الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انقسام في جيش الاحتلال.. زامير يتجاهل تحذيرات قانونية بأوامر إخلاء مدينة غزة

  • مشاركة :
post-title
نزوح شكان غزة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشف تحقيق لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن أزمة داخلية عميقة في جيش الاحتلال، إذ أصدر رئيس الأركان إيال زمير أوامر بإخلاء مدينة غزة بالكامل، متجاهلًا تحذيرات قانونية صريحة من المحامية العسكرية العامة اللواء يفعات تومر-يروشالمي، في واقعة وصفها مسؤولون عسكريون بـ"غير المسبوقة"؛ نظرًا لطبيعة الخلاف وخطورة تداعياته على الصعيد الدولي.

تجاهل للتحذيرات القانونية

أوضحت مصادر "هآرتس" المطلعة على تفاصيل الخلاف، أن المحامية العسكرية العامة، المسؤولة عن تفسير القانون الدولي داخل جيش الاحتلال، توجهت الأسبوع الماضي لرئيس الأركان محذرة من عدم إمكانية ضمان قانونية عمليات الإخلاء المخطط لها.

طالبت تومر-يروشالمي بتأجيل إصدار إخطارات الإخلاء حتى توفر الشروط الضرورية لاستيعاب السكان وفقًا للمعايير الدولية، لكن زامير تجاهل توصياتها تمامًا، وعقد اجتماعًا منفصلًا مع قائد المنطقة الجنوبية ومنسق أعمال الحكومة في الأراضي، واتخذ القرار دون إشراك المحامية العسكرية.

ادعاءات مضللة

كشفت مصادر عسكرية للصحيفة الإسرائيلية عن تقديم كبار الضباط "وصفًا غير واقعي" للأوضاع الإنسانية في جنوب القطاع خلال الاجتماعات التحضيرية.

ووصف أحد المسؤولين الأمنيين المطلعين الأمر قائلًا: "اختلقوا واقعًا غير موجود، دون أي عمل جدي، بينما الجميع يدرك أن هذا ليس الوضع الفعلي ولا يمكن البدء في إخلاء السكان".

أظهرت الحسابات الرسمية التي أجرتها قيادة المنطقة الجنوبية ووحدة منسق أعمال الحكومة أن المساحة المخصصة لكل شخص في المناطق المحددة آمنة بلغت 7 أمتار مربعة فقط، وهو رقم أقل بكثير من المعايير المطلوبة في القانون الدولي، كما تبيَّن أن المناطق المقترحة للإيواء مكتظة بالفعل "حتى آخر متر"، حسب تعبير المصادر.

أزمة إنسانية متفاقمة

حذرت المصادر من انهيار وشيك للخدمات الأساسية، إذ وصفت المستشفيات في جنوب القطاع بأنها "على شفا الانهيار"، وغير قادرة على استقبال مصابين إضافيين بسبب الاكتظاظ الشديد، وأكدت أن نقل مليون شخص إلى مناطق تفتقر للخدمات الطبية "قد يسبب كارثة إنسانية تجلب انتقادات دولية وقد تؤدي لفرض عقوبات من الدول الحليفة لإسرائيل".

وحذَّرت المصادر المطلعة على النقاشات من أن تهجير هذا العدد الضخم من السكان إلى مناطق تعاني نقصًا حادًا في الخدمات الطبية سيفضي إلى وضع إنساني كارثي، ما يعرض إسرائيل لموجة انتقادات دولية واسعة ويضعها أمام احتمال مواجهة إجراءات عقابية من قبل الدول التي تدعمها.

كما كشف التحقيق عن تضليل حول الإمدادات الموعودة، إذ وعد جيش الاحتلال بإدخال 100 ألف خيمة لاستيعاب النازحين خلال الشتاء، لكن ما يدخل فعليًا مجرد قطع من "القماش المشمع البسيط وليس خيامًا مغلقة"، وفق المصادر المطلعة.

معارضة دولية واسعة

أشارت تومر-يروشالمي في مراسلاتها مع رئيس الأركان إلى تصاعد الاعتراضات الدولية من منظمات رئيسية تعمل بالتنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الصليب الأحمر والأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى.

هذه المنظمات أعلنت في منتديات مختلفة ولقاءات مع قيادة جيش الاحتلال أن خطة الإخلاء "لا تلتزم بالقانون الدولي وقوانين الحرب" نظرًا للظروف القاسية في الجنوب.

دعمت شعبة الاستخبارات العسكرية موقف المحامية العسكرية، إذ أكد رئيس شعبة البحوث في الاستخبارات وجود "أساس لمزاعم الجهات الدولية"، مخالفًا بذلك التقييم الذي قدمه كبار الضباط.

كما أكدت الشعبة ضرورة قدرة إسرائيل على تقديم "رد مقنع" على هذه الاتهامات.

قرار متسرع

رغم كل التحذيرات، أصدر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، أمس، إخطار الإخلاء الشامل لسكان مدينة غزة البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة، وطالب إياهم بالانتقال فورًا عبر "شارع الرشيد إلى المنطقة الإنسانية في المواصي"، محذرًا من أن "البقاء في المنطقة خطير جدًا".

أكدت مصادر في النيابة العسكرية عقب النشر أن الأمر "لم يحصل على موافقة الاستشارة القانونية"، وأنه "في الظروف الحالية لا يمكن الدفاع عن قانونية هذا الإجراء".

فيما اكتفى المتحدث العسكري بالرد أن "جيش الاحتلال يعمل وفق كل قانون وأي ادعاء آخر غير صحيح"، متجاهلًا الإشارة لموقف النيابة العسكرية من قرار الإخلاء.