بينما تتواصل آلة قتل إسرائيلية لا هوادة فيها في غزة، وتشتد وطأة الحرب، خرجت إيطاليا لتشهد واحدة من أوسع موجات التضامن الشعبي مع الشعب الفلسطيني في أوروبا.
نقابات عمالية كبرى، وموانئ مغلقة، وشوارع تعج باللافتات المنددة، وجامعات تتحول إلى ساحة صراع سياسي وفكري، وغيرهم التقت أصواتهم على شعار واحد: "أوقفوا القتل في غزة".
مظاهرات في 75 مدينة
أعلنت النقابات العمالية في إيطاليا عن إضراب عام استمر 24 ساعة؛ تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، وتزامن الإضراب مع مظاهرات في 75 مدينة إيطالية، أدت إلى شلل كامل في وسائل النقل العام في مناطق عديدة، وفق صحف محلية إيطالية.
وشهدت جامعة تورينو اشتباكات بين الطلاب على خلفية الاحتجاجات، فيما بث موقع "واي نت" الإسرائيلي مشاهد مباشرة من تظاهرة حاشدة في العاصمة روما.
وفي ميناء جنوة شمال إيطاليا، أغلق العمال الطرق المؤدية إليه، معلنين رفضهم أن تكون إيطاليا "نقطة عبور للأسلحة إلى إسرائيل"، ورُفعت الأعلام الفلسطينية، وهتف المتظاهرون بشعارات ضد إسرائيل.
وخرج عشرات الآلاف إلى الشوارع في المدن الكبرى، رافعين لافتات كُتب عليها "من أجل تحرير فلسطين" و"إسرائيل الإرهابية"، أما في روما، فقد دوّى الهتاف المركزي: "أوقفوا القتل في غزة".
بالتوازي مع الاحتجاجات، أصيبت خدمات النقل العام بالاضطراب، وتوقفت بعض خطوط القطارات أو تعطلت بشكل شبه كامل؛ مما أدى إلى اختناقات مرورية ضخمة في المدن.
موقف الحكومة الإيطالية
وقلل وزير النقل الإيطالي ماتيو سالفيني من شأن الاحتجاجات، زاعمًا أنها من تنظيم "نقابات يسارية متطرفة"، كما أُغلقت عدة مدارس نتيجة الإضراب الذي دعت إليه النقابات تضامنًا مع الفلسطينيين.
وقال السفير الإسرائيلي في روما جوناثان بيليد: "النزول إلى الشوارع من أجل السلام خيار نبيل، لكن عندما تكون المظاهرات منحازة ولا تراعي مخاوف الطرف الآخر، فإنها تتحول إلى منصة للدعاية السياسية التي قد تخدم حماس".
وأضاف: "من المؤسف أن يتم تجاهل معاناة الإسرائيليين وأرواح المحتجزين بالكامل خلال هذه المظاهرات".
في جامعة بيزا، اقتحم عشرات الإيطاليين المؤيدين للفلسطينيين محاضرة للأستاذ رينو كاسيلا، الداعم لإسرائيل، الذي وصفوه بـ"المحاضر الصهيوني"، ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية، وهاجموا إسرائيل لفظيًا، ثم اعتدوا جسديًا على كاسيلا بعد أن حاول تهدئة الوضع.
ونُقل المحاضر إلى المستشفى، حيث شُخصت إصابته بكدمة في الرأس وجروح في ذراعه. وقال وفق صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية: "دخلوا القاعة، أخذوا الميكروفون والكتاب من يدي فقط لأنه يحمل علمًا أمريكيًا صغيرًا، ونعَتوني بالإمبريالي القذر أمام الجميع".
جامعة تورينو
في جامعة تورينو، قاطع متظاهرون محاضرة للبروفيسور الإسرائيلي بيني زوريا من الكلية الأكاديمية للهندسة في براودا، واتهموه بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم تقنيات التعرف على الوجوه لفرض "نظام الفصل العنصري".
وأوضح "زوريا" أنه خدم سابقًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أثار ضجة كبيرة، وأعلنت إدارة الجامعة إنهاء التعاون معه فورًا. وقال رئيس الجامعة ستيفانو كورنيتي: "قررت وقف عمله بعد تصريحاته غير المقبولة، الجامعة تدين جميع أعمال العنف في الحرب، وتحتج على المجازر بحق المدنيين في غزة".
اعترافات دولية مُتزايدة
وأعلنت المملكة المتحدة، أستراليا، كندا، والبرتغال أمس الأحد الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية، فيما تستعد فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى لاتخاذ الخطوة نفسها.
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انتقد بشدة هذه الاعترافات، مدعيًا أنها "تكافئ حركة حماس"، أما الولايات المتحدة، فقد أكدت رفضها القاطع لأي تحرك من هذا النوع.
وبحسب شبكة سي إن إن الأمريكية، فإن فلسطين تعيش وضعًا معقدًا، فهي تحظى باعتراف واسع وتمثيل رياضي ودبلوماسي، لكنها تفتقر إلى مقومات الدولة الكاملة: حدود متفق عليها، جيش، وسيادة على أراضيها، الضفة الغربية لا تزال تحت الاحتلال المباشر، بينما تعيش غزة حربًا مدمرة.