يبدو أن الغاز الروسي المحاصر بالعقوبات الغربية، لم يكن الوحيد الذي يأتي إلى أوروبا بطرق تتحايل على العقوبات مثل دخوله عن طريق بلدان ثالثة، وإلى جانب ذلك حظي الخشب الروسي بنصيبه من التحايل على العقوبات، بعد ما قال محللون متخصصون في سلسلة التوريد البريطانية إن الأخشاب الروسية المستوردة بشكل غير قانوني تُستخدم في بناء المنازل في بريطانيا، بحسب "تايمز" البريطانية.
تستطيع شركة "سورس سيرتين" الأسترالية تحديد مكان نمو الخشب من خلال دراسة خصائص تركيبه الذري، وبعد دراسة أكثر من 3000 عينة خشب من قطاع البناء البريطاني، وجد فريق سكادينج أن أكثر من 10% منها كانت إما من أصل أو نوع مختلف عما وصفه البائع، ومن بين العينات ذات الأصل المختلف، كان ثلاثة أرباعها من روسيا.
بعد حرب روسيا وأوكرانيا عام 2022، أصبح استيراد الخشب الرقائقي ومنتجات الأخشاب الروسية والبيلاروسية إلى بريطانيا ودول أوروبية أخرى غير قانوني، وأدى هذا الحظر إلى ازدهار التهريب، حيث يُسوّق موردو الأخشاب الأخشاب الروسية على أنها قادمة من إستونيا ودول البلطيق الأخرى، تُعدّ مزارع الأخشاب في روسيا مملوكة للدولة، ما يعني أن عائدات تهريب الأخشاب تُغذّي المجهود الحربي الروسي بشكل مباشر.
في فبراير، اكتشف محققون في منظمة "إيرث سايت" غير الربحية أن ما يقارب 1.5 مليار جنيه إسترليني من الأخشاب قد هُرّبت إلى أوروبا منذ دخول العقوبات حيز التنفيذ، ويؤكد تحليل "سورس سيرتين" أن هذا الخشب يشق طريقه إلى قطاع البناء البريطاني.
وقال فريق سكادينج: "إما أن مستوردي الأخشاب يدركون هذا الأمر ويتجاهلونه، أو أنهم ببساطة لا يدركونه، مضيفًا أن التقنيات المستخدمة لإخفاء الأخشاب المهربة متطورة بما يكفي لخداع حتى كبار المشترين من الشركات.
ورفض الكشف عن أسماء شركات البناء التي حصلت شركته منها على العينات، قائلا "إنهم يتواصلون معنا لحل هذه المشكلة، ولن نخيفهم".
وقال متحدث باسم وزارة البيئة والأغذية والشؤون الريفية: "لحرمان روسيا من وسائل تمويل حربها غير القانونية، حظرت المملكة المتحدة استيراد مئات المنتجات والسلع من روسيا، بما في ذلك الأخشاب، ونحن نأخذ جميع الانتهاكات المحتملة لعقوباتنا على محمل الجد".
أظهرت اختبارات جديدة أن ما يقرب من نصف خشب البتولا المعتمد من قبل برامج الاستدامة الرائدة مُعرَّف بشكل خاطئ، ولا يأتي من بلد المنشأ المذكور على الملصق، ويثير هذا التحليل مخاوف من استمرار دخول كميات كبيرة من الخشب الخاضع للعقوبات من روسيا وبيلاروسيا إلى بريطانيا بشكل غير قانوني.
ووصفت عينات خشب البتولا - وهو خشب صلب شائع الاستخدام في الأثاث وألواح المطابخ والآلات الموسيقية - بأنها من أوكرانيا وبولندا وإستونيا ولاتفيا. إلا أن الاختبارات التي أجريت باستخدام "البصمة الكيميائية" للخشب أظهرت أن 46% من العينات المعتمدة لم تكن من نفس المصدر المذكور على الملصق.
انخفضت صادرات البتولا الروسية المسجلة إلى الدول الأوروبية، بما فيها المملكة المتحدة، انخفاضًا حادًا، ولكن في الأشهر التي تلت ذلك، تُظهر بيانات التجارة أن الصادرات من دول أخرى، بما فيها كازاخستان وتركيا، ارتفعت بشكل ملحوظ.
وفي حالة كازاخستان، ارتفعت صادرات الخشب الرقائقي من 600 طن في عام 2021 إلى 25600 طن في عام 2022، وفقًا لإحصاءات التجارة الصادرة عن الأمم المتحدة.