أدان مسؤولون أوروبيون سلسلة الهجمات الدامية التي شنتها روسيا على العاصمة الأوكرانية وأماكن أخرى صباح اليوم الخميس، والتي أسفرت عن العديد من الوفيات وتدمير مبانٍ، منها مبنى للاتحاد الأوروبي، متهمين الكرملين بمحاولة إرهاب أوكرانيا.
بدأت الهجمات بدوي صفارات الإنذار في مختلف أنحاء كييف فجر اليوم، ما دفع آلاف السكان للاحتماء والاختباء في الملاجئ. ووفقًا للقوات الجوية الأوكرانية، أطلقت روسيا سلسلة من الهجمات تضمنت 598 طائرة بدون طيار، بما في ذلك طائرات هجومية من طراز "شاهد" وطائرات وهمية، بالإضافة إلى 31 صاروخًا بالستيًا تفوق سرعتها سرعة الصوت.
انفجارات ضخمة تهز كييف
تمكنت الدفاعات الأوكرانية من اعتراض 563 طائرة مسيرة و26 صاروخًا، إلا أن انفجارات ضخمة هزت كييف وضواحيها، وألحقت أضرارًا بالمنازل والمكاتب والمدارس في جميع أنحاء المدينة، بينما تعرض مبنى سكني من خمسة طوابق لإصابة مباشرة، ما أدّى إلى تدميره بالكامل.
وأكد رئيس مدينة كييف، بحسب وسائل الإعلام الأوكرانية، أن المدينة تعرّضت لهجوم من اتجاهات متعددة بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، وصواريخ "كينجال"، حيث تجري حاليًا جهود إنقاذ ضخمة لإزالة الأنقاض وانتشال الضحايا الذين قد يكونون عالقين تحتها.
موجة أخرى
وبينما كانت كييف لا تزال تعاني من آثار الهجوم على الأحياء المدنية، أطلقت روسيا موجة أخرى من الصواريخ المجنحة باتجاه العاصمة وغيرها من المناطق الأوكرانية، حيث هزّت انفجارات جديدة كييف بينما كان عمال الإنقاذ لا يزالون يبحثون عن ضحايا تحت أنقاض المباني التي ضربتها الصواريخ الباليستية قبل ساعات فقط.
وفي مقاطعة فينيتسا، تبين أن روسيا استهدفت محطة قطارات "إنترسيتي" فائقة السرعة في مدينة كوزياتين، مما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بأحد القطارات. وكان جميع الموظفين قد لجأوا إلى الملاجئ مسبقًا، وأدى الهجوم إلى توقف الحركة بالكامل وتغيير مسار القطارات لتفادي استهدافها.
بعثة الاتحاد الأوروبي
ألحقت الهجمات الجديدة أضرارًا بأكثر من 20 موقعًا، بما في ذلك مركز تسوق في وسط المدينة ومبنى مكون من ستة عشر طابقًا، كما تم تسجيل أضرار كبيرة في مناطق هولوسييفسكي، وأوبولونسكي، وديسنيانسكي، وشيفشينكيفسكي، حيث تعرضت عشرات المواقع للدمار.
وأعلن وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيا أن الهجوم ألحق أضرارًا بمبنى بعثة الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، وأسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل بينهم أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين عامين و14 و17 عامًا، بينهم 12 شخصًا لقوا حتفهم في منطقة دارنيتسكي، وإصابة ثمانية وثلاثين آخرين، بينهم عشرة أطفال.
تصعيد واستهزاء
من جانبها، طالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين العالم بإدانة الأمر، مشيرة إلى أن الصاروخ الذي أصاب الوفد كان على مسافة 50 مترًا منهم، إلا أنهم لم يصابوا بأذى. ووعدت بتعزيز الضغوط على روسيا من خلال الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات، ومواصلة استخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عنها وإعادة إعمارها.
بينما وصفت كاتارينا ماثرنوفا، مبعوثة الاتحاد الأوروبي في كييف، الهجمات بأنها تكشف عن تجاهل روسيا لجهود إنهاء الحرب، وفي الوقت ذاته أكدت كايا كالاس، كبيرة دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، أنه بينما يسعى العالم إلى طريق السلام، ترد روسيا بالصواريخ، وهو ما يظهر أن الهجوم الليلي يعد خيارًا متعمدًا للتصعيد والاستهزاء بجهود السلام من جانب روسيا، وأنها تهدف لإرهاب أوكرانيا دون توقع أي اعتراض دولي.
طاولة المفاوضات
ويرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن هذه الصواريخ والطائرات الهجومية الروسية بمثابة رد واضح على كل شخص في العالم دعا منذ أسابيع وأشهر إلى وقف إطلاق النار والدبلوماسية الحقيقية، مشددًا على أن روسيا تختار الصواريخ الباليستية بدلًا من طاولة المفاوضات.
وكانت محادثات السلام بين موسكو وكييف قد انهارت في 2022، وبدأت الحرب على إثرها، ولكن جميع المفاوضات التي تم تجديدها باستمرار فشلت في التوصل إلى أي اختراق بين الطرفين. وسعى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرارًا لوقف الحرب منذ توليه المسؤولية، وعقد قمة في ألاسكا مع بوتين، وأجرى محادثات مع زيلينسكي وزعماء أوروبا بعدها.
وتعود نقطة الخلاف الرئيسية بين روسيا وأوكرانيا إلى وضع الأراضي التي تسيطر عليها موسكو في أي اتفاق سلام، إذ تسيطر روسيا حاليًا على نحو خُمس مساحة أوكرانيا، بما في ذلك معظم منطقتي لوجانسك ودونيتسك في الشرق، وأجزاء من منطقتي زابوريجيا وخيرسون في الجنوب.