في مشهد متوتر بعد الهجمات الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة، تحط قدما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في القدس المحتلة، في توقيت بالغ الحساسية، مُعلنًا دعم الولايات المتحدة الأمريكية الكامل لإسرائيل.
وصل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اليوم الأحد، إسرائيل في زيارة رسمية عقب الضربات، التي وجهتها تل أبيب ضد قادة حركة حماس في الدوحة، إذ تأتي محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت أعلن فيه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إخلاء مناطق واسعة في مدينة غزة، موضحًا أن أكثر من ربع مليون من سكان المدينة غادروها، حفاظًا على سلامتهم، ولضمان استمرار المعركة ضد حماس.
وبينما يتبادل المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون رسائل الدعم والتحالف، يشتعل في المقابل النقاش العربي والفلسطيني حول دلالات هذا الحراك، في ظل قمة عربية إسلامية طارئة بالدوحة تبحث الرد على العدوان الإسرائيلي على قطر.
دعم مطلق للاحتلال
من جانبه؛ قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الفلسطينية، في تصريحات لموقع "قناة القاهرة الإخبارية": "اليوم يتضح الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي دون أي حدود، فالأمريكان هم من دعموا الاحتلال لتنفيذ عملية جبانة في الدوحة"، مشيرًا إلى أن بيان البيت الأبيض، الذي أدان ظاهريًا العملية، كان عمليًا مُرحّبًا بها، إذ رحب باغتيالات قادة حماس، وكان هذا واضحًا أيضًا في كلمة ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس الأمن".
وأضاف: "أن روبيو عندما يربط بين الدعم لدولة الاحتلال وبين فتح شهية اليمين المتطرف للتوسع الاستيطاني ومزيد من الحرب، فهذا يعطي دلالة بأن وزير الخارجية الأمريكية لا يختلف عن جي دي فانس نائب الرئيس الأمريكي. فجميعهم سلة واحدة من اليمين الحاكم بأمريكا الذي يدعم اليمين المتطرف في الاحتلال الإسرائيلي".
شو إعلامي
وحول انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للهجمات الإسرائيلية على قطر، قال الرقب: "ليس أكثر من شو إعلامي، لأن هناك دعمًا كبيرًا من أمريكا للاحتلال الإسرائيلي غير مشروط"، مشددًا على "أن الاحتلال لا يجرؤ على قصف دولة بها أكبر قاعدة أمريكية وهي العديد، دون أخذ الإذن من الإدارة الأمريكية".
وأضاف: "نحن في انتظار مخرجات القمة العربية التي ستنتهي غدًا، وستناقش تداعيات الهجوم الإسرائيلي على قطر، وبحث سبل منع تكرار ذلك في قطر أو في دول أخرى"، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي في ظل تهديد مباشر من ممثل الاحتلال بالأمم المتحدة بعد يومين من الضربة الإسرائيلية على الدوحة، حين قال لقطر: "سنضربكم مرة أخرى إذا ظلّت قيادات حماس على أرضكم".
تحديات أمام القمة العربية
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الفلسطينية، أنه بالرغم من أن قطر أوضحت أن وجود قيادات حماس جاء بطلب أمريكي - إسرائيلي، إلا أن هذه الوقاحة في التصرف والكلام تضع تحديات كبيرة أمام القمة العربية الإسلامية، ونأمل أن تخرج القمة بقرارات قادرة على التأثير على المشهد، وأيضًا كبح جماح هذا اليمين الحاكم، وأن تكف يده عن القتل والتجويع في غزة.
واختتم حديثه: "الأمور بلغت ذروتها من حيث حرب الإبادة بغزة"، متابعًا: "اليوم، يُقتل ويُخلع شعب من أرضه بالقوة والسلاح، وهذا السلاح للأسف كان سلاحًا أمريكيًا، مع استمرار الجسور الجوية والبرية التي تنقل الأسلحة والاحتلال من بيئة الولايات المتحدة الأمريكية".
طقوس رمزية
واستهل روبيو وزوجته جانيت زيارتهما إلى الحائط الغربي بالأقصى، وهو يرتدي "الكيباه" - غطاء الرأس لليهود- رفقة نتنياهو وزوجته سارة بتلاوة المزامير وأداء صلاة خاصة للرئيس الأمريكي، وأكدوا خلال الدعاء "أهمية الموقف الأمريكي الثابت بجانب إسرائيل، والمساهمة في أمنها وسلامها الإقليمي".
وفي ختام الزيارة، دوّن روبيو على سجل الزوار: "ليعم السلام هذه الأرض المقدسة والعالم أجمع"، بينما كتب نتنياهو: "من أجل إطلاق سراح محتجزينا، ومن أجل سلامة جنودنا، ومن أجل هزيمة عدونا، ومن أجل الصداقة الشجاعة مع الولايات المتحدة".
وأشاد نتنياهو بزيارة روبيو، معتبرًا أنها "تجسد قوة التحالف الإسرائيلي الأمريكي"، ووصفه بـ"الصديق الاستثنائي"، مضيفًا: "هذا التحالف قوي وصلب مثل حجارة حائط المبكى التي لمسناها للتو".
القمة العربية الإسلامية
في الوقت نفسه، انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأحد، أعمال الاجتماع التحضيري للقمة العربية الإسلامية الطارئة المقرر انعقادها غدًا الاثنين، التي تناقش الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطر، الذي استهدف وفد حركة حماس المشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري، أن انعقاد القمة في هذا التوقيت يعكس التضامن العربي والإسلامي الواسع مع قطر، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقرات سكنية لقيادات حماس.
كما أشار إلى أن القمة تهدف إلى صياغة موقف عربي إسلامي موحد ضد انتهاك السيادة القطرية، مع بحث خيارات التصعيد الدبلوماسي وصولًا إلى مجلس الأمن، بل وحتى إمكانية فرض عقوبات.
تعزيز عزلة إسرائيل
صحيفة معاريف الإسرائيلية رأت أن زيارة روبيو، بالتزامن مع قمة الدوحة، تعكس تناقضات السياسة الأمريكية، فمن جهة ولاء معلن لإسرائيل وأمنها، ومن جهة أخرى مخاوف من أن تؤدي التحركات الإسرائيلية الأحادية إلى عرقلة جهود إطلاق سراح المحتجزين وإنهاء القتال.
ويرى مراقبون، وفق الصحيفة، أن القمة قد تولّد ضغطًا دوليًا إضافيًا على إسرائيل، وستكون نتائجها مرشحة لتعزيز عزلة إسرائيل سياسيًا، بينما تجد واشنطن نفسها أمام اختبار صعب للموازنة بين تحالفها التاريخي مع إسرائيل والحفاظ على تعاونها مع الدول العربية المؤثرة.