وجهت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحذيرًا صارخًا من التداعيات طويلة المدى لحرب غزة على الجيش والمجتمع الإسرائيلي، محذِّرة من أن الجنود العائدين من القطاع سيحملون معهم تجارب العنف والقتل التي ستؤثر على سلوكهم داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه.
"جيش الرب أم جيش الشعب"؟
نشر الكاتب الإسرائيلي يوسي كلاين في هآرتس مقالاً بعنوان "جيش الرب أم جيش الشعب"، سلط فيه الضوء على التحولات الجذرية التي طرأت على الجيش الإسرائيلي.
وأوضح كلاين أن "الجنود يعودون إلى تل أبيب حاملين تجارب القتل والهدم والصدمات النفسية، ما يجعلهم يتقنون الكذب والتلاعب".
وحذَّر الكاتب من أن "من قتل مسنين في غزة لن يتردد بفعل ذلك في تل أبيب"، مشيرًا إلى أن تجربة غزة تحول هؤلاء الشباب إلى أفراد قادرين على العنف والتمييز.
الجيش أداة للصهيونية الدينية
وصف كلاين الجيش الإسرائيلي الحالي بأنه "الذراع العسكرية للصهيونية الدينية/القومية بكل ما تحمله من أفكار عنصرية"، مؤكدًا أنه أصبح جيش شخصيات متطرفة -مثل إيتمار بن جفير وبراك حيرام- الذين يعتبرون غزة "محطة مؤقتة نحو إقامة دولة ذات طابع يهودي ديني".
وانتقد الكاتب استغلال الحكومة للجيش، موضحًا أن "الحكومة تنسب لنفسها الانتصارات وتحمّل الجيش الإخفاقات"، بينما تطالبه بتنفيذ "أوهام بتسلئيل سموتريتش الإستراتيجية".
تأثير "عسكرة التعليم"
استشهد كلاين بكتاب "العسكرة في التربية" للكاتبة حاجيت جور، مؤكدًا أن "عسكرة التعليم هي تلاعب بوعي الأطفال"، حيث "المدرسة تنتصر والقتال في غزة يكمل المهمة".
وحذر من أن الجنود العائدين "سيتقنون الكذب بوجه بارد أمام الأهل والأصدقاء"، مصرين أن "المنطقة الإنسانية لم تكن مسلخًا، وأن الهجرة الطوعية ليست ترانسفير".
صراع الولاءات المستقبلي
ختم الكاتب مقاله برسم صورة قاتمة لمستقبل الصراع الداخلي الإسرائيلي، متسائلًا عمَّا سيفعل هؤلاء الجنود "حين تُلغى الانتخابات، أو حين تُفشل إقامة لجنة تحقيق".
وتوقع أن يقف الجنود "وجهًا لوجه أمام آبائهم الذين تظاهروا ضد الحرب"، محذرًا من أن "من تربى على أن معارضي الحرب خونة، سيرى الخيانة حتى في عيون أهله"، مما ينذر بتصدعات عميقة في النسيج الاجتماعي الإسرائيلي.