الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الجسر الإيراني.. كيف تستورد الصين نفط العقوبات؟

  • مشاركة :
post-title
ناقلة من أسطول الظل تُفرّغ حمولتها من النفط الخام في تشينجداو بالصين

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن شبكة تتكون من شركات نفطية لها روابط مع أفراد وكيانات صينية، استخدمت مجموعة من السفن وناقلات النفط لنقل نفط بمليارات الدولارات من إيران وفنزويلا، ثم روسيا لاحقًا، إلى الصين.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الشبكات، التي تضم أكثر من 30 ناقلة نفط تبلغ قيمتها نحو مليار دولار، والتي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات خلال فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى في منصبه، تُلقي الضوء على ما أسمته "الأنظمة المُطوّرة لنقل النفط الإيراني إلى الصين، وكيف عُدّلت لشحن النفط من روسيا وفنزويلا".

ونقل التقرير عن أندرو بولينج، المحقق في C4ADS، وهي منظمة غير ربحية تتبع الشبكات غير المشروعة التي تهدد السلام والأمن العالميين: "تُظهر هذه الشبكة النفطية ومورديها كيف انتشرت الأدوات والتكتيكات المستخدمة لمقاومة العقوبات الغربية بين الدول الخاضعة للعقوبات".

غير مباشر

واجهت تجارة النفط الإيراني، المصدر الأهم للعملة الأجنبية بالنسبة لطهران، قيودًا مختلفة منذ عام 1979، عندما فرضت الولايات المتحدة العقوبات لأول مرة في أعقاب أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران.

في عام 2012، ازدادت الخناق تضييقًا على النظام الإيراني، عندما فرض الاتحاد الأوروبي حظره ردًا على برنامج إيران النووي لتخصيب اليورانيوم.

وفي عام 2018، انسحب ترامب من اتفاق مُبرم مع الولايات المتحدة ودول أخرى، والذي خفّف العقوبات لفترة وجيزة مقابل كبح طموحات إيران النووية، وبعد عام، أنهى الإعفاءات المؤقتة التي سمحت لثماني دول، من بينها الصين، بمواصلة شراء النفط الإيراني دون خوف من العقوبات الأمريكية.

وفي مايو 2019، حذر وزير خارجية ترامب -آنذاك- مايك بومبيو قائلاً: "يجب على أي دولة أو كيان يتعامل مع إيران أن يبذل العناية الواجبة ويتوخى الحذر". وأضاف: "ببساطة، لن تكون المخاطر تستحق الفوائد".

وحسب "فايننشال تايمز"، استخدم عميل إيراني شركات سويسرية لإدارة رهونات لتعاملات شركات حديثة التأسيس في جزر فيرجن البريطانية. وبما أن العقوبات الأمريكية جعلت البنوك مترددة في التعامل مع الأطراف الإيرانية، لم تنتقل أي أموال من مشتري النفط الصينيين إليها مباشرة.

ونقلت الصحيفة عن كلير جونجمان، الخبيرة في تهريب النفط الإيراني ومديرة المخاطر البحرية في منظمة "فورتيكسا"، إن هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن استخدام الرهن البحري بهذه الطريقة.

تُضيف: "يُظهر هذا جرأة هذه الشبكات المتزايدة، التي تعمل في مناطق رمادية بين القانون البحري والتمويل والجغرافيا السياسية. منذ عام 2019، أصبحت شبكات تجارة النفط الإيرانية أكثر تعقيدًا ولامركزية، معتمدةً على شركات واجهة ووسطاء غير رسميين وسجلات مستعدة للتغاضي عن أي تدخل".

130 مليون برميل

تُظهر بيانات تتبع السفن التي حللتها "فايننشال تايمز" وC4ADS أنه بعد رهن السفن عبر الشركات السويسرية وشركات جزر فيجن، بدأت على الفور بنقل النفط من إيران، وفي بعض الحالات من فنزويلا.

ومن بين 34 رهنًا بحريًا تم الاتفاق عليها بين عامي 2019 و2023، تم توقيع 19 رهنًا على الأقل في سبتمبر أو نوفمبر 2022، عندما بدأت سفن ما يسمى بـ "أسطول الظل" في نقل النفط الروسي ردًا على العقوبات الغربية على موسكو.

وأثناء سريان الرهون البحرية، نقلت السفن المختلفة ما لا يقل عن 130 مليون برميل نفط بقيمة تُقدر بـ 9.6 مليار دولار. نصف هذه الكمية تقريبًا مصدرها إيران، وربعها تقريبًا من روسيا، وأقل بقليل من الخمس من فنزويلا. وانتهى المطاف بكاملها تقريبًا (93%) في الصين.

منذ ذلك الحين، أُدرجت ما لا يقل عن 20 ناقلة نفط مرهونة، على قوائم العقوبات الأمريكية لنقلها نفطًا خاضعًا للعقوبات. كما تظهر السجلات وجود عدة روابط بين السفن المرهونة نيابة عن شركة في جزرفيجن والأفراد والشركات الصينية التي فرضت عليها إدارة ترامب عقوبات في عام 2019.

أباريق الشاي

في الواقع، لم تُنكر الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، قط شراء النفط الخام الخاضع للعقوبات، والذي يُضخّ جزء كبير منه إلى مصافي مستقلة تُعرف في الصين باسم "أباريق الشاي".

في العام الماضي، استوردت الصين ما يُقدّر بـ 1.5 مليون برميل يوميًا من إيران وحوالي مليوني برميل يوميًا من روسيا، وهو ما يُمثّل حوالي ثلث إجمالي الواردات.

كما صرّحت وزارة الخارجية في بكين بأنّ الصين "عارضت باستمرار العقوبات الأحادية غير القانونية" التي لا يأذن بها مجلس الأمن الدولي.

وأضافت: "التعاون الطبيعي بين الدول وإيران في إطار القانون الدولي مُبرّر ومعقول وقانوني، ويجب احترامه وحمايته".