الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حكومة بايرو على حافة السقوط.. 5 سيناريوهات تحدد مستقبل فرنسا السياسي

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يدخل رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، اليوم الاثنين، معركة البقاء السياسي الأصعب في حياته، بعد طلبه ثقة الجمعية الوطنية في مواجهة تحالف معارض عريض يبدو مصممًا على إسقاطه.

وبحسب صحيفة "لوبوان" الفرنسية، فإن النتائج المبكرة تشير إلى أن بايرو سيصبح ثاني رئيس وزراء يسقط في غضون ستة أشهر، بعد سلفه ميشال بارنييه، والخامس خلال ولاية ماكرون الثانية.

المعارضة تشديد الخناق

رغم محاولات بايرو اليائسة لكسر جدار الرفض من خلال تقديم تنازلات للحزب الاشتراكي، خاصة فيما يتعلق بإلغاء يومين من العطل الرسمية ضمن خطة التوفير البالغة 43.8 مليار يورو، فإن الأمين العام للحزب أوليفييه حسم موقفه بوضوح، إذ أكد، وفقًا لما نقلته "لوبوان"، أن قرار الحزب الاشتراكي بالتصويت ضد الثقة "غير قابل للإلغاء"، وأبدى استعدادًا للحوار مع ماكرون حول تولي منصب رئاسة الوزراء.

في المقابل، تتفق أحزاب المعارضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على ضرورة إسقاط الحكومة، بينما يواجه بايرو انقسامًا داخل صفوف مجموعة "الجمهوريين" التي تضم 49 نائبًا، حيث أعلن برونو ريتايو ولوران ووكييه دعمهما للحكومة فيما يتردد باقي أعضاء المجموعة.

وتستعرض الصحيفة الفرنسية عددًا من السيناريوهات المحتملة للمستقبل السياسي في البلاد، وفق النتائج المنتظرة من التصويت.

السيناريو الأول: النجاة المستحيلة

يصف محللون في "لوبوان" احتمالية نجاح بايرو في الحصول على الثقة بأنها "تحدٍ سياسي شبه مستحيل"، إذ إن الكتلة المركزية التي تدعّم ماكرون لا تملك سوى 210 مقاعد من أصل 577 في الجمعية الوطنية، وتحتاج إلى معجزة سياسية حقيقية لتجميع الأصوات المطلوبة.

حتى لو تحققت هذه المعجزة، فإن "بايرو" سيجد نفسه في موقف بالغ الهشاشة، خاصة عند محاولة تمرير الموازنة باستخدام المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح بإقرار القوانين دون تصويت، ما سيعرّض الحكومة مجددًا لخطر سحب الثقة، في دورة لا تنتهي من عدم الاستقرار السياسي.

السيناريو الثاني: الرهان

في حال سقوط بايرو، تشير مصادر مطلعة، للصحيفة، إلى أن ماكرون سيسارع لتعيين رئيس وزراء جديد بسرعة لتجنب الفراغ السياسي، خاصة مع اقتراب موعد الإضرابات المناهضة للتقشف في 10 سبتمبر، والأسماء المرشحة تتضمن وزراء مخلصين مثل وزير الدفاع سيباستيان لوكرنو، ووزير العدل جيرالد دارمانان، ووزيرة العمل كاترين فوترين.

هذا الخيار يحمل مخاطر كبيرة، إذ إن أي حكومة جديدة ستواجه التحديات البرلمانية نفسها التي واجهت بايرو، خاصة أن المعارضة، وعلى رأسها مارين لوبان زعيمة "التجمع الوطني"، تطالب بحل فوري للجمعية وإجراء انتخابات جديدة، ما يعني أن أي رئيس وزراء جديد قد يسقط بسرعة أكبر من سلفه.

وزيرة العمل كاترين فوترين والدفاع سيباستيان لوكرنو والعدل جيرالد دارمانان
السيناريو الثالث: المغامرة الاشتراكية

في تطور لافت، يطرح الحزب الاشتراكي نهجًا مغايرًا كليًا للخروج من الأزمة، إذ أكد النائب الأوروبي كريستوف كليرجو لصحيفة "لوبوان" أن حزبه يسعى لكسر دائرة المواجهة التقليدية مع البرلمان.

يقترح البديل الاشتراكي تقليص حجم الإجراءات التقشفية إلى النصف تقريبًا، بحيث تصل إلى 22 مليار يورو بدلًا من 43.8 مليار، مع الاعتماد على الحوار البرلماني بدلًا من فرض القوانين بالقوة عبر باستخدام المادة 49.3 من الدستور المثيرة للجدل.

هذا السيناريو يعتمد على تحالف هش يضم 121 نائبًا من القوى اليسارية باستثناء "فرنسا الأبية" لجان لوك ميلانشون، الذي يحتاج لدعم أو على الأقل عدم معارضة من جميع الأحزاب الأخرى للبقاء.

السيناريو الرابع: حكومة تكنوقراطية

تطفو على السطح فكرة تعيين حكومة تكنوقراطية بعيدة عن الصراعات السياسية، وقد تم تداول أسماء مثل كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي وتييري بريتون المفوض الأوروبي السابق، كما أن استطلاعات الرأي تشير إلى دعم شعبي محدود لهذا التوجه، لكن "لوبوان" تحذر من المخاطر المحتملة.

التجربة الإيطالية مع حكومة ماريو دراجي التقنية، التي استمرت عامين تقريبًا، انتهت بوصول جورجيا ميلوني وحزبها اليميني المتطرف للسلطة، ما يثير مخاوف من أن الحكومة التقنية في فرنسا قد تمهّد الطريق لصعود مارين لوبان و"التجمع الوطني" في الانتخابات المقبلة.

مارين لوبان
السيناريو الخامس: العودة للصناديق

رغم تأكيد ماكرون المتكرر رفضه حل الجمعية الوطنية مرة أخرى بعد مغامرة يونيو الماضية التي أدت لتعقيد المشهد أكثر، فإن استمرار الأزمة قد يجبره على هذا الخيار، كما يحذّر السيناتور المعتدل هيرفيه مارسيل من أن "انتخابات جديدة ستؤكد فقط انقسام الجمعية الوطنية وتطيل عدم الاستقرار السياسي".

استطلاعات الرأي الحديثة ترسم صورة قاتمة لماكرون، إذ يتصدر "التجمع الوطني" بنسبة 31%، متقدمًا على تحالف اليسار بـ23.5%، فيما يحتل تحالف ماكرون المركز الثالث بـ14% فقط، ما يعني أن الحل الانتخابي قد يضع فرنسا أمام حكومة يمينية متطرفة للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.

تداعيات خطيرة

تتأثر الأسواق المالية بشدة من هذه الاضطرابات السياسية، إذ شهدت أسعار الفائدة ارتفاعًا ملحوظًا وتراجع مؤشر "كاك 40" للأسهم الفرنسية، كما أن الوضع الاجتماعي ليس أفضل حالًا، إذ تستعد النقابات العمالية لإضرابات واسعة النطاق يوم 10 سبتمبر تحت شعار "لنوقف كل شيء" احتجاجًا على سياسات التقشف، ما يهدد بتحول الأزمة السياسية إلى حريق اجتماعي"، حسب تعبير "لوبوان".

وتوضح الصحيفة الفرنسية أن هذا التقاطع بين عدم الاستقرار السياسي والضغوط الاقتصادية والتوتر الاجتماعي تضع فرنسا أمام تحدٍ وجودي حقيقي، حيث تبدو جميع الخيارات المطروحة محفوفة بالمخاطر، والحل الوحيد المؤكد هو أن الأزمة ستستمر بصرف النظر عن نتيجة تصويت اليوم.