من المستبعد أن ينجح جيش الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على الجناح العسكري لحركة حماس، خلال اجتياح مدينة غزة في العملية المعروفة بـ"عربات جدعون 2"، وفق ما خلصت إليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها.
واستهلت الصحيفة تقريرها بأن الجيش الإسرائيلي قتل الآلاف من مقاتلي حماس في غزة، ودمر مخزوناتها من الأسلحة وجزءًا كبيرًا من شبكة الأنفاق تحت الأرض. وأجبر هذا الهجوم الجناح العسكري المنهك لحماس على تغيير سياسته. فبعد أن كان جيشًا منظمًا، تحول إلى مجموعات مقاتلة متفرقة، تركز على التحصين والصمود في وجه الحرب، بينما تنصب الكمائن للجنود الإسرائيليين.
ونقلت الصحيفة ما قاله وسام عفيفة، المدير التنفيذي السابق لقناة الأقصى الفضائية التابعة لحماس: "على الأرض، لم تعد هناك معاقل ثابتة لحماس بالمعنى العسكري التقليدي. ما تبقى اليوم هو خلايا مقاومة صغيرة ومتحركة تقاتل بأسلوب حرب العصابات".
مع ذلك، ذكرت الصحيفة أن حماس لا تزال قوة فلسطينية نافذة في غزة. وقد بدأت القوات الإسرائيلية اجتياحًا بريًا شاملًا لمدينة غزة مساء الاثنين الماضي، في عملية يأمل المسؤولون أن تؤدي إلى تدمير الحركة.
وتعد العملية محفوفة بالمخاطر، حيث يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين في المنطقة، غير قادرين أو غير راغبين في الفرار إلى مناطق مكتظة بالسكان وتفتقر إلى الموارد.
في ساحة المعركة، اعتمدت حماس استراتيجية شن هجمات خاطفة، بدلًا من الاشتباك المباشر مع القوات الإسرائيلية، التي تتمتع بتفوق عسكري كبير، وقد دأبت الحركة على زرع المتفجرات تحت الطرق، وفي المباني السكنية، وعلى المركبات العسكرية الإسرائيلية، وفقًا لمسؤولين أمنيين إسرائيليين.
وفي الأشهر الأخيرة، نشرت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحماس مقاطع فيديو لمقاتلين بزي مدني يقتربون من دبابات وناقلات جند مدرعة وجنود قبل إطلاق النار عليهم ثم الفرار.
منذ يناير، قتل حوالي 70 جنديًا إسرائيليًا في معارك بغزة، وفقًا لجيش الاحتلال. وفي الأسبوع الماضي، صرح المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، بأن حماس لم تعد قادرة على شن هجوم آخر مثل هجوم 7 أكتوبر 2023.
ولا تمتلك حماس أيضًا القدرة على إطلاق وابل من الصواريخ على نطاق واسع على إسرائيل، كما فعلت بشكل روتيني في الأيام الأولى من الحرب، أو صد تقدم الجنود الإسرائيليين، وفقًا لمسؤولين أمنيين إسرائيليين حاليين وسابقين.
العدد الدقيق للمسلحين المتبقين في غزة غير واضح، وتقدر أجهزة الأمن الإسرائيلية وجود حوالي 15 ألف مسلح متبق في القطاع، وفقًا لشالوم بن حنان، المسؤول الكبير السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، والمطلع بانتظام على مجريات الحرب، وفق الصحيفة الأمريكية.
قبل بدء الهجوم الإسرائيلي الشامل على مدينة غزة، ألمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى أن هزيمة حماس باتت في المتناول، وهو ادعاء ردده مرارًا طوال الحرب، لكن محللين عسكريين يستبعدون أن توجه العملية الإسرائيلية الجديدة ضربة قاضية للحركة.
قال مايكل ميلشتاين، ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية متخصص في الشؤون الفلسطينية: "من السذاجة الاعتقاد بأن إسرائيل قادرة على القضاء على حماس في وقت قصير، فالأمر ببساطة لا يسير على هذا النحو".
ومع تقدم إسرائيل نحو مدينة غزة، ترجح "نيويورك تايمز" أن تتشتت معظم القوة القتالية المتبقية لحماس إلى مناطق أخرى من غزة. وتشير الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يحاول الاستيلاء على تلك المناطق أيضًا، لكن مسؤولين أمنيين قالوا إن منع حماس من استعادة موطئ قدم سيتطلب سنوات من القتال.
ومع تقدم القوات الإسرائيلية في مدينة غزة، أمس الأول الخميس، قال الجناح العسكري لحماس في بيان إنه أعد "جيشًا من المقاتلين الانتحاريين وآلاف الكمائن".
لكن بعض المحللين الفلسطينيين يعتقدون أن كلًا من حماس وإسرائيل بالغتا في تقدير قوة الحركة لخدمة مصالحهما الخاصة.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن محمد الأسطل، وهو محلل مقيم في جنوب غزة، إن حماس تستعرض قوتها للضغط على إسرائيل لقبول اتفاق لإنهاء الحرب، وقال إن إسرائيل تصور حماس كعدو خطير، متخذة ذلك ذريعة لتدمير القطاع وتهجير سكانه.
قال الأسطل: "ما تمارسه إسرائيل على الأرض يتجاوز القضاء على حماس، هناك انطباع عام لدى الفلسطينيين بأن إسرائيل تريد القضاء على غزة وشعبها".