الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

E1.. خطة رابين لسلب أراضي الفلسطينيين

  • مشاركة :
post-title
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش في مستوطنة "معاليه أدوميم"

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بعد سنوات من الضغوط والرفض الدولي الذي شمل معارضة الولايات المتحدة، أقرت الحكومة الإسرائيلية الخطة المثيرة للجدل لبناء المستوطنات في منطقة E1، التي من شأنها أن تقطع شمال الضفة الغربية عن مناطقها الجنوبية، والتي تحمل آثارًا دراماتيكية على خطة حل الدولتين.

وقد جُمدت هذه الخطط، التي بدأت في عهد إسحاق رابين رئيسًا للوزراء في أوائل التسعينيات، منذ عام 2005 لأسباب سياسية.

وكان وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش قد أشاد بالخطة، واصفًا إياها بأنها "واقع يدفن فكرة الدولة الفلسطينية، لأنه لا يوجد شيء يمكن الاعتراف به ولا أحد يمكن أن يعترف به".

وأضاف: "سيواصلون الحديث عن حلم فلسطيني، وسنواصل بناء واقع يهودي. واقع يدفن فكرة الدولة الفلسطينية، لأنه لا يوجد ما يستحق الاعتراف به، ولا أحد يعترف به".

وقبيل إعلان حكومة نتنياهو، ناقش المجلس الأعلى للتخطيط التابع للإدارة المدنية، وهو الفرع التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤول عن إدارة الضفة الغربية، الخطة الشهر الماضي، لأول مرة منذ عام 2021.

وحسب صحيفة "هآرتس"، الأسبوع الماضي، عُقدت جلسة استماع للنظر في الاعتراضات على خطة E1، ولكن رُفضت جميعها. هكذا، من المقرر أن تُنشئ خطتا البناء الجاري العمل عليهما في المنطقةE1 ما مجموعه 3,412 وحدة استيطانية.

إسحاق رابين وآرييل شارون
أطماع قديمة

بعد الاحتلال الإسرائيلي الكامل لمدينة القدس خلال حرب 1967، تسارعت حُمى التوسع الاستيطاني لدولة الاحتلال، بهدف جلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين الصهاينة إليها. ما دفع رئيس الوزراء -آنذاك- إسحاق رابين لتأسيس مستوطنة معاليه "أدوميم"، في عام 1975، لتصير إحدى كُبريات المستوطنات الإسرائيلية وأكثرها توسعًا منذ تأسيسها شرق القدس المحتلة.

وفي بداية تسعينيات القرن الماضي، عرض رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، والذي كان يتولى وقتها منصب وزير الإسكان، خطة لتوسيع المستوطنة عبر بناء 2500 وحدة استيطانية، والعديد من الفنادق والمناطق الصناعية، بما يعزز الهيمنة الإسرائيلية على القدس. لكن في عام 1992 جمدت حكومة رابين الخطة بسبب انطلاق مفاوضات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية.

مع هذا، في أعقاب تولي إيهود أولمرت منصب رئيس بلدية القدس المحتلة في أكتوبر 1993، صادقت حكومة الاحتلال على ضم مستوطنات كبرى للمدينة، منها "معاليه أدوميم". بعد عام، أعلنت حكومة رابين عن مخطط استيطاني يهدف إلى ضم المستوطنة إلى مدينة القدس، عُرف باسم E-1 (شرق 1)، في إطار مساعٍ لإيجاد تواصل جغرافي بين مستوطنات الاحتلال الواقعة شمال شرق القدس المحتلة.

وتضمن مشروع حكومة رابين السيطرة على نحو 12.5 كيلومتر مربع من أراضي القدس والضفة الغربية، وإنشاء منطقة صناعية على مساحة 1 كيلومتر مربع، إضافة إلى 4 آلاف وحدة استيطانية و10 فنادق.

وفي عام 1997 صادق وزير الدفاع وقتها، إسحاق موردخاي، على المخطط. بعدها بعامين، صادقت الحكومة الإسرائيلية على الخارطة الهيكلية لـ "E-1".

لكن في عام 2009، أعلنت إسرائيل إيقاف العمل بالمخطط بسبب ضغوط دولية، لا سيما من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلا أنها عاودت العمل به مرة أخرى في أواخر نوفمبر 2012 ردا على منح الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين صفة "مراقب غير عضو".

وقتها، تضمن قرار حكومة الاحتلال إجراءات للتخطيط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية التي شكلت توسعة لمستوطنة "معاليه أدوميم"، وفي العام التالي طرحت الحكومة الإسرائيلية مناقصة لتصميم المشروع، لكنها جمدتها لاحقا، بسبب ما قالت إنها ضغوط أمريكية.

وفي عام 2014 جهز الاحتلال البنى التحتية لهذا المشروع بشكل غير رسمي. وفي يوليو 2016، أطلق كل من سموتريتش ويوآف كيش من حزب الليكود حملة في الكنيست تضمنت إعلان "السيادة الإسرائيلية" على "معاليه أدوميم".

وبعد عام طرح، كيش ووزير الدفاع الحالي، يسرائيل كاتس، المخطط مرة أخرى في الكنيست ضمن "مشروع قانون القدس الكبرى"، لكنه عُلق بسبب الضغط الأمريكي.

وفي عام 2020 تسارعت خُطا إسرائيل لتنفيذ المخطط، عقب إعطاء الرئيس دونالد ترامب -خلال ولايته الأولى-الضوء الأخضر لنتنياهو لبناء 3500 وحدة استيطانية في المنطقة، وقال إن هذا المشروع تأخر تنفيذه 6 أعوام ونصف.

وفي يونيو 2023، أرجأ المجلس الأعلى للتخطيط والبناء الاستيطاني جلسة بشأن مشروع بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في المنطقة.

أصوات معارضة

على مر السنين، تقدّمت خطط فصل مناطق الضفة الغربية المحتلة ببطء بسبب الضغوط الدولية، بعد أن ضُمّت هذه المنطقة، التي تبلغ مساحتها 12 كيلومترًا مربعًا، إلى بلدية "معاليه أدوميم"، وتقع شمال وغرب المدينة.

وفي مارس الماضي، وافقت الحكومة الأمنية الإسرائيلية على بناء "طريق منفصل" للفلسطينيين في المنطقة، مما مهد الطريق لتنفيذ خطط البناء والضم الفعلي لمعاليه أدوميم.

وفي مايو، أعلن سموتريتش، خلال مؤتمر "ماكور ريشون" حول الاستيطان، أن مجلس الوزراء الأمني سيوافق على البناء في المنطقة، وقال إن الموضوع "قيد النقاش منذ سنوات"، وإن حكومة نتنياهو ستوافق على الخطط.

وأضاف: "نعمل على ذلك باحترافية. بهذه الطريقة نقضي على الدولة الفلسطينية بحكم الأمر الواقع. ستكون هناك سيادة إسرائيلية في الضفة الغربية خلال هذه الفترة".

وأكد سموتريتش أن هذه الإجراءات ستزيد بشكل كبير عدد المستوطنين في الضفة الغربية "بهذه الطريقة نجلب مليون مستوطن".

حسب "هآرتس"، تُجادل المنظمات الإسرائيلية الثلاث المعارضة للخطة، وهي "السلام الآن"، و"عير عميم"، و"جمعية العدالة البيئية"، بأن المنطقة المُقرر بناؤها في E1 هي الأراضي الوحيدة المتبقية بين المراكز الحضرية الفلسطينية الرئيسية الثلاث في الضفة الغربية المحتلة، رام الله، والقدس الشرقية، وبيت لحم، والتي يقطنها نحو مليون فلسطيني.

وتُحذر هذه المنظمات من أن عزم حكومة الاحتلال بناء مستوطنات في هذه المنطقة "سيُنشئ كتلة استيطانية متواصلة تمتد من وسط الضفة الغربية إلى القدس، مما يُقوّض إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مُستقبلي يُؤسس لدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".