الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

على غرار "السترات الصفراء".. "لنغلق كل شيء" تهدد بشل فرنسا

  • مشاركة :
post-title
حركة "لنغلق كل شئ" تدعو للإضراب في فرنسا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

بينما يستعد رئيسُ الوزراء الفرنسي الجديد، سيباستيان ليكورنو، لتولي منصبه، اليومَ الأربعاء، تشهد العاصمةُ باريس مظاهراتٍ تلبيةً لدعوة حركة "لنغلق كل شيء" التي انطلقت في البداية على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى "شلِّ البلاد" احتجاجًا على مشروع الميزانية الذي اقترحه رئيسُ الوزراء فرانسوا بايرو، الذي سقطت حكومته.

وكانت حركة "لنغلق كل شيء" قد أطلقت دعوةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي لشلِّ فرنسا في 10 سبتمبر، الذي يصادف اليومَ الأربعاء. والسببُ الأساسي في رواج الدعوة هو مشروع الميزانية الذي اقترحه رئيسُ الوزراء المقال فرانسوا بايرو، والذي يشمل تقليصَ نفقاتٍ تصل إلى 43.8 مليار يورو بهدف الحد من العجز المتنامي. ومن بين بنود هذا المشروع المثيرة للجدل إلغاءُ يومَي عطلةٍ رسمية وخفضُ نفقات الصحة بـ5 مليارات يورو.

ويبدو أن مشروع الموازنة الذي قدّمه بايرو أيقظ شعورًا بالظلم الاجتماعي لدى فئةٍ من الفرنسيين. وفي هذا السياق المتشنج، دعا أصحابُ المبادرة إلى "إغلاق شامل وغير محدود للبلاد في 10 سبتمبر" قبل أسابيع قليلة من طرح مشروع الموازنة أمام الجمعية الوطنية.

وعلى موقعها الرسمي، الذي حُذف في وقت لاحق، تضمّنت مبادرة "لنغلق كل شيء" مطالبَ مختلفة، وهي تكثيفُ الاستثمار في القطاع العام، ووقفُ إلغاء الوظائف، والإبقاءُ على كل أيام العطل الرسمية.

لكن هذه الحركة لا تستهدف الحكومة فقط، إذ تهدف التعبئةُ إلى مقاطعة المتاجر الكبرى مثل كارفور وأمازون وأوشان "التي تستفيد من خفض الضرائب وتتلقى مساعداتٍ عمومية مع الضغط على موظفيها"، وسحبُ الأموال من البنوك الكبرى "المتواطئة في المضاربة وسياسة الهدم الاجتماعي"، و"الاحتلالُ السلمي للأماكن الرمزية مثل محافظات الشرطة ومقرات البلديات".

وحصل منشورٌ مرتبط بالدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أكثر من مليونٍ ونصف مشاهدة، حثَّ مساندي "لنغلق كل شيء" على "مقاطعة شاملة والوقوف في وجه عصابةٍ منظمة تمارس الابتزاز".

قال المنشور: "لن ندفع ولن نستهلك ولن نعمل وسنبقي أطفالنا معنا، سلطتُنا الوحيدة هي المقاطعة الشاملة".

وتسعى حركة "لنغلق كل شيء" إلى جعل التحرك جماعيًا من خلال إنشاء صناديق دعمٍ للمضربين، وتنظيم مجالس في الأحياء، ودعمِ من ينفذ عمليات عصيان.

وتعيد مبادرةُ حركة "لنغلق كل شيء" إلى الأذهان مظاهراتِ "السترات الصفراء" التي انطلقت في فرنسا عام 2018 ضد الترفيع في أسعار المحروقات، والتي استقطبت عشراتِ الآلاف من المحتجين الذين انتابهم شعورٌ بغياب العدالة الاقتصادية.

لم تكن مظاهراتُ "السترات الصفراء" مرتبطةً بأي حزبٍ أو نقابةٍ وليس لها زعيم. واتخذت السترةُ الصفراء، التي يشترط القانون الفرنسي وجودها في السيارات، رمزًا لها.

فيما يتعلق بالأهداف المادية، حققت مظاهراتُ "السترات الصفراء" نجاحًا جزئيًا كان أهمَّ تجلياته الترفيعَ في الحد الأدنى للمعاشات.

أما "لنغلق كل شيء"، فمع تنظيمها بطريقةٍ أفقية وغير هرمية، وحالةِ الغبن العام في فرنسا تجاه السلطات، ولهجتها الصدامية، تُعَدّ من النقاط التي تجعلها متشابهةً مع حركة "السترات الصفراء".

وكما هو الحال مع حركة "السترات الصفراء"، لا تمتلك حركةُ "لنغلق كل شيء" قادةً رسميين ولا قنواتِ اتصال. مواقفها واسعة، ويحظى دعمُها بتأييدٍ من كلا طرفي الطيف السياسي.

وأظهر استطلاعُ رأيٍ حديث أجرته شركةُ "إبسوس" دعمًا قويًا للحركة بين الناخبين اليساريين، وبين أولئك الذين يدعمون حزبَ التجمع الوطني اليميني المتطرف، وقليلًا جدًا من ناخبي الوسط في البلاد.

والسؤال الذي يطرحه كثيرون هو ما إذا كانت الحركة سوف تستمر في النمو وتتخذ شكلًا حقيقيًا في التحركات في مختلف أنحاء البلاد، أم أنها سوف تؤدي إلى صرخةٍ قصيرة وربما مزعجة من السخط.

وعيَّن ماكرون في وقتٍ متأخر من أمس الثلاثاء، سيباستيان ليكورنو، وزيرَ الدفاع السابق، رئيسًا جديدًا للوزراء، وفسّر منتقدو الرئيس الفرنسي هذه الخطوةَ على أنها تكرارٌ لما حدث، ومن المؤكد أنها ستشعل حركةَ الاحتجاج المناهضة للحكومة "لنغلق كل شيء".

وأمس الثلاثاء، ضجّت قنواتُ "تيليجرام" بدعواتِ التحرك، وأظهرت خريطةٌ عبر الإنترنت، تمت مشاركتها على إحدى مجموعات "فيسبوك"، تجمعاتٍ مخططة في جميع أنحاء البلاد.

وأعلنت هيئةُ الطيران المدني الفرنسية أنها تتوقع إلغاءَ أو تأخيرَ الرحلات الجوية مساءَ الأربعاء من المطارات الجنوبية. وأبلغت شركةُ السكك الحديدية الوطنية الفرنسية عملاءها بتوقّع اضطرابات في بعض الخطوط.

واستعدادًا لاضطرابات اليوم، قال وزيرُ الداخلية الفرنسي المنتهية ولايته، برونو ريتيلو، إنه سيتم نشرُ 80 ألف ضابط شرطة في جميع أنحاء البلاد، تحسبًا لمحاولات عرقلة البنية التحتية الأساسية بما في ذلك المطارات وخطوط ومحطات النقل العام ومحطات الطاقة ومراكز معالجة المياه.

وقال لوران نونيز، قائدُ شرطة باريس، على التلفزيون الفرنسي، إن الضباط كانوا يتوقعون أعمالَ تخريب من قبل مجموعاتٍ نشطة من بضع عشراتٍ من الأشخاص، على عكس الاحتجاجات التقليدية واسعة النطاق.