أكد خبراء الرعاية الصحية أن ما يُعرف بـ"رعاية الممرات" في النظام الصحي الوطني البريطاني (NHS) تحولت من أزمة شتوية موسمية إلى كارثة دائمة تستمر على مدار السنة في إنجلترا، وذلك وفقًا لتحليل أجراه الحزب الليبرالي الديمقراطي لأحدث البيانات الرسمية ونشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
أرقام قياسية
كشف التحليل عن تدهور خطير في خدمات الطوارئ، إذ انتظر 74,150 مريضًا لمدة 12 ساعة على الأقل على النقالات خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين في ممرات المستشفيات، بمعدل 1,216 مريضًا يوميًا، ما يمثل تحولًا جذريًا مقارنة بالوضع قبل عقد، عندما كان مثل هذا الانتظار الطويل شبه معدوم، إذ سُجلت 47 حالة فقط خلال الشهرين نفسهما في عام 2015.
وأظهرت البيانات أن 38,683 مريضًا، أي 7.2% من إجمالي مرتادي أقسام الطوارئ في يونيو 2025، اضطروا للانتظار 12 ساعة أو أكثر قبل دخولهم المستشفى.
كما شهدت أقسام الطوارئ زيادة بنسبة 15% في أعداد المرضى منذ 2015، ليصل العدد إلى 2.9 مليون مريض خلال أول شهرين من الصيف، وهو أعلى مستوى مسجل خلال العقد الماضي.
مستشفيات في حالة انهيار
تعاني بعض المؤسسات الطبية من أوضاع كارثية، إذ اضطر أكثر من ربع المرضى في خمس مؤسسات صحية تابعة للنظام الصحي الوطني للانتظار 12 ساعة على الأقل للدخول الى المستشفى، خلال أول شهرين من الصيف.
وسجلت مستشفيات "إبسوم وسانت هيلير" أسوأ النتائج، إذ واجه ما يقارب نصف المرضى (42% في يونيو و45% في يوليو) انتظارًا لمدة 12 ساعة أو أكثر، بينما وصلت النسبة في مستشفى "وارينجتون وهالتون" إلى 48% في يونيو و30% في يوليو.
تحذيرات من "الأزمة الدائمة"
وصفت هيلين مورجان، المتحدثة باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي للصحة والرعاية الاجتماعية، الوضع بأن النظام الصحي دخل حالة "أزمة دائمة"، مؤكدة أن "ما كان يومًا أزمة شتوية أصبح كارثة على مدار السنة، إذ تنهار الخدمة الصحية تحت الضغط طوال العام".
وأضافت مورجان أن "الناس يتعرضون للخطر يوميًا بسبب الانتظار الطويل والمميت، والعائلات تراقب بعجز أحباءهم وهم يتألمون على النقالات في ممرات الطوارئ".
من جانبه، حذّر الدكتور أدريان بويل، رئيس الكلية الملكية لطب الطوارئ، من أن الأرقام تؤكد عدم وجود فترة راحة صيفية للنظام الصحي، متسائلًا: "إذا كان هذا مستوى الطلب الحالي، فكيف سيبدو الشتاء عندما نشهد الارتفاع السنوي في الأمراض الموسمية؟"
دعوات عاجلة للإصلاح
طالب الخبراء الحكومة بوضع خطة عاجلة لمواجهة الشتاء تتضمن زيادة عدد أسرّة المستشفيات ودعم المرضى للخروج عند تعافيهم.
ودعا الحزب الليبرالي الديمقراطي لتطبيق "حزمة طوارئ شتوية" تشمل زيادة معدلات التطعيم ضد الأمراض مثل الإنفلونزا، وتوسيع الوصول للصيدليات، وحملة توظيف لزيادة عدد أطباء العائلة في الخدمات الليلية.
وأكدت باتريشيا ماركيس، المديرة التنفيذية في الكلية الملكية للتمريض، أن "انتظار حالات الانتظار 12 ساعة هو أوضح مؤشر على أن رعاية الممرات أصبحت أزمة على مدار السنة".
وطالبت الوزراء بالتحرك العاجل "قبل وصول الطقس البارد ووقف وضع المرضى في الممرات والخزائن وغرف الانتظار، فهذا وضع مُهين تمامًا ولن يكون أبدًا معيارًا آمنًا للرعاية".
رد حكومي متحفظ وسط تصاعد الأزمة
ردت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بأن الحكومة الحالية "ورثت نظام رعاية طارئة منهار"، مؤكدة أن أوقات انتظار الطوارئ "تستمر في التحسن رغم الزيادة الإجمالية في الطلب".
وأشارت الوزارة إلى استثمار ما يقارب 450 مليون جنيه إسترليني لتوسيع مرافق الرعاية العاجلة وتوفير نحو 500 سيارة إسعاف جديدة لتحسين خدمات الطوارئ.