الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخاوف من فقدان تنبؤاتها.. مقصلة ترامب تطال موظفي أهم وكالة مناخية

  • مشاركة :
post-title
أحد مقرات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت تقارير صحفية حديثة عن عزم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تسريح نحو 1000 موظف إضافي من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، في خطوة تثير قلقًا مُتزايدًا حول قدرة الوكالة على إصدار تنبؤات دقيقة للكوارث الطبيعية مع اقتراب موسم الأعاصير.

تخفيضات حادة

ووفقًا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن هذه التخفيضات الجديدة تأتي بعد تسريح وإنهاء خدمات نحو 1300 موظف بالفعل خلال الأسابيع الماضية، ليصل إجمالي التقليصات إلى نحو 20% من القوى العاملة في الوكالة البالغ عددها حوالي 13 ألف موظف.

وبدأت آثار هذه التقليصات تظهر بشكل ملموس على عمليات الوكالة، حيث تم بالفعل تعليق أنشطة حيوية، مثل إطلاق بالونات الطقس بسبب نقص الموظفين.

تعتبر وكالة "نوا"، التي تبلغ ميزانيتها السنوية 6.8 مليار دولار وتتبع وزارة التجارة الأمريكية، الجهة الرئيسية المسؤولة عن رصد وتحليل ومتابعة الأنشطة المتعلقة بالطقس والمناخ والمحيطات في الولايات المتحدة.

وقد تلقى مديرو الوكالة تعليمات بإعداد مقترحات للتسريح وإعادة التنظيم بهدف تقليص الكادر، استجابة للأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب الشهر الماضي.

لافتات رافضة لتقليص موظفي "نوا"
دوافع سياسية وأيديولوجية

تشير نيويورك تايمز إلى أن استهداف وكالة "نوا" ليس عشوائيًا، بل يأتي متماشيًا مع "مشروع 2025"، وهو خطة استراتيجية شاملة أعدتها مؤسسة هيريتيج (Heritage Foundation)، أحد أبرز مراكز الفكر المحافظة في الولايات المتحدة.

هذا المشروع، الذي يُعتبر بمثابة خارطة طريق للإدارات المحافظة، يوصف بأنه "دليل تنفيذي" للسياسات التي ينبغي تطبيقها مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

ورغم أن ترامب حاول في بعض الأحيان الابتعاد رسميًا عن الوثيقة، فإن العديد من الإجراءات التي اتخذتها إدارته منذ عودته للرئاسة في يناير 2025 تتماشى بشكل كبير مع توصيات المشروع، وقد عين عددًا من المساهمين في صياغته في مناصب رفيعة بالإدارة.

يصف مشروع 2025 وكالة "نوا" صراحة بأنها "أحد المحركات الرئيسية لصناعة التنبيه بشأن تغير المناخ"، ويوصي بتفكيكها جزئيًا وإلغاء بعض وظائفها أو خصخصتها.

وتنبع هذه النظرة السلبية من موقف أيديولوجي يشكك في الأبحاث العلمية المتعلقة بتغير المناخ، وينظر إلى المؤسسات الحكومية العاملة في هذا المجال باعتبارها جزءًا من "بيروقراطية مضخمة" تحتاج إلى "إصلاح جذري".

ناقوس الخطر

أثارت هذه التطورات موجة من الاحتجاجات في الأوساط العلمية الأمريكية، حيث دعت منظمات عدة، من بينها الاتحاد الأمريكي للجيوفيزياء، الكونجرس إلى معارضة إجراءات الإدارة، مُحذرة من أن "تقويض عمليات نوا قد يعرض سلامة ملايين الأمريكيين للخطر ويزعزع استقرار صناعات لا حصر لها."

وقال مايكل مان، باحث المناخ في جامعة بنسلفانيا، خلال تجمع احتجاجي في واشنطن حضره نحو 5000 شخص: "هذه أصعب لحظة يمكنني تذكرها للعلم.. العلم تحت الحصار"، بحسب ما نقلت عنه نيويورك تايمز.

وشهدت مدن أمريكية أخرى مثل أوستن وبوسطن وشيكاغو ودنفر تجمعات مماثلة تحت شعار "الوقوف مع العلم".

وكالة نوا
خطر الخصخصة

انتقد كيث سيتر، المحاضر في علوم الأرصاد الجوية والمناخ بكلية الصليب المقدس، فكرة أن الشركات الخاصة يمكنها أن تحل محل نوا في التنبؤ بالطقس، واصفًا ذلك بأنه "سوء فهم فادح".

وقال سيتر: "التطبيق الموجود على هاتفك أو ما تشاهده على التلفزيون، هذه شركات من القطاع الخاص، لكنها تعتمد بشكل حاسم على نوا للحصول على جميع المعلومات التي تستخدمها لإنشاء تلك التنبؤات"، مضيفًا أن الأمر "جهد منسق" لا يمكن الاستغناء فيه عن دور المؤسسة الحكومية.

أزمة داخلية

يعيش الموظفون الباقون في وكالة نوا حالة من القلق والارتباك، حيث يتم تسريح زملائهم دون إعلام مسبق، كما تم تجميد بطاقات الائتمان الحكومية مما يمنعهم من شراء مستلزمات البحث أو السفر لاسترداد الأدوات المثبتة في البحر.

كما يتسابق العلماء لعمل نسخ احتياطية من بياناتهم العلمية، خوفًا من إغلاق البرامج أو إلغاء عقود المباني.

وظهرت مخاوف إضافية بعد أن وضعت إدارة ترامب ثلاث منشآت تابعة لنوا على قائمة العقارات الفيدرالية المحتمل بيعها، قبل أن تتم إزالة القائمة في وقت لاحق.