الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

قريبة من النووي الصيني.. ترامب يخوض "اللعبة الكبرى" مع بكين بقاعدة "باجرام" الأفغانية

  • مشاركة :
post-title
قاعدة "باجرام" الأفغانية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في مشهد يعيد رسم ملامح التنافس العالمي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة تعمل على استعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية بأفغانستان من حركة طالبان، في خطوة وصفها مراقبون بأنها جزء من "اللعبة الكبرى" الجديدة في آسيا الوسطى، لمواجهة الطموحات النووية الصينية ومبادرة "الحزام والطريق".

ترامب، الذي تحدث بلهجة حادة ضد إدارة الرئيس جو بايدن، أكد أن الانسحاب الأمريكي عام 2021 كان "كارثيًا"، مشيرًا إلى أن باجرام تُعدّ "أصلًا إستراتيجيًا" لأنها تقع على بُعد أقل من ساعة من مواقع التصنيع النووي الصينية.

أكبر منشأة عسكرية أمريكية

القاعدة، التي تبعد 60 كيلومترًا شمال كابول، كانت لسنوات أكبر منشأة عسكرية أمريكية في أفغانستان، خلال الحرب على الإرهاب، شكلت قلب العمليات الجوية والبرية ضد طالبان والمتمردين، ومركزًا لوجستيًا ومخابراتيًا بالغ الأهمية.

مدرجها الطويل القادر على استقبال القاذفات العملاقة، وموقعها قرب طرق إستراتيجية مثل نفق سالانج، جعلا منها بوابة للتحكم في شمال البلاد ونقطة مراقبة حيوية لجنوب ووسط آسيا.

بعد انسحاب واشنطن في 2021، سيطرت طالبان على القاعدة، لتتحول من "رمز القوة الأمريكية" إلى "ورقة مساومة" في مفاوضات دولية معقدة.

مفاوضات سرية

وفقًا لتقارير "ذا إيكونوميك تايمز"، بدأت محادثات غير معلنة، مارس 2025 لاستعادة القاعدة، واستكشف فريق الأمن القومي الأمريكي، بتوجيه من ترامب، سبل إعادة الوجود العسكري، رغم تعقيد الموقف بسبب اتفاق الدوحة لعام 2020، الذي نص على انسحاب أمريكي كامل.

ولمح ترامب إلى أن طالبان "بحاجة إلى أشياء من الولايات المتحدة"، ما يفتح الباب أمام صفقات محتملة تشمل مساعدات أو اعتراف سياسي مقابل السماح بعودة أمريكية إلى باجرام، لكن رد طالبان لا يزال غامضًا، والتفاصيل الدقيقة لم تُعلن بعد.

تنافس صيني

تُعتبر مقاطعة شينجيانج غرب الصين قلب التوترات النووية، فهي تضم حقول صوامع للصواريخ وموقع التجارب الشهير في لوب نور، إذ تشير تقارير وصور أقمار صناعية إلى أن بكين تبني مئات الصوامع الجديدة استعدادًا لتعزيز ترسانتها.

وتقول مصادر عسكرية، وفق "ذا إيكونوميك تايمز"، إن الصين تقترب من مضاعفة قدراتها النووية بحلول عام 2030، وهو ما يعزز الحاجة الأمريكية إلى موقع مثل باجرام لمراقبة الأنشطة وتقييد النفوذ الصيني.

"القاعدة تمنح الولايات المتحدة نافذة استخباراتية على التوسعات النووية الصينية، وموقعًا متقدمًا للتدخل إذا لزم الأمر"، وفق محللين إستراتيجيين تحدثوا لـ"ذا إيكونوميك تايمز".

ولا تقف أهمية باجرام عند حدود التوازن العسكري، فوجودها يلامس مباشرة مشروع الحزام والطريق الصيني، الذي يمر عبر أفغانستان إلى آسيا الوسطى وباكستان.

وتشير تقارير إلى أن بكين تدرس توظيف القاعدة ضمن مشروعاتها الاقتصادية، تحت غطاء البنية التحتية والتنمية، لترسيخ نفوذها، لكن عودة الولايات المتحدة للقاعدة ستشكل عائقًا أمام هذه المساعي، إذ ستوفر لواشنطن أداة ضغط على طرق التجارة والطاقة التي تعتمد عليها الصين.

"اللعبة الكبرى"

استعادة واشنطن لباجرام ستغيّر موازين القوى في المنطقة، بالنسبة إلى باكستان وإيران، ستعتبر عودة القوات الأمريكية تهديدًا مباشرًا، يزيد التوترات ويثير مخاوف من عمليات عسكرية عبر الحدود.

أما بالنسبة إلى الهند، فتُشكل باجرام مكسبًا إستراتيجيًا، إذ تعزز تعاونها مع الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب والهيمنة الصينية.

ويرى محللون أن السيطرة على باجرام لم تعد مجرد ملف أفغاني داخلي، بل أصبحت جزءًا من سباق النفوذ في القرن الحادي والعشرين.

ومن مراقبة النشاط النووي الصيني، إلى موازنة مبادرة الحزام والطريق، مرورًا بمكافحة الإرهاب وضمان الوصول إلى موارد آسيا الوسطى النادرة، تقف القاعدة عند مفترق طرق دولي حساس.

ويخلص تقرير "ذا إيكونوميك تايمز" إلى أن استعادة باجرام تحدد شكل المنافسة المقبلة بين واشنطن وبكين، لتتحول القاعدة الجوية المهجورة إلى حجر الزاوية في صراع جيوسياسي متجدد، حيث الشطرنج العالمي لا يرحم، وكل خطوة محسوبة بعناية.