تستعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف عدد من الأقمار الصناعية التي تراقب كوكب الأرض، بحجة أنها تخرج عن نطاق التنبؤ بالطقس، وهو القرار الذي كشفته وثائق الميزانية الأمريكية لصحيفة "واشنطن بوست"، واتُهم بأنه يضع خطًا فاصلًا واضحًا بين أبحاث الطقس، وهو الأحوال الجوية اليومية، وأبحاث المناخ الذي يقيس التغيرات طويلة المدى، حيث تريد الإدارة الاستمرار في دعم الأولى وإيقاف الثانية.
أقمار خارج الخدمة
تشمل القرارات إيقاف جهازين من مرصد الكربون المداري يتتبعان مستويات ثاني أكسيد الكربون في الأرض منذ عقد كامل، إذ اعتبرت طلبات ميزانية ناسا هذين الجهازين "مهمتين مناخيتين تجاوزتا مهمتهما الأساسية" وستنتهيان خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي الشهر المقبل.
كما ستُزال أداتان أخريان من برنامج GeoXO للأقمار الصناعية، وهما جهاز التركيب الجوي المخصص لتتبع تلوث الهواء بالساعة، وجهاز لون المحيط لمراقبة المياه الساحلية والبحيرات الكبرى، بناءً على توجيهات لـ"تقديم قائمة أدوات للطقس فقط" ضمن مهمة الأقمار الأربعة التي تبلغ تكلفتها 12 مليار دولار.
رفض علمي قاطع
يعارض العلماء هذا الفصل بقوة، ويحذرون من أن إيقاف رصد المناخ سيجعل توقعات الطقس أقل دقة.
ويؤكد الدكتور لارس بيتر ريشوجارد، مدير مركز علوم النظام الأرضي بجامعة ماريلاند، في تصريحات للصحيفة الأمريكيةـ أن "محاولة الفصل بين الطقس والمناخ خطأ كبير، فهما وجهان لعملة واحدة".
ويشرح ريشوجارد أن كوكب الأرض نظام واحد معقد ومترابط في تعقيداته بطرق لا تتماشى مع أي أجندة سياسية معينة، وأن التنبؤ الدقيق بالطقس اليوم يحتاج لفهم التغيرات المناخية طويلة المدى.
تأثيرات مباشرة
حذرت مونيكا مدينا، التي شغلت منصب نائب وكيل وزارة المحيطات والغلاف الجوي في إدارة أوباما، من التأثيرات الأوسع على التنبؤ بالطقس، مشيرة إلى أن "الطقس ليس سياسيًا، والمناخ ليس سياسيًا، هذه حقائق يمكننا معرفتها والاستعداد للتعامل معها".
وأضافت: "لو كانت هناك أقمار صناعية تحذرنا من هجوم عسكري قادم، هل سنوقفها؟ فلماذا نوقف الأقمار التي تحذرنا من كوارث طبيعية قادمة؟"
ويؤكد خبراء آخرون أن هذه الأقمار أصبحت أكثر أهمية الآن، خاصة مع تزايد حرائق الغابات التي باتت دخانها يهدد صحة ملايين الأمريكيين في مناطق لم تشهد هذه المشكلة من قبل.
تراجعات مؤقتة
اضطرت الإدارة للتراجع في بعض القرارات أمام الاحتجاجات العلمية، فبعد إعلان البنتاجون الصيف الماضي خططًا لوقف مشاركة بيانات الأقمار الصناعية الضرورية لتتبع تطور الأعاصير خلال ساعات الليل، تراجع المسؤولون الشهر الماضي وقرروا استمرار تدفق البيانات حتى العام المقبل بعد احتجاجات خبراء الأرصاد.
كما منحت الإدارة استثناءً من تجميد التوظيف لخدمة الطقس الوطنية، بعد أن أدى تقليص الموظفين إلى عجز بعض مكاتب التنبؤ عن الحفاظ على العمليات على مدار الساعة.
تأتي هذه القرارات ضمن حملة أشمل لإلغاء البيانات التي تُظهر مدى تأثير تغير المناخ على الحياة الأمريكية والاقتصاد، إذ أزالت الإدارة مواقع إلكترونية تستضيف أبحاث المناخ وتقارير مناخية مطلوبة من الكونجرس، وتوقفت عن الاحتفاظ بقائمة كوارث الطقس والمناخ التي تتجاوز أضرارها مليار دولار.
كما ألغت منحًا للبحوث المتعلقة بالمناخ وأوقفت العمل على قاعدة بيانات "أطلس 15" المخصصة للتنبؤ بمخاطر العواصف المطرية المتزايدة الشدة.