قبول حماس لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، وضع مصير الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو في مهب الريح، إذ هدد الوزيران من اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير بالاستقالة؛ اعتراضًا على إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين على القطاع الفلسطيني المدمر.
وكشف ترامب، الاثنين الماضي، عن خطة شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تتضمن 21 بندًا، وتشمل انسحابًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي على ثلاث مراحل، وإدارة قطاع غزة بموجب حكم انتقالي مؤقت من قِبل لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية.
وأعلنت "حماس" موافقتها على الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والجثامين في قطاع غزة، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح ترامب، مطالبة بتوفير الظروف الميدانية لعملية التبادل، بما يحقق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع.
وأكد الرئيس الأمريكي أن حركة حماس أبدت استعدادها لسلام دائم، داعيًا إسرائيل إلى وقف قصف قطاع غزة فورًا لتأمين إطلاق سراح المحتجزين بشكل آمن وسريع، وقال في منشور على منصة "تروث سوشيال": "بناءً على البيان الذي أصدرته حماس للتو، أعتقد أنهم مستعدون لسلام دائم"، مضيفًا: "يجب على إسرائيل أن توقف قصف غزة فورًا حتى نتمكن من إخراج المحتجزين بأمان وبسرعة".
وبعد أكثر من 12 ساعة من إعلان خطة ترامب، خرج سموتريتش، ظهر الثلاثاء الماضي، بتصريح هو الأول من نوعه أكد فيه أن نتنياهو وافق على خطة إنهاء الحرب.
فيما انتقد "بن جفير" خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، معتبرًا أنها "خطيرة على أمن إسرائيل"، وقال لنتنياهو، الثلاثاء، إن الخطة "مليئة بالثغرات، ولا تحقق أهداف الحرب".
وأمس السبت، قال سموتريتش إن قرار نتنياهو بوقف الهجوم على قطاع غزة وإجراء مفاوضات دون التعرض لإطلاق النار خطأ فادح، واصفًا وقف الهجوم بأنه إضاعة للوقت لصالح حركة حماس، بحسب القناة 13 العبرية.
وفي الوقت ذاته، قال بن جفير: "إذا استمرت حركة حماس بعد إطلاق سراح جميع المحتجزين، فلن نكون جزءًا من الحكومة"، مضيفًا: "إلى جانب هدف تحرير المحتجزين، وهو أمرٌ بالغ الأهمية، فإن الهدف المركزي للحرب التي حسمتها 7 أكتوبر التي ارتكبها أنصار حماس هو منع الحركة من الاستمرار في الوجود، ويجب القضاء عليها".
وتابع: "لذلك، وفي ضوء التطورات الأخيرة، أبلغتُ أنا وفصيل القوة اليهودية رئيس الوزراء بوضوح: إذا استمرت حماس في الوجود بعد إطلاق سراح جميع المحتجزين، فلن يكون القوة اليهودية جزءًا من الحكومة.. لن نكون جزءًا من هزيمة وطنية ستكون وصمة عار عالمية، وستكون قنبلة موقوتة للمجزرة المقبلة".
وأشار إلى أنه "لا شك أننا سنكون سعداء -كغيرنا- بعودة جميع المحتجزين إلينا في الوقت نفسه، لا يمكننا بأي حال من الأحوال الموافقة على سيناريو يعيد فيه تنظيم داعش، الذي ألحق أكبر كارثة بدولة إسرائيل، ولن نكون شركاء في هذا بأي حال من الأحوال".
وتعهد ترامب، أمس السبت، بأنه سيدفع لإنجاز اتفاق السلام في غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفًا أنه أبلغ نتنياهو أنه لا بديل عن الموافقة على اتفاق سلام في القطاع، حسبما نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي، وقال ترامب إن "اتفاق السلام في قطاع غزة بات قريبًا جدًا".
ونقل "أكسيوس" عن مسؤول في البيت الأبيض، أمس، أن "المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهر ترمب جاريد كوشنر، توجها إلى مصر، لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل الفنية لإطلاق سراح المحتجزين ومناقشة اتفاق السلام الدائم".
وذكرت صحيفة" نيويورك تايمز" الأمريكية، إن نتنياهو يجد نفسه الآن محاصرًا، بسبب المخاوف السياسية الداخلية والضغوط الجيوسياسية من ترامب.
ونقلت الصحيفة عن عيران عتصيون، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق: "سوف يجد نتنياهو نفسه مضطرًا إلى أن يشرح للعالم لماذا هو ضد إنهاء الحرب على غزة".
قال عتصيون إن دعوة ترامب الجيش الإسرائيلي لوقف الحرب في غزة، على أن تتبعها مفاوضات بين إسرائيل وحماس، لم تكن لتلقى ترحيبًا من رئيس الوزراء، وأضاف: "ستجرى هذه المفاوضات في ظل شروط وقف إطلاق النار، وهو ما يتعارض مع خطة نتنياهو.. أراد أن يتم كل هذا تحت ضغط عسكري إسرائيلي".
وذكرت "نيويورك تايمز" أن تطور الأحداث ليلة الجمعة، يهدد ائتلاف نتنياهو الحاكم، وأوضحت أن الرسالة التي تلقاها شركاؤه من اليمين المتطرف من خلال اقتراح ترامب، هي ضرورة التخلي عن أحلامهم بإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة نهائيًا، والسماح للإسرائيليين بالاستيطان في القطاع الفلسطيني واحتلاله.
ونقلت الصحيفة عن شيرا إيفرون، المحللة في السياسة الإسرائيلية بمؤسسة راند البحثية: "لا أرى كيف يمكن لشركاء نتنياهو في الائتلاف أن يتقبلوا هذا الوضع".
وأضافت: "إذا أراد نتنياهو تسويقه كإنجاز، فهو قادر على ذلك"، مشيرة إلى أن خطة ترامب ستنهي الحرب، وتعيد المحتجزين، وتستبدل حماس بكيان آخر يحكم غزة، وتشرك الدول العربية والإسلامية للمساعدة في استقرار القطاع وإعادة إعماره. وتابعت: "لكن شركاء نتنياهو كانوا يأملون قصة مختلفة، قصة غير واقعية".