وسط حرب إبادة جماعية لا هوادة فيها لقطاع غزة المحاصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، قررت حركة حماس الفلسطينية طرق باب غير تقليدي، وهو البيت الأبيض الأمريكي.
فبحسب ما نقلته "قناة فوكس نيوز" عن مصادر رفيعة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فتستعد الحركة لتسليم رسالة شخصية إلى ترامب، تعرض فيها وقف إطلاق نار مدته 60 يومًا، مقابل إطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين.
تفاصيل المبادرة
وذكرت "فوكس نيوز"، استنادًا إلى مسؤول كبير في إدارة ترامب ومصدر آخر مشارك في المحادثات، أن الرسالة التي ستوجهها حماس إلى ترامب موجودة حاليًا بيد الوسطاء القطريين.
وحسب ما ذكرت القناة الأمريكية، تأمل أوساط في إدارة ترامب أن تمثل هذه المبادرة فرصة لإعادة إطلاق المحادثات المتعثرة منذ الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، والذي استهدف قادة بارزين من الحركة.
وحسب "يديعوت أحرنوت" العبرية، فإن حماس بهذا المطلب قد عادت إلى العرض الذي قدمه في مايو الماضي ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ما يُعرف بـ "مخطط ويتكوف"، الذي ينص على إطلاق سراح نصف المحتجزين مقابل هدنة مؤقتة تمتد لشهرين، شريطة أن يضمن ترامب شخصيًا التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار.
الموقف الإسرائيلي
أوضحت "يديعوت أحرنوت" أن إسرائيل رفضت مرارًا أي اتفاق جزئي، وأصرت على أن يشمل أي تفاهم عملية الإفراج عن جميع المحتجزين دفعة واحدة، رافضة أي صيغة تدريجية. ولم يشر التقرير إلى عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بهم حماس، ولا إلى ما إذا كانت هناك مطالب إضافية إلى جانب الهدنة.
ومنذ الهجوم الإسرائيلي على قطر، الذي استهدف قادة حماس خلال نقاشهم لمقترح أمريكي سابق، توقفت المحادثات. ووفقًا للوسيط الأمريكي الفلسطيني بشارة بحبح، الذي لعب دورًا في صفقة إطلاق سراح عيدان ألكسندر، فإن "صفقة كانت جاهزة للتوقيع عشية الهجوم، لكنها أُحبطت بسبب القصف".
روايات متباينة
بحسب المعلومات الإسرائيلية الأخيرة، تحتجز حماس 20 محتجزًا على قيد الحياة، فيما يُعد مصير اثنين آخرين غير واضح، ويُعتبر 26 محتجزًا آخرين قتلى. في المقابل، صرّح ترامب الأسبوع الماضي بأن الأعداد أكبر، مشيرًا إلى أن هناك "ما يقرب من 40 قتيلًا"، وأن الكثيرين يموتون في "الأنفاق المروعة"، على حد وصفه.
غير أن إسرائيل أكدت مرارًا أن المعطيات لم تتغير. وفي الشهر الماضي، أثار ترامب جدلًا جديدًا عندما زعم أن عدد المحتجزين الأحياء أقل من 20 بعد قصف مستشفى النصر في خان يونس، وهو ما نفته مصادر سياسية إسرائيلية جملة وتفصيلًا.
اعترافات بالدولة الفلسطينية
في سياق متصل، أعلنت كل من المملكة المتحدة وأستراليا وكندا والبرتغال اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، فيما تستعد فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى لاتخاذ الخطوة نفسها خلال الأيام المقبلة.
وهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه القرارات بشدة، معتبرًا أنها "تكافئ إرهاب حماس الوحشي"، أما الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لتل أبيب، فأكدت رفضها القاطع لأي تحرك دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية في هذه المرحلة.
إصرار نتنياهو على الحرب
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة الماضية، إن "الحرب على غزة مكلفة للغاية وتدفع إسرائيل ثمنًا باهظًا"، لكنه شدد على أن الحكومة الإسرائيلية "لن تتراجع عن المسار الذي اختارته"، مؤكدًا استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق كافة الأهداف.
وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام عبرية خلال زيارته مقر القيادة الجنوبية للجيش، أضاف نتنياهو: "نوجّه لحماس ضربات قوية، وسنواصل حتى القضاء على قدرتها العسكرية بالكامل، وضمان عدم عودتها مرة أخرى"، مشيرًا إلى أن "إعادة المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة لا تزال في صدارة أولويات الحكومة".
ميدانيًا، تواصل القوات الإسرائيلية اجتياحها البري لعدة أحياء في مدينة غزة، خاصة حي الزيتون والشجاعية، مستخدمة كثافة نارية عالية وقصفًا جويًا ومدفعيًا متواصلاً، إلى جانب تفجير المنازل بالعبوات الناسفة عبر روبوتات أرضية مسيّرة.