تشهد صناعة السياحة في العاصمة الأمريكية واشنطن تراجعًا حادًّا منذ نشر الرئيس دونالد ترامب، الحرس الوطني في المدينة في 11 أغسطس الماضي، كما تواجه المدينة التي استقبلت 27.2 مليون زائر عام 2024 أزمة متعددة الأبعاد، تهدّد قطاعًا اقتصاديًا مهمًا وصورتها الدولية، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".
أرقام صادمة
كشفت بيانات شركة "باس باي" المختصة في تحليل حركة المرور البشري أن حركة المشاة في واشنطن انخفضت بنسبة 7% في المتوسط خلال الأسبوع الذي انتشرت فيه القوات الفيدرالية، بينما شهدت حجوزات المطاعم انخفاضًا أكثر حدّة.
وتوقعت شركة "Tourism Economics"، الشريكة لمنظمة"Destination DC"، انخفاضًا بنسبة 5% في أعداد الزوار الدوليين، وهو أمر مقلق، خاصة أن هؤلاء الزوار ينفقون 1422 دولارًا مقابل 333 دولارًا للزوار المحليين، ويقيمون فترات أطول (4.7 ليالٍ مقابل 2.3).
خسائر اقتصادية فادحة
أعلنت منظمة "Destination DC" أن 41 مجموعة قررت عدم عقد مؤتمراتها في واشنطن العام المقبل، مما قد يكلّف المدينة 54.4 مليون دولار.
وحذّر إليوت فيرجسون، رئيس المنظمة، من أن "عام 2026 سيكون مليئًا بالتحديات"، مشيرًا إلى التخفيضات الجذرية في ميزانية التسويق، وانخفاض متوقّع بنسبة 2% في إيرادات الغرف، رغم افتتاح أكثر من 20 فندقًا جديدًا يضيف 3000 غرفة.
وأشارت شركة "ماريوت" في مذكرة للمستثمرين إلى تراجع الطلب الحكومي، وانسحاب العملاء التجاريين الصغار، مما أدّى لانخفاض 1.5% في إيرادات الغرف.
انتقد فيرجسون بشدّة خطاب البيت الأبيض قائلًا: "زعيم بلادنا في فنائنا الخلفي يعطي انطباعًا خاطئًا عمّا تقدّمه واشنطن كمدينة".
وأشار إلى أن وصف ترامب للعاصمة كمدينة مليئة بالجريمة والعصابات يتناقض مع بيانات شرطة واشنطن التي أظهرت وصول الجريمة العنيفة لأدنى مستوى في 30 عامًا، كما تأثرت العلاقات مع كندا، أكبر الأسواق الخارجية، حيث انخفضت أعداد الكنديين الداخلين برًّا بنسبة 30%، وجوًّا بنسبة 14%.
ردود فعل متباينة
تختلف ردود أفعال السياح تجاه وجود الحرس الوطني المسلح في المناطق السياحية، فبينما اعتبرته باتريشيا مكورتر، الزائرة من ميامي، "أمرًا مطمئنًا" لقلقها على ابنها المقيم في واشنطن، وصفته مجموعة من لاعبات الهوكي بـ"الجو الغريب" والشعور بالشفقة على الجنود.
وأكدت كاندن أرسينيجا، مديرة العمليات في "Tours By Foot"، أن بعض السياح "يتعاملون معهم كمعلم سياحي ويلتقطون الصور"، لكنها مضطرة لإلغاء جولة أو جولتين يوميًا من أصل 8–10 جولات بسبب نقص الحجوزات.
تحديات مستقبلية
يواجه القطاع السياحي تحديات متعددة رغم أنه يمثل 4.2% فقط من الناتج المحلي مقابل 30.8% للحكومة الفيدرالية، ويشير جوناثان روبليدو من شركة"Encore" إلى أن العملاء يحجزون قبل شهر واحد بدلًا من عام كامل، بينما يؤكد ميد أتكيسون من "سونيستا" أن الفنادق تركز الآن على التسويق بمعدلات الجريمة المنخفضة بدلًا من المتاحف والثقافة.
وقد دمجت أرسينيجا وجود الحرس الوطني في جولاتها كدرس في السياسة المحلية، حول حرمان سكان واشنطن من التمثيل في الكونغرس رغم دفع الضرائب الفيدرالية.