الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حكومة الـ12 ساعة تفشل في احتواء أزمة فرنسا.. وماكرون يبحث عن بديل

  • مشاركة :
post-title
رئيس الوزراء الفرنسي المستقيل سيباستيان لوكورنو

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

قدّم رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو استقالته، صباح اليوم الاثنين 6 أكتوبر، بعد 12 ساعة فقط من الإعلان عن تشكيلة حكومته، ليصبح أقصر رئيس وزراء في تاريخ الجمهورية الخامسة بعد 27 يومًا فقط في المنصب، حسبما أفادت صحيفة "لوموند" الفرنسية.

قصة استقالة قياسية

قَبِلَ الرئيس إيمانويل ماكرون استقالة لوكورنو في بيان مقتضب من قصر الإليزيه، بعد اجتماع استمر ساعة واحدة صباح اليوم، وفقًا لما أوردته قناة "بي إف إم تي في" الفرنسية.

وكان لوكورنو، وزير الدفاع السابق والبالغ من العمر 39 عامًا، كشف عن تشكيلة حكومته مساء أمس الأحد، لكنها أثارت عاصفة من الانتقادات جعلت موقفه مستحيلًا.

كما أن التشكيلة الحكومية التي ضمت 11 وزيرًا احتفظوا بحقائبهم نفسها من الحكومة السابقة، جاءت شبه متطابقة مع حكومة سلفه فرانسوا بايرو، ما أثار غضب المعارضة والحلفاء على حد سواء لفشلها في تحقيق "القطيعة" الموعودة، بحسب صحيفة "ليبراسيون".

انهيار تحالف الحكم

شكّلت ردود الفعل السريعة من الأحزاب السياسية المسمار الأخير في نعش حكومة لوكورنو، ففي خطوة غير مسبوقة، انتقد وزير الداخلية برونو ريتايو، زعيم حزب الجمهوريين الحليف، التشكيلة بعد ساعتين فقط من تعيينه، وقال على منصة "إكس" إنها "لا تعكس القطيعة الموعودة"، معلنًا عن اجتماع طارئ للجنة الاستراتيجية للحزب صباح اليوم.

وذهب كزافييه برتران، رئيس منطقة أوت دو فرانس، وأحد قادة الجمهوريين، إلى ما أبعد من ذلك في تصريحات لإذاعة "آر تي إل"، إذ طالب بانسحاب جميع وزراء الحزب من الحكومة، واصفًا الوضع بـ"المهزلة" و"الكارثة" التي لا يمكن المشاركة فيها.

من جانبها، لم تكن المعارضة أكثر تساهلًا، إذ أعلن الأمين العام للحزب الاشتراكي أوليفييه فور في حديث لإذاعة "فرانس إنتر" أنه "مصدوم" من التشكيلة، وأكد أنه "لا يرى حاليًا ما يمنعه من التصويت بحجب الثقة"، مشترطًا إجراء نقاش برلماني حول إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل وإلغائه قبل نهاية ديسمبر المقبل، وإلا سيصوّت حزبه على سحب الثقة.

أما التجمع الوطني اليميني المتطرف، فاعتبر نائبه جان فيليب تانجوي في مقابلة مع "بي إف إم تي في" أن حجب الثقة "أمر بديهي"، منتقدًا غياب أي تغيير حقيقي، بينما دعا رئيس الحزب جوردان بارديلا فورًا إلى حل الجمعية الوطنية "في أسرع وقت ممكن" لاستعادة الاستقرار السياسي.

مطالب بعزل الرئيس

في تصعيد خطير للأزمة، طالب زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتطرف جان لوك ميلنشون بالفحص "الفوري" لاقتراح عزل الرئيس ماكرون نفسه، الذي تقدم به 104 نواب سابقين.

كما دعت ماتيلد بانو، القيادية البارزة في الحزب، إلى استقالة ماكرون مباشرة، قائلة في تغريدة على "إكس": "العد التنازلي بدأ، يجب أن يرحل ماكرون".

وانضم إلى مجموعة المطالبين باستقالة الرئيس الفرنسي ديفيد ليسنار، نائب رئيس حزب الجمهوريين وعمدة مدينة كان، الذي كتب على "إكس" أن "مصلحة فرنسا تقتضي أن يبرمج ماكرون استقالته، فالجمهورية الخامسة ومستقبل بلادنا على المحك".

ماكرون والبحث عن الحل

تضع هذه الاستقالة الرئيس ماكرون أمام تحدٍ غير مسبوق، إذ سيبحث عن رئيس وزرائه الخامس في ما يزيد قليلًا على عام واحد، والسابع منذ بداية ولايته الرئاسية.

كان ماكرون عيّن لوكورنو، أحد أقرب حلفائه، في مطلع سبتمبر الماضي بعد إسقاط البرلمان لحكومة بايرو في تصويت بحجب الثقة، الذي كان بدوره قد تولى المنصب بعد إسقاط حكومة ميشال بارنييه بالطريقة ذاتها.

وتعود جذور هذه الأزمة المستعصية إلى القرار الخاطئ لماكرون بحل البرلمان في الصيف الماضي، أملًا في تعزيز سلطته، لكن المناورة انقلبت ضده وأفرزت برلمانًا منقسمًا بين ثلاث كتل متناحرة، لا تملك أي منها أغلبية كافية للحكم بمفردها.

أزمة اقتصادية

تأتي هذه الاضطرابات السياسية في وقت حرج، إذ تحتاج فرنسا بشكل عاجل إلى إقرار موازنة تقشفية للعام المقبل، وتشير البيانات الرسمية، حسبما أوردت صحيفة "لوموند"، إلى أن نسبة الدين العام الفرنسي إلى الناتج المحلي وصلت إلى مستويات قياسية، لتصبح ثالث أعلى نسبة في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان وإيطاليا، متجاوزة ضعف الحد الأقصى المسموح به وفق قواعد الاتحاد البالغ 60%.

وكانت الحكومات الثلاث السابقة لجأت إلى تمرير الموازنة السنوية دون تصويت باستخدام المادة الدستورية 49.3، وهو إجراء أثار انتقادات حادة من المعارضة.

وقد وعد لوكورنو الأسبوع الماضي بالتخلي عن هذا الأسلوب والسماح للبرلمانيين بالتصويت، في محاولة منه ليأمن غدر الأحزاب لكن استقالته السريعة حالت دون تنفيذ هذا الوعد، تاركة البلاد في حالة من الفراغ السياسي غير المسبوق.