في حين يواصل الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المستمر على غزة منذ عامين، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيانين نتنياهو، محاولاته اليائسة لصرف نظر المجتمع الدولي عن ارتكاب الإبادة الجماعية بحق المدنيين في القطاع، واتهام حماس بسرقة المساعدات الإنسانية.
خلال كلمته اليوم الجمعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، زعم نتنياهو أن إسرائيل لا تتعمد قتل المدنيين، وادعى قائلًا: "إذا كنا نريد ارتكاب إبادة جماعية في مدينة غزة لما طلبنا من المدنيين مغادرتها".
وزعم نتنياهو أن إسرائيل هي من يقدم الغذاء لسكان غزة، وأن حركة حماس هي التي تسرق المساعدات وتمنع سكان مدينة غزة من مغادرتها وتهددهم، على عكس الواقع الذي كشفته العديد من التقارير الأممية والمنظمات الإنسانية.
محاولة لصرف النظر
من جهته، قال أستاذ القانون الدولي الإنساني منير نسيبة إن نتنياهو حاول في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يصرف أنظار العالم عن الجرائم التي يرتكبها في قطاع غزة، وكذلك جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية عن طريق الكثير من الكذب، واصفًا ذلك بأنها محاولات يائسة، لأنه لا يستطيع الكذب على المجتمع الدولي طوال الوقت كما لا يستطيع إخفاء الحقيقة.
فيما أشار مدير مركز القدس للدراسات الدكتور أحمد رفيق عوض، أنه في نهاية المطاف، كلمة نتنياهو تأتي أمام كلمة لجان تحقيق دولية ومقررين أممين مستقلين وتقارير من منظمات حقوقية أنه يرتكب الإبادة الجماعية.
ارتباك وتناقض
ووصف عوض، كلمة نتنياهو بالمرتبكة والمتناقضة وبأنها تحمل الكثير من الأكاذيب الواضحة، في خطاب تبريري ضعيف لم يأت بأي جديد، حسبما قال لموقع "القاهرة الإخبارية".
وأوضح عوض أن نتنياهو حاول التشبث بالمقولات المعتادة لإسرائيل التي تصر على أنه ليس هناك إبادة جماعية في غزة وأن القطاع لا يعاني من التجويع وأن حرب إسرائيل على غزة تمثل حرب الدول الغربية على التوحش العربي والإسلامي.
وأضاف: "حتى الإسرائيليون انتقدوا هذا الخطاب، باعتباره أنه لم يكن الكلمة الأهم كما يقولون، إذ إن إطلاق سراح المحتجزين مرتبط بوقف إطلاق النار في غزة وإن لغة الوعيد والتهديد لم تأتي بأي نتائج".
مهزوم من الحرب
من جهته، صرح الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور واصل أبو يوسف، أن نتنياهو عكس دور المهزوم في اجتماع الجمعية العامة عندما أصبحت القاعة فارغة إثر انسحاب الوفود عند اعتلائه المنصة، وبقي هو ومن جلبه معه لتأييده بالتصفيق.
وقال "أبو يوسف"، خلال حديثه مع موقع "القاهرة الإخبارية"، إن "نتنياهو تحدث على أنه يحارب على 7 جبهات وهو الأمر لا يعد سوى محض الكذب التام، لأنه المسؤول على الإرهاب في المنطقة من خلال القصف الذي يستهدف لبنان وسوريا واليمن وأخيرًا في قطر".
منبوذ من المجتمع الدولي
وفقًا لـ"نسيبة"، كان خروج أغلب الوفود في الأمم المتحدة من القاعة حين ألقى نتنياهو كلمته بليغًا، وكذلك عبرت المظاهرات التي غطت شوارع نيويورك وصولًا إلى مقر الأمم المتحدة والتي اعترض من خلالها المتظاهرون على وصوله إلى الأمم المتحدة وإلقاء كلمة.
وفي حين قال عوض إن نتنياهو بدرك تمامًا أن حكومة الاحتلال أصبحت دولة منبوذة من العالم، أشار أبو يوسف إلى صحوة المجتمع الدولي، بعد أن شعر أن هذه الحكومة المتطرفة تزعزع الأمن في المنطقة، بانتهاكات لا تقتصر أصداءها فقط على صعيد الدول المجاورة بل تمتد على العالم أجمع.
أكد عوض على أن العالم قال كلمته عندما صعد نتنياهو على المنصة، وانسحبت أغلبية وفود الدول في رسالة قوية أن العالم "ضاق ذرعًا بسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين".
الاعتراف بفلسطين
يرى أبو يوسف أن اعتراف العديد من دول الغرب -أحدثها بريطانيا وكندا وأستراليا بفلسطين مستقلة- خلق لدى نتنياهو حالة من التشويش، إذ إن هذه هي الدول التي كانت تسانده في بداية الحرب، واليوم يحدث ما هو عكس ذلك تمامًا.
وأضاف: "يتحدث نتنياهو عن أنفاق فوق الأرض وتحتها بهدف تدمير المزيد من الأبراج في مدينة غزة وتسويتها بالأرض، وهو يسعى لتهجير الشعب الفلسطيني".
أكد أبو يوسف أنه لا رغبة لنتنياهو في السلام، ولا أن يكون هناك دولة فلسطينية ولا حقوق للشعب الفلسطيني، موضحًا: "هو فقط يريد استمرار الحرب والعدوان، إيمانًا منه بأن ذلك هو السبيل الوحيد الذي يتوافق مع مصالحه الشخصية".
أما نسيبة، فاستنكر أنه حتى هذه اللحظة للأسف الشديد، لا يزال يستطيع نتنياهو أن يصل إلى الأمم المتحدة ويتحدث وينشر الأكاذيب، ويظهر للعالم أنه لدية القوة لتغيير الشرق الأوسط، في حين أن مكانه الطبيعي هو المحاكم الدولية وخلف قطبان السجون.