حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير دفاعه هيجسيث استمالة الجنرالات والأدميرالات في خطاب ألقياه بقاعدة كوانتيكو في ولاية فرجينيا، عبر خطاب سياسي اتسم بالجدل وحمل إشارات إلى استخدام المدن الأمريكية كـ "ميدان تدريب" للقوات.
المشهد، بحسب شبكة "سي إن إن" التي وصفته بـ "الخطاب المشؤوم على الجيش"، أثار مخاوف بشأن محاولات عسكرة الداخل الأمريكي وتسييس المؤسسة العسكرية، وسط تحفظات من قادة عسكريين حاليين وسابقين، وانتقادات من قطاعات واسعة من المواطنين.
خلفية قضائية
وأوضحت "سي إن إن" أن قاضيًا فيدراليًا كان قد انتقد استخدام إدارة ترامب للجيش في لوس أنجلوس مطلع الشهر، وأشار في حاشية مثيرة إلى أن جريجوري بوفينو، مسؤولًا رفيعًا في وزارة الأمن الداخلي، شكك في ولاء اللواء سكوت شيرمان بعد اعتراضه على عرض عسكري خططت له الإدارة في حديقة ماك آرثر.
ووُصف شيرمان، الذي خدم ثلاثين عامًا في الجيش وشارك في حرب العراق، من قبل مسؤول سياسي بأنه "غير مخلص" لمجرد اعتراضه على خطط الإدارة. واعتبرت الشبكة أن ذلك المشهد جسّد الضغوط السياسية على القيادات العسكرية تحت إصرار ترامب على نشر الجيش داخل الأراضي الأمريكية.
خطاب كوانتيكو
أشارت "سي إن إن" إلى أن خطاب ترامب الأخير في كوانتيكو ارتقى بالأمور إلى مستوى جديد، حيث وصف المدن الأمريكية بأنها "ميدان تدريب" للقوات، وأكدت أن هناك تساؤلات واسعة حول دعوة هيجسيث للجنرالات والأدميرالات من مختلف المناطق، والتي بدت وكأنها تهدف إلى ضمهم لبرنامج ترامب السياسي.
في كلمته، قدّم ترامب خطابًا مطولًا مليئًا بالعبارات التي بدت أقرب إلى تجمع انتخابي، مع تكرار مزاعمه بإنهاء ست حروب، وإشارته إلى طموحه في الحصول على جائزة نوبل للسلام، وهجومه المستمر على الديمقراطيين. ووفقًا للشبكة، بدا أن ترامب يحاول تجنيد القيادات العسكرية في حملته السياسية الداخلية.
تجنيد سياسي
قالت الشبكة إن ترامب حاول إشراك الحاضرين مرارًا، فطلب منهم رفع الأيدي حول قضايا مثيرة، من بينها تقييم رئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين، كما دعاهم إلى الموافقة على نهجه القائم على "هم يبصقون ونحن نضرب" تجاه المتظاهرين.
وأضاف ترامب أن المدن الكبرى مثل شيكاغو ونيويورك ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو يمكن أن تُستخدم كمناطق تدريب للحرس الوطني والجيش، واعتبرها "أماكن غير آمنة يجب تصحيحها واحدة تلو الأخرى"، ووصف الوضع بأنه "حرب من الداخل".
وعي الجيش
تابعت "سي إن إن" أن خطاب هيجسيث، رغم تركيزه على قضايا مثل معايير اللياقة والانضباط، كان سياسيًا أيضًا، فقد هاجم ما وصفه بـ "وعي الجيش"، وانتقد المتحولين جنسيًا، وسعى إلى تصوير الإعلام والمؤسسات الأكاديمية على أنهم خصوم للقادة العسكريين.
وقال هيجسيث إن الجامعات النخبوية لن تفهم الجيش، وإن وسائل الإعلام ستشوّه صورته لأنها تعتمد على حماية العسكريين.
أوضحت الشبكة أن تصريحات ترامب وهيجسيث عمّقت القطيعة بين المؤسسة العسكرية والسياسة، وأثارت مخاوف من محاولات تسييس الجيش. وأشارت إلى استطلاع رأي أجرته "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية سيينا، أظهر أن عددًا كبيرًا من الناخبين يخشون استخدام ترامب للقوات لترهيب خصومه أكثر من خشيتهم من تصاعد الجريمة دون وجود الحرس الوطني.
ورغم ذلك، واصل ترامب خطابه الذي اعتبرته الشبكة مشهدًا يهدف إلى ضمان عدم تكرار مواقف مثل موقف اللواء شيرمان، حيث قال للحاضرين: "إذا كنت تريد التصفيق، صفق"، مضيفًا ساخرًا: "إن لم يعجبك كلامي فاخرج من الغرفة، بالطبع ستُفقد رتبتك وسيُفقد مستقبلك".