يُعلّق الفلسطينيون آمالًا عريضة على القمة العربية غير العادية التي تستضيفها العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الثلاثاء، إذ ينتظرون مخرجات تُلبي تطلعاتهم في فرض مصالحة فلسطينية، واصطفاف عربي خلف الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، وكذلك قرارات حازمة بضرورة إنهاء العدوان على غزة والضفة، وإحياء العملية السياسية لإقامة الدولة الفلسطينية.
أهم القمم في القرن الـ21
اعتبر د. أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني، خلال تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، القمة العربية غير العادية في القاهرة، أهم القمم التي عقدت في القرن الـ21، مُشيرًا إلى أنها تأتي في مرحلة غاية التعقيد، ولا سيما بعد قرار الاحتلال بوقف دخول المساعدات لقطاع غزة.
قال الرقب: "القمة التي ترفع شعار إعمار بلا تهجير تمثل تحديًا كبيرًا جدًا للمخطط الأمريكي الإسرائيلي لتهجير سكان غزة؛ لذلك تأتي القمة في ظروف غاية التعقيد والصعوبة، وننتظر أن تكون مخرجاتها بقدر تلك التحديات".
وأضاف أن الفلسطينيين يترقبون من هذه القمة وضع آلية لإنجاز مصالحة فلسطينية-فلسطينية، وفرض المصالحة على كل الأطراف، مشيرًا إلى أن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية كان بقرار عربي.
وتابع: "الآن نحن بحاجة إلى مصالحة فلسطينية بقرار عربي، وأن تدعو جامعة الدول العربية كل الأطراف الفلسطينية إلى المصالحة وتلزمهم باستراتيجية واحدة حول ترتيب البيت الفلسطيني".
وأعرب الرقب عن تطلع الفلسطينيين إلى خروج القمة العربية بوضع آلية لإعادة إعمار غزة، وكذلك استراتيجية لتحقيق سلام عادل من خلال القوة العربية في الضغط على الأمريكيين، وقال: "نحن نعلم أن العرب بمقدورهم مجتمعين أن يؤثروا في المشهد الدولي بشكل كبير جدًا، وبالتالي يمكن الحديث عن آلية لتغيير الاستراتيجية والرؤية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام".
إجماع عربي حول الخطة المصرية
وأكد الرقب وجود إجماع عربي حول الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة بلا تهجير، وقال: "أعتقد أن الخطة المصرية ستصبح خطة عربية.. العرب موحدون في دعم الخطة المصرية في إعادة إعمار غزة في ظل ما يتعرض له القطاع، والشعار واضح في هذه القمة، وهو التعمير بلا تهجير، وهذا أمر مهم جدًا".
وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني، أن الخطة المصرية لها 3 أبعاد، يتمثل الأول في إعادة إعمار غزة بشكل متدرج دون تهجير سكانها، والبعد الثاني هو شكل الحكم في غزة بعد انتهاء الحرب، وبالتالي وضع آلية بشأن وجود إدارة تكنوقراط فلسطينية تدير قطاع غزة بشكل واضح وتأخذ على عاتقها إعادة إعمار القطاع، والبعد الثالث هو طرح مشروع سياسي لإحياء حل الدولتين بشكل كبير، والضغط لتنفيذ هذا المقترح.
من جهته، أكد د. أسامة شعث، الخبير السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن الشعب الفلسطيني يعقد آمالًا كبيرة على هذه القمة كونها تأتي في ظروف غاية في التعقيد، نظرًا لأن هناك 80% من أبناء غزة مشردين.
وأشار إلى أن مسألة التهجير حاضرة على الطاولة لدى الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية، وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني ينتظر من هذه القمة الكثير.
قرارات فورية إجرائية
قال شعث: "نريد قرارات فورية إجرائية تنفيذية تعيد الأمل لهذا الشعب بضرورة الاستمرار على أرضه، وتعيد الأمل بإحياء العملية السياسية لإقامة الدولة الفلسطينية، قرارات تفرض وقف الحرب من خلال الضغط على الإدارة الأمريكية، والتوافق مع المجتمع الدولي بهذا الشأن. واستصدار قرارات من الأمم المتحدة بالتوافق مع الولايات المتحدة بشأن وقف الحرب كليًا، والدخول في مسار سياسي، وبالتوازي مع إعادة الإعمار، ومع إجراء مصالحات فلسطينية داخلية، وصولًا إلى بناء البيت الوطني الفلسطيني على أرضية صلبة".
ولفت شعث إلى أن انعقاد القمة العربية في هذا التوقيت له دلالات عديدة، وهي تأتي في مشهد غاية في التعقيد، نظرًا للعديد من المتغيرات المتسارعة التي طرأت على المشهد الدولي والإقليمي وكذلك العربي، ما يجعل الأنظار تتجه إليها وفي حالة ترقب دائم لما يصدر عنها من قرارات، بدءًا من الإدارة الأمريكية التي تنتظر الخطة العربية بشأن غزة، والتي من المتوقع ألا ترفضها طالما ربطت القرارات المنتظرة العربية بمصالح الإدارة الأمريكية.
وأكد أهمية أن ترتبط مخرجات القمة بالمصالح الأمريكية، بحيث لا تصطدم مع الإدارة الأمريكية ولا تتعارض معها، وإنما تكون في حالة توافق في المصالح المشتركة في المنطقة.
كما لفت إلى أن الاتحاد الأوروبي يترقب قرارات القمة العربية، وسيكون من أكثر المؤيدين للقرارات العربية؛ "نظرًا لأنها عادة تكون متوازنة معتدلة وليست عدوانية وستضع حدًا للحرب والتهجير."
وأوضح شعث أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو قضية لطالما كانت محل قلق لأوروبا والعالم الذي يرى في وقف الحرب حاليًا أمرًا في غاية الأهمية، مما يعزز الاستقرار والسلام والتنمية في المنطقة، وإحياء التجارة الدولية التي شلت في بعض الأوقات في المنطقة.
"لا للحرب لا للتهجير"
وأكد شعث وجود إجماع عربي حول الموقف المصري الرافض لتهجير سكان غزة، وقال: "كل العرب -حكومات وشعوبًا- على قلب رجل واحد يرفعون شعارًا واحدًا وهو: لا للحرب لا للتهجير". وأضاف: "جميع الدول العربية تتفق على ضرورة إسناد الموقف المصري الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه".
وشدد شعث على ضرورة أن يكون هناك استقرار في المنطقة، وحل عادل للقضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية، واستعادة الأراضي العربية المحتلة، استنادًا إلى مبادرة السلام العربية.
وقال إن "الالتفاف العربي حول الخطة المصرية يقطع على الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية الطريق للاستفراد بالشعب الفلسطيني، وبالتالي من الضروري أن يكون هناك اصطفاف عربي خلف الخطة المصرية الرامية لإعمار غزة بدون تهجير، وبشأن الحل السياسي بإقامة الدولة الفلسطينية استنادًا لقرارات الشرعية الدولية".
التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن القمة العربية في القاهرة ذات أهمية استثنائية، في ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مخاطر جدية على صعيد محاولات التصفية، وتحديدًا بمحاولات تقويض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من خلال حظر وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وكذلك التدمير الذي يجري للمخيمات الفلسطينية في الضفة، لأجل تقويض حق مطالبة اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.
أضاف: "ننتظر من القمة في القاهرة تأكيد الموقف العربي الداعم للموقف المصري الرافض للتهجير من غزة والضفة، المطلوب أن يكون هناك موقف عربي موحد وحازم إزاء رفض كل ما يتعلق بتهجير الفلسطينيين من أرضهم في غزة والضفة".
وعدد "أبو يوسف" مطالب الفلسطينيين من القمة العربية بالقاهرة اليوم، والتي تشمل المطالبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، استنادًا لقرارات الشرعية الدولية، وقرارات بوقف الحرب على غزة، وموقفًا عربيًا واضحًا للجم الاحتلال، وبلورة موقف عربي موحد إزاء القضية الفلسطينية، يعمل على وقف إطلاق النار ووقف العدوان ويلزم الاحتلال بذلك، ورفض ممارسات التجويع والتطهير العرقي والتهجير من غزة.
وشدد على ضرورة تضافر جهود العرب في عملية سياسية تفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين، استنادًا إلى قرارات الشرعية والقانون الدوليين، قائلًا: "اليوم يتفاءل الشعب الفلسطيني بموقف عربي موحد داعم له في مواجهة الاحتلال".