة حماس على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين على القطاع الفلسطيني، بمزيج من التفاؤل الحذر والتشكك في صمود أي اتفاق محتمل بين حماس وإسرائيل، وفق صحيفة" واشنطن بوست" الأمريكية.

وكشف ترامب، الاثنين الماضي، عن خطة شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تتضمن 21 بندًا، وتشمل انسحابًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي على ثلاث مراحل، وإدارة قطاع غزة بموجب حكم انتقالي مؤقت من قِبل لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية.

وأعلنت "حماس" موافقتها على الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والجثامين في قطاع غزة، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح ترامب، مطالبة بتوفير الظروف الميدانية لعملية التبادل، بما يحقق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع.

وقالت علا جودة (31 عامًا) إنها تؤيد "إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن وبأي وسيلة، حتى لو كانت هناك تنازلات لا نريدها".

وأصافت لـ"واشنطن بوست"، في رسالة عبر واتساب من وسط غزة: "جميعنا في غزة نريد أن تتوقف الحرب بأي ثمن.. فقدنا كل شيء حرفيًا، تعرضنا للإهانة، فقدنا أحباءنا ومنازلنا وأموالنا، ولم يتبق لنا ما نبكي عليه".

إبراهيم أبو خلاص، وهو مسعف في وسط غزة، تلقى تقارير الغارات الإسرائيلية، أمس السبت، وخشي ألا يُنهي الاتفاق إراقة الدماء. وقال: "للأسف، هذا اتفاق ضعيف للغاية.. سيعود الجانبان قريبًا إلى القتال".

وترجع "واشنطن بوست" تشاؤم أبو خلاص إلى تجربته، إذ سمح وقف إطلاق النار لمدة أسبوع في نوفمبر 2023، ووقف إطلاق النار لمدة شهرين من يناير إلى مارس، بتدفق المساعدات وعودة النازحين في غزة إلى ديارهم، لكن كليهما انهار ليتبعه تصاعد في العنف.

وذكرت الصحيفة أن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار الثاني، مدعية أن حماس لم تكن تتفاوض بحسن نية، وفرضت حصارًا دام شهرين، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلان المجاعة في غزة، وتسبب في ارتفاع حاد في أعداد الوفيات جراء الجوع.

وفي الشهر الماضي، خلصت لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة إلى أن أفعال إسرائيل في غزة تعتبر إبادة جماعية، وجاء تقرير اللجنة متوافقًا مع استنتاجات مماثلة صادرة عن الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، وحكومات أجنبية، ومنظمات حقوقية إسرائيلية، ومنظمة العفو الدولية.

وقالت علا جودة إنها لا تملك منزلًا تعود إليه، فقد دُمَّر في غارة جوية إسرائيلية، وتعيش الآن في خيمة وسط غزة، وأكبر همها هو العثور على والدها عبدالعزيز، الذي اختفى العام الماضي، إذ لا تعرف إن كان قد مات أم أنه واحد من آلاف الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وقد يُفرج عنهم في صفقة تبادل، وقالت: "جميعنا نأمل نجاح وقف إطلاق النار ونهاية الحرب، لأننا جميعًا منهكون للغاية".

وأعرب أبو خلاص عن خشيته أن تبقى الحسابات السياسية المركزية التي نسفت اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة قائمة، وقال في رسالة عبر واتساب: "لا نتنياهو ولا حماس يريدان تبادل أسرى ومحتجزين"، وأضاف أنه مع بقاء المحتجزين في غزة، "يتمسك نتنياهو بأسباب الحرب، وحماس لا تزال قائمة".

وقالت ريم، وهي أم لأربعة أطفال في مدينة غزة، إن حالة عدم اليقين تسيطر عليها، و"تخشى أن تعود إسرائيل إلى الحرب بعد عودة المحتجزين"، وأضافت: "أنا قلقة للغاية، لكنني أثق بالله.. أنا على يقين بأن ما يحدث هو خير لنا".

وعزلت إسرائيل هذا الأسبوع مدينة غزة عن بقية القطاع، وحذَّرت من أن أي شخص يبقى فيها سيُعتبر إرهابيًا، فيما فرَّ مئات الآلاف من المدينة، لكن ريم بقيت، وقالت: "الوضع الإنساني في غزة صعب للغاية"، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي سيطر على حيها، لذا فهي تقيم مع أحد معارفها، مؤكدة: الطعام والماء شحيحان.

وقالت أريج الفرا، معلمة اللغة الإنجليزية، البالغة من العمر 23 عامًا، والنازحة إلى خان يونس لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية: "أشعر كأننا في فخ.. سواء وافقت حماس أم لا، فلن نكون بأمان.. لم يطرأ أي انخفاض على حدة الهجمات هنا، ولم تنسحب أي طائرة إسرائيلية من السماء".

لم تكن "الفرا" الوحيد التي تشكك في أن قبول حماس لخطة الرئيس الأمريكي سيؤدي إلى إنهاء الحرب الدائرة منذ قرابة عامين في غزة، وقالت: "أملي في هذا الاتفاق ضئيل، لأنه في كل مرة نكون على وشك التوصل إلى وقف إطلاق النار، يحدث أمر يغير مسار الخطط".

ومع ذلك، لا يمكن للآخرين إلا أن يأملوا أن يؤدي هذا في النهاية إلى نهاية الحرب التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 170 ألف آخرين، وتدمير معظم غزة.

قال أبو فارس، وهو محرر فيديو يبلغ من العمر 43 عامًا ويقيم في شمال غزة: "أنا متفائل وأتوقع أن يكون الاتفاق هذه المرة أكثر جدية من الاتفاقات السابقة"، مضيفًا: "تحقيق تقدم في اتفاق وقف إطلاق النار سيكون أمرًا جيدًا.. سيلبي مطالب الشعب الفلسطيني ويمنح المدنيين في شمال غزة شعورًا بالأمل والأمان".

بالنسبة لمعظم سكان غزة المنهكين، لم تكن السياسة ولا بقاء حماس أولوية.. قال أبو فارس: "أولويتي الآن هي إنهاء الحرب تمامًا.. إذا اضطرت حماس للتضحية بنفسها لتحقيق ذلك، فعليها أن تتحمل عواقب أفعالها".

لم يعتقد أبو فارس ولا الفرا أن إسرائيل ستتفاوض على إنهاء الحرب بحسن نية، ولا أن ذلك سيؤدي إلى تقرير مصير الفلسطينيين، فبالنسبة للفرا تحديدًا، كان احتمال نزع السلاح مقلقًا.

ومع ذلك، إذا أدى ذلك إلى إنهاء القصف شبه المتواصل لمنازلهم، فقد أكد كلاهما أن الصفقة ستكون جديرة بالاهتمام، قالت الفرا: "إنهاء الحرب بالنسبة لي لا يعني إسكات حقوقنا، بل يعني أخذ نفس عميق، وإعادة تنظيم أنفسنا وحياتنا وأولوياتنا وأفكارنا".