اقترح رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير قيادة سلطة حكم انتقالية في غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وفقًا لتقارير تناقلتها الصحف الغربية.
كان بلير، الذي شغل منصب المبعوث الخاص للشرق الأوسط بعد مغادرته داونينج ستريت، يعمل بصفة شخصية منذ أشهر على الترويج لخطة لإنشاء وصاية دولية لحكم غزة بمجرد انتهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ قرابة العامين.
وحضر بلير اجتماعًا في البيت الأبيض الشهر الماضي لمناقشة خطط ما بعد الحرب للقطاع المحاصر مع جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره في شؤون الشرق الأوسط خلال فترة ولايته الأولى.
تتضمن الخطة، التي وضعها معهد توني بلير، إنشاء إدارة مؤقتة تسمى "السلطة الانتقالية الدولية في غزة". ستنشأ هذه السلطة تحت رعاية الأمم المتحدة، وستكون بمثابة السلطة الحاكمة في غزة بعد الحرب لعدة سنوات قبل نقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية.
وأفادت التقارير أن بلير، البالغ من العمر 72 عامًا، عرض رئاسة الهيئة المؤقتة بشرط أن تعود السلطة في نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية. ووفقًا لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية، فإن بلير مستعد لتكريس وقته لتنفيذ الاقتراح.
حظيت المبادرة بدعم كوشنر وستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، وقد عرض الاثنان الخطة خلال اجتماع مع ترامب في البيت الأبيض في 27 أغسطس. وأيد ترامب الفكرة، ثم طرحها لاحقًا خلال مناقشات مع قادة بعض الدول العربية والإسلامية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. ونُقل عنه قوله: "ربما نستطيع إنهاء الحرب الآن".
تشير مسودات خطة السلطة الانتقالية الدولية في غزة إلى أن الهيئة ستكون بمثابة "السلطة السياسية والقانونية العليا لغزة" خلال الفترة الانتقالية. وسيضم المجلس مسؤولين كبارًا من الأمم المتحدة، وقادة أعمال دوليين، وممثلًا فلسطينيًا واحدًا على الأقل، وممثلًا إسلاميًا، دون الدعوة إلى تهجير سكان غزة.
وأشارت استطلاعات للرأي أجراها معهد توني بلير إلى أن أكثر من 25% من سكان غزة يؤيدون شكلًا من أشكال التدخل الدولي في الحكم بعد الحرب، بينما يؤيد نحو الثلث دور السلطة الفلسطينية.
صرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أمس الخميس، بأن السلطة الفلسطينية "مستعدة" لتولي مسؤولية الحكم والأمن في غزة. فيما دعت حماس إلى بعض التمثيل في الأدوار غير العسكرية، بما في ذلك التعليم.
وأفادت مصادر لمجلة "الإيكونوميست" أن النموذج المقترح مستوحى من الإدارات الدولية المستخدمة في تيمور الشرقية وكوسوفو، مع احتمال أن يكون مقر السلطة في العريش بمصر، بالقرب من الحدود الجنوبية لغزة.
ووفقًا للتقارير، منح ترامب بلير أسبوعين لطلب الدعم الإقليمي للخطة، مع التركيز على تأمين الدعم من المملكة العربية السعودية.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عن مصدر مطلع على الخطط أن بلير يرغب في الانضمام إلى مجلس الإشراف، بينما قال مصدر آخر إنه طُرح عليه منصب رئيس مجلس إدارة "السلطة الانتقالية الدولية في غزة".
ولفتت الصحيفة إلى أن دولًا أوروبية وعربية عارضت فكرة الوصاية الدولية، معتبرة أنها ستهمش الفلسطينيين وتفقدهم الشرعية في نظر سكان غزة، مؤكدة أن غزة يجب أن تدار من قبل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين بموافقة السلطة الفلسطينية.
وتتضمن مقترحات ترامب عناصر من خطط أوروبية وعربية مختلفة، منها تشكيل لجنة فلسطينية لإدارة القطاع بإشراف دولي، ونشر قوة استقرار دولية للمساعدة في إدارة الأمن. كما تنص خطة الرئيس على عدم وجود تهجير قسري لسكان غزة.
وعبّر مسؤولون عرب عن تفاؤلهم بالخطة بعد اجتماعهم مع ترامب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء الماضي. وبموجب مقترحات ترامب، ستسعى الولايات المتحدة إلى وقف إطلاق نار دائم مع إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين لدى حماس، ويُعتقد أن نحو 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة.
وأفادت المصادر بأن القوات الإسرائيلية في غزة ستعيد انتشارها إلى المواقع التي احتلتها خلال وقف إطلاق نار مؤقت بين يناير ومارس، ثم تنسحب بالكامل من القطاع بمجرد تشكيل قوة لحفظ الاستقرار.
ولن يكون لحماس أي دور في حكم القطاع. وستشارك السلطة الفلسطينية في عملية الانتقال، لكن الدول العربية والإسلامية ترغب في توسيع دورها، بحسب مصادر مطلعة على خطة ترامب.
وقالت "فاينانشال تايمز" إن الاختبار الحقيقي لنجاح الخطة سيكون رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يلتقي الرئيس الأمريكي في واشنطن الاثنين المقبل. فقد انتهك نتنياهو آخر وقف لإطلاق النار في مارس الماضي، وشن في الأسابيع الأخيرة هجومًا جديدًا على مدينة غزة، أكبر مراكز القطاع، كما رفض مرارًا أي دور للسلطة الفلسطينية.
وقد يشكل رده على خطة ترامب اختبارًا لعزم الرئيس الأمريكي على الضغط على إسرائيل لإنهاء هجومها على غزة، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
وصرح ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي أمس الخميس، بأنه أجرى "محادثة جيدة جدًا" مع نتنياهو وقادة آخرين في الشرق الأوسط، مؤكدًا أنه "يقترب كثيرًا من التوصل إلى اتفاق بشأن غزة". وأضاف: "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية"، مشيرًا إلى أنه أبلغ نتنياهو بذلك.