الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

574 طائرة تجهض السلام.. روسيا تشن هجوما كبيرا على أوكرانيا

  • مشاركة :
post-title
بوتين وترامب وزيلينسكي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

بعد أيام من لقاء جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في ألاسكا، أعقبه اجتماع في البيت الأبيض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين، شنت روسيا أكبر هجوم بالطائرات المسيّرة والصواريخ على أوكرانيا منذ أكثر من شهر، في تصعيد جديد أعاد مشهد الحرب إلى الواجهة.

وبينما تحاول واشنطن الدفع باتجاه اتفاق سلام شامل، ترى موسكو أن كييف غير جادة في أي مفاوضات، في وقت يتصاعد فيه الضغط العسكري على الأرض وتتراجع آمال عقد قمة مباشرة بين بوتين وزيلينسكي.

تفاصيل الهجوم الروسي

قالت السلطات الأوكرانية، إن روسيا أطلقت ليلة الأربعاء الخميس، 574 طائرة مسيّرة هجومية و40 صاروخًا استهدفت مدنًا عدة، بينها مدينة لفيف غرب البلاد، وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن دفاعاتها اعترضت الجزء الأكبر من هذه الأسلحة، لكن الضربات أسفرت عن مقتل تسعة مدنيين في شرق أوكرانيا وإصابة أكثر من 15 آخرين.

ووفقًا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استهدفت الضربات منشآت مدنية، بينها منازل خاصة، وروضة أطفال، وبنى تحتية للطاقة، إضافة إلى مصنع إلكترونيات أمريكي وصفه بأنه "استثمار مدني عادي" ينتج منتجات استهلاكية يومية مثل آلات القهوة، وأكد أن استهداف هذا المصنع يحمل "دلالة خطيرة" على نوايا موسكو.

زيلينسكي محبط

في خطاب نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال الرئيس الأوكراني: "نفذ الروس هذا الهجوم وكأن شيئًا لم يتغير، وكأن العالم لم يبذل أي جهد لوقف هذه الحرب، لا بد من رد حازم، حتى الآن، لا توجد أي إشارة من موسكو على نيتها الدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب"، داعيًا إلى عقوبات صارمة وضغوط اقتصادية أشد.

وأضاف زيلينسكي، أن أوكرانيا مستعدة لإبداء "بعض المرونة" في المفاوضات مع موسكو، موضحًا أنه مستعد لتقديم "تنازلات محدودة" بشأن مطلب وقف إطلاق النار، شرط أن تترافق مع ضمانات أمنية واضحة من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

وأكد الرئيس الأوكراني أن كييف تنتظر وضع "بنية الضمانات الأمنية"، خلال فترة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام قبل تحديد موعد محتمل لأي محادثات مع الكرملين.

الموقف الروسي

من جانبها، قللت موسكو من أهمية الجهود الأمريكية والدولية لعقد قمة مباشرة بين بوتين وزيلينسكي، وصرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن الكرملين "منفتح من حيث المبدأ" على الاجتماع، لكنه اشترط حل جميع القضايا مسبقًا، وهو ما ألغى فعليًا أي إمكانية لعقد قمة وشيكة.

وذهب "لافروف" أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن "شرعية من سيوقع الاتفاقيات عن الجانب الأوكراني" لا تزال موضع تساؤل، في إشارة إلى أن ولاية زيلينسكي الرئاسية انتهت مايو 2024، رغم أن القوانين الأوكرانية في ظل الحرب تمنعه من إجراء انتخابات جديدة وتسمح له بالبقاء في منصبه.

كما شدد لافروف على أن أي نشر لقوات أجنبية بأوكرانيا سيكون "غير مقبول على الإطلاق" بالنسبة لروسيا و"جميع القوى السياسية العاقلة بأوروبا"، وأضاف أن أوكرانيا "تُظهر بشكل مباشر عدم اهتمامها بتسوية عادلة ومستدامة وطويلة الأمد".

تباين بين أمريكا وروسيا

بينما أعلن البيت الأبيض أن خطط عقد لقاء ثنائي بين بوتين وزيلينسكي "قيد التنفيذ"، أكد الكرملين عكس ذلك تمامًا، فبحسب "سي بي إس نيوز" الأمريكية، يتضح وجود تناقض صارخ بين الرؤية الأمريكية، التي تسعى لتسريع المفاوضات، والرؤية الروسية التي تربط أي قمة بتهيئة الظروف على الأرض أولًا.

واقترح بوتين سابقًا إرسال مسؤولين كبار للمشاركة في محادثات إسطنبول، التي اقتصرت حتى الآن على مستويات أدنى ولم تحقق أي تقدم ملحوظ، لكنه مايو الماضي، قرر عدم حضور تلك المفاوضات بنفسه رغم أنه من اقترحها.

بعد اجتماعه مع بوتين في ألاسكا، التقى ترامب زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض، ووفقًا للشبكة الأمريكية، فإن الرئيس الأمريكي بدا أكثر ميلًا نحو "اتفاق سلام شامل" بدلًا من وقف إطلاق النار الفوري، وهو ما دفع زيلينسكي للإعراب عن استعداده لإبداء بعض التنازلات.

وقال الرئيس الأوكراني: "من المرجح أن يتضمن الشكل المقترح بعض التنازلات، أخبرت الرئيس ترامب أننا بحاجة إلى فترة هدوء لصياغة خطة شاملة لإنهاء الحرب، إذا أردنا أن تكون الخطة جادة بالفعل".

ثقة مفقودة

على الرغم من جهود واشنطن للتوصل إلى اتفاق، فإن كثيرين في أوكرانيا لا يثقون بالكرملين، من بين هؤلاء الرائد تاراس بيريزوفيتس، من القوات الأوكرانية، والذي قال لشبكة "سي بي إس نيوز": "بالتأكيد لا، بوتين غشاش ومجرم، ولن يقبل أبدًا بوجود أوكرانيا مستقلة".

وأكد "بيريزوفيتس" أن السبب وراء إصرار كييف على الحصول على ضمانات أمنية صلبة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، هو أن أي اتفاق سلام دون هذه الضمانات سيظل هشًا ومعرضًا للانهيار في أي وقت.

وحسب شبكة "سي بي إس نيوز"، فإن واشنطن مترددة في تقديم التزامات عسكرية مباشرة، وأوضح ترامب أن أي ضمانات أمنية لأوكرانيا لن تشمل نشر قوات أمريكية على الأرض، وبدوره، قال نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، إن أوروبا "ستتحمل معظم التكلفة" حال الاتفاق على مثل هذه الضمانات.

غير أن إقناع روسيا بالموافقة على ترتيبات كهذه يبدو شبه مستحيل، ما يعقد فرص التوصل إلى اتفاق نهائي.

في الوقت الذي تجري فيه هذه المناقشات السياسية، يواصل الجيش الروسي تقدمه على الأرض، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الخميس، سيطرتها على قرية جديدة في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا، في مؤشر على أن موسكو تسعى إلى تعزيز مواقعها التفاوضية عبر المكاسب الميدانية.

بحسب شبكة سي بي إس نيوز، فإن الهجوم الروسي الأخير يؤكد أن الحرب ما زالت بعيدة عن الحل رغم الجهود الأمريكية والدولية. وبينما يدفع ترامب باتجاه اتفاق سلام قد يتطلب تنازلات مؤلمة من كييف، تصر موسكو على رفض أي ترتيبات أمنية تضع قوات أجنبية في جوارها، وتواصل في الوقت نفسه توسيع سيطرتها شرق أوكرانيا. أما أوكرانيا فتعيش بين مطرقة الضغط العسكري وسندان الضمانات الأمنية التي يصعب التوصل إليها، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن تتحول الحرب إلى صراع طويل الأمد لا نهاية قريبة له.