كشفت بيانات رسمية حديثة عن ارتفاع حاد وغير مسبوق في أعداد المصابين بالإنفلونزا في مستشفيات بريطانيا، إذ تضاعفت الأعداد أربع مرات خلال شهر واحد فقط، في حين تأتي هذه الزيادة المقلقة في وقت يواجه فيه النظام الصحي البريطاني تحديات متعددة، مع اقتراب موجة برد قارس، ما يثير مخاوف جدية لدى المسؤولين الصحيين من تفاقم الوضع خلال الأسابيع القادمة.
الأزمة في أرقام
وفي تفاصيل الأزمة التي كشفت عنها صحيفة الجارديان البريطانية، شهدت المستشفيات الإنجليزية ارتفاعًا كبيرًا في أعداد المرضى المصابين بالإنفلونزا، حيث وصل العدد إلى 4,102 مريض في يوم عيد الميلاد وحده.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ استمرت الأعداد في الارتفاع لتصل إلى 5,074 مريضًا بحلول يوم الأحد 29 ديسمبر، في مؤشر خطير على تسارع وتيرة انتشار المرض.
وخلال الأسبوع الماضي، بلغ المتوسط اليومي لمرضى الإنفلونزا في المستشفيات 4,469 مريضًا، من بينهم 211 حالة تتلقى العلاج في وحدات العناية المركزة، ما يعكس خطورة الوضع الصحي الراهن وحدة الإصابات.
ارتفاع مفاجئ
وفي تحليل معمق للوضع الحالي، تشير البيانات التي نقلتها الجارديان إلى أن الزيادة الحالية، رغم خطورتها، تظل أقل من معدلات العام الماضي 2022، حيث كان عدد المرضى آنذاك 5,441 حالة.
غير أن هذا لا يدعو للاطمئنان، إذ يؤكد الخبراء أن الزيادة الحالية تمثل ارتفاعًا بنسبة 17% عن الأسبوع السابق وحده، وهو ما يعادل أربعة أضعاف ما كانت عليه الأرقام في بداية شهر ديسمبر، حين كان العدد 1,098 حالة فقط.
هذا التصاعد السريع في الأعداد يضع النظام الصحي أمام تحديات غير مسبوقة في مواجهة هذا الارتفاع المفاجئ في الحالات.
تحديات النظام الصحي
وفي سياقٍ متصلٍ، يواجه النظام الصحي البريطاني تحديات إضافية تتجاوز أزمة الإنفلونزا وحدها، إذ كشفت البيانات التي نقلتها الجارديان عن وجود متوسط 528 سريرًا مشغولًا يوميًا بمرضى يعانون من الإسهال والقيء أو أعراض مرتبطة بالنوروفيروس، وهو رقم أعلى من المعدلات المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي.
كما يواجه النظام الصحي ضغوطًا إضافية مع وجود 74 طفلًا مصابًا بفيروس RSV في أجنحة المستشفيات، بالإضافة إلى استمرار وجود حالات كوفيد-19، حيث يرقد حاليًا 1,184 مريضًا في المستشفيات بسبب الفيروس. ويوقد مزيج التحديات لضغوط هائلة على موارد النظام الصحي وقدرته على تقديم الرعاية المناسبة لجميع المرضى.
إجراءات استباقية
في ظل هذه التحديات المتصاعدة، يؤكد ماثيو تايلور، الرئيس التنفيذي لاتحاد الخدمة الصحية الوطنية البريطانية، في تصريحات خاصة للجارديان، أن النظام الصحي في البلاد يمر بمرحلة حرجة تتطلب تضافر الجهود على المستويات كافة.
واتخذت المستشفيات إجراءات استباقية من خلال إضافة 1,300 سرير إضافي مقارنة بالعام الماضي، استعدادًا للضغط المتوقع خلال الفترة القادمة.
ويشدد البروفيسور جوليان ريدهيد، المدير السريري الوطني للرعاية الطارئة والعاجلة، على أن موجة البرد القادمة تشكل تحديًا إضافيًا، خاصة للفئات الضعيفة والمصابين بأمراض تنفسية، داعيًا المواطنين إلى توخي الحذر والالتزام بالإرشادات الوقائية.
استراتيجيات المواجهة
وفي إطار الاستعدادات لمواجهة هذه التحديات المتزايدة، أوضحت الجارديان أن النظام الصحي البريطاني يتبنى استراتيجية متعددة المحاور، تتضمن تعزيز قدرات المستشفيات وتحسين خدمات الطوارئ.
ويشدد المسؤولون الصحيون على أهمية ترشيد استخدام خدمات الطوارئ، داعين المواطنين إلى استخدام الخدمة الصحية الوطنية للحصول على المشورة الطبية في الحالات غير الطارئة، وحصر زيارات أقسام الطوارئ للحالات الحرجة فقط.
كما تؤكد القيادات الصحية على ضرورة الاستعداد للأسابيع القادمة التي يتوقع أن تشهد ذروة الضغط على الخدمات الصحية، مع التركيز على حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر وضمان توفير الرعاية الطبية المناسبة لجميع المحتاجين.