مخرج العمل: أنتج العام الماضي واستشرف خطورة الأزمة
شهد مهرجان بغداد السينمائي الدولي عرض فيلم التحريك "نابو" للمخرج العراقي حسين العكيلي، الذي تناول بجرأة أزمة المياه الراهنة في العراق، مسلطًا الضوء على التداعيات الخطيرة لجفاف نهري دجلة والفرات، وما خلّفه من آثار مدمّرة طالت الإنسان والحيوان والبيئة.
في حديث خاص لموقع "القاهرة الإخبارية"، أوضح المخرج حسين العكيلي أن اختيار اسم الفيلم لم يكن عشوائيًا، بل جاء من رمزية إله العدل في الحضارة البابلية نابو، ليكون عنوانًا يعكس جوهر العمل ورسائله.
وأشار إلى أن الفيلم أُنتج العام الماضي، أي قبل عام من تفاقم الأزمة، وكأنه تنبأ بالواقع المأساوي الذي يعيشه العراقيون اليوم، وقد تكلف نحو 8 آلاف دولار.
وقال العكيلي: "الفيلم أُنتج قبل عام، واليوم العراق يعيش أزمة مياه سبق أن استشرفها العمل. قطع المياه نتيجة بناء السدود أدى إلى جفاف الأنهار داخل الأراضي العراقية، وهو ما أضرّ بشكل مباشر بالثروة الحيوانية والسمكية، وانعكس على حياة المواطنين جميعًا".
رمزية تعكس المأساة
كشف المخرج أن الفيلم اعتمد الأسلوب السريالي، ليحمل رموزًا بصرية عميقة تجسّد التحولات الكارثية التي يشهدها العراق. وأضاف: "تناولتُ في العمل أزمة المياه، نفوق الحيوانات، اندثار ما تبقى من الحضارة البابلية، وتحوّل الإنسان إلى كائن بلا ملامح يرتدي فقط الكمامة. الفيلم يعكس جفاف الأنهار وتحول المزارع إلى أراضٍ عطشى، ونفوق الأسماك التي كانت رمزًا للحياة. لقد أردنا أن نؤكد أن رسالة السينما هي أن تستشرف الأحداث وتوعّي الناس بالمخاطر المقبلة".
العودة إلى الجذور وحضارة نابو
وتابع العكيلي موضحًا أن انطلاقة الفيلم جاءت من مدينة نابو التي ارتبطت بعودة الجذور، ومنها انطلقت الحضارة العراقية العريقة.
وأردف: "من هذه المدينة، التي يُعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم عليه السلام، وفقًا للروايات، انطلقت رسالة الفيلم. السينما برأيي وسيلة قادرة على تسليط الضوء على القضايا الكبرى التي تهدد المجتمعات، وكيف يُمكن للفن أن يستبق الكوارث وينبه لخطرها قبل وقوعها. وأزمة المياه ليست قضية عابرة، بل هي أساس الحياة وركيزة وجودنا جميعًا".
تحذير فني من كارثة وجودية
قدّم حسين العكيلي عبر فيلم "نابو" تجربة سينمائية مختلفة، جمعت بين الفن والرمزية والتحذير من كارثة وجودية تهدد العراق، ليبرهن أن السينما ليست مجرد أداة ترفيهية، بل قوة ناعمة قادرة على استشراف المستقبل وتنبيه الشعوب لمواجهة أزماتها قبل فوات الأوان.