في ظل مخاوف متزايدة من تراجع المخزونات وتزايد الطلب العالمي، تسابق وزارة الدفاع الأمريكية الزمن لتأمين ترسانة صاروخية كافية استعدادًا لأي صراع محتمل مع الصين، خاصة بعدما استعرض التنين أسلحته أمام أنظار العالم في 3 سبتمبر من الشهر الجاري.
وكشفت مصادر مطلعة لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن البنتاجون أطلق خطة عاجلة تهدف ربما إلى أربعة أضعاف معدلات إنتاج 12 منظومة صاروخية حيوية، من بينها صواريخ "باتريوت" الاعتراضية، و"ستاندرد ميسايل-6"، وصواريخ "الضربة الدقيقة".
اجتماعات طارئة
وقاد نائب وزير الدفاع الأمريكي، ستيف فاينبرج، ما يعرف بـ"مجلس تسريع إنتاج الذخائر"، حيث يجري اتصالات أسبوعية مع كبار التنفيذيين في شركات مثل لوكهيد مارتن، ورايثيون، وبوينج، إضافة إلى شركات ناشئة مثل "أندوريل".
وفي يونيو الماضي، جمع البنتاجون مسؤولين تنفيذيين مع وزير الدفاع بيت هيجسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين لإطلاق خطة مضاعفة الإنتاج، وسط مشاركة موردين رئيسيين لقطع الغيار مثل وقود الصواريخ والبطاريات، وفق الصحيفة.
معضلات التمويل والقدرة الإنتاجية
رغم الدعم السياسي من إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي خصصت 25 مليار دولار إضافية للذخائر على مدى خمس سنوات، يشير محللون للصحيفة إلى أن تحقيق الأهداف يتطلب عشرات المليارات الأخرى. إذ يستغرق تجميع الصاروخ الواحد عامين كاملين، فيما يحتاج إدخال موردين جدد إلى أشهر طويلة من الاختبارات المكلفة.
وكتب كريستوفر كاليو، الرئيس التنفيذي لشركة RTX، في رسالة إلى البنتاجون أن الشركات مستعدة للتوسع، لكنها تحتاج إلى التزامات مالية واضحة وبرامج طويلة الأجل لتفادي المخاطر.
دروس أوكرانيا
وبحسب "وول ستريت جورنال" دقت الحرب الروسية الأوكرانية ناقوس الخطر لدى واشنطن لتكشف مدى هشاشة سلاسل التوريد الدفاعية. وقد واجهت إدارة الرئيس السابق جو بايدن سابقًا صعوبات في تلبية الطلب على صواريخ "باتريوت" الباهظة، التي استُخدمت بكثافة في الدفاع عن أوكرانيا.
وتفاقم الضغط على الترسانة الأمريكية أخيرًا بعد إطلاق مئات الصواريخ المتقدمة في المواجهة العسكرية القصيرة بين إسرائيل وإيران.
تحركات الشركات المصنعة
وحصلت شركة "لوكهيد مارتن" على عقد يقارب 10 مليارات دولار لإنتاج نحو 2000 صاروخ "PAC-3" بحلول 2026، وتخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية بما يتجاوز الأهداف المعلنة.
فيما وسّعت شركة "بوينج" منشآتها بمساحة 35 ألف قدم مربع لتجميع وحدات الصواريخ، وتعمل على إزالة "اختناقات" في إنتاج باحثات صواريخ باتريوت.
واستثمرت نورثروب جرومان أكثر من مليار دولار مسبقًا في خطوط إنتاج محركات الصواريخ الصلبة، استعدادًا لمضاعفة الإنتاج في غضون أربع سنوات.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الهدف النهائي يتمثل في توفير مخزون كافٍ لحماية القواعد الأمريكية وحلفائها في المحيط الهادئ، وهو ما يجعل هذه الجهود مرتبطة مباشرة بالاستعداد لمواجهة محتملة مع الصين.
وقال الخبير العسكري توم كاراكو من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن "الشركات لا تستطيع المخاطرة دون عقود مضمونة"، مضيفًا أن "نجاح الخطة يعتمد على التزامات مالية واضحة وليس مجرد وعود".
وأكد وزير الجيش الأمريكي دانيال دريسكول هذا الشهر أن البنتاجون سيطلق قريبًا تغييرات جوهرية في سياسات الشراء، تهدف إلى تبسيط الإجراءات وتسريع العقود مع الشركات الدفاعية.