استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين على سجادة حمراء وحفاوة بالغة في قاعدة "إلمندورف-ريتشاردسون" العسكرية بألاسكا، في قمة حاسمة حول الحرب الأوكرانية أثارت مخاوف عميقة في أوروبا وكييف من إمكانية تقديم تنازلات إقليمية لموسكو.
استقبال مثير للجدل
وصل الزعيمان إلى المطار في الساعة 11:08 صباحًا بالتوقيت المحلي، وفقًا لصحيفة "ذا جارديان"، حيث نزلا من طائرتيهما وسارا على سجادتين حمراوين التقيا عند نقطة على شكل حرف T. وأفادت صحيفة "بوليتيكو" أن الاستقبال شمل عرضًا جويًا عسكريًا ومصافحات ودية، في مشهد مثير للجدل.
تبادل الرجلان مصافحة حارة ونقاشًا وديًا، حيث ربت ترامب على ذراع بوتين بطريقة ودية، بينما ابتسم بوتين وأشار نحو السماء وأيديهما لا تزال متشابكة، ثم توجها معًا نحو منصة تحمل شعار "ألاسكا 2025"، بينما حلقت طائرات "بي-2" و"إف-22" العسكرية المصممة لمواجهة روسيا خلال الحرب الباردة في عرض جوي مهيب.
وفي لحظة نادرة، دعا ترامب بوتين للركوب في سيارته الرئاسية الملقبة بـ"الوحش"، وهي امتياز نادر للحلفاء والخصوم على حد سواء، حيث شوهد بوتين وهو يضحك بسرور داخل السيارة.
مفاوضات ثلاثية
أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، تغيير خطة الاجتماع من لقاء منفرد إلى مفاوضات ثلاثية من كل جانب، في تحول عن اجتماع 2018 في هلسنكي، عندما التقى ترامب وبوتين منفردين لمدة ساعتين مع المترجمين فقط.
وبحسب "بوليتيكو"، انضم لترامب وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، بينما رافق بوتين وزير خارجيته سيرجي لافروف، ومستشار الشؤون الخارجية يوري أوشاكوف.
جلس الرجلان في قاعة مؤتمرات مع وفديهما أمام خلفية زرقاء تحمل عبارة "السعي للسلام" مطبوعة عليها عدة مرات، كما تضمن الجدول اجتماعًا ثنائيًا موسعًا للغداء، يشمل وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، ورئيسة الأركان سوزي وايلز.
موقف ترامب
أكد ترامب خلال مقابلة على متن الطائرة الرئاسية أنه سيتمكن من تحديد جدية بوتين في التفاوض لإنهاء الحرب خلال الدقائق الأولى، مضيفًا، بحسب "ذا جارديان": "أريد وقف إطلاق النار بسرعة، لن أكون سعيدًا إن لم يحدث ذلك اليوم.. أريد وقف القتل".
وصف ترامب القمة سابقًا بأنها "لقاء استطلاعي"، لكنه حذر أيضًا من "عواقب وخيمة جدًا" لروسيا إذا لم يوافق بوتين على إنهاء الحرب. وأعرب عن تفاؤله في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، قائلًا إنه يعتقد أن الاجتماع "سيسير بشكل جيد جدًا - وإذا لم يحدث ذلك، سأعود للوطن بسرعة كبيرة"، مضيفًا أنه مستعد للانسحاب إذا لم تحقق المحادثات تقدمًا.
مخاوف أوروبية وأوكرانية
تخشى القيادات الأوروبية من إمكانية "بيع" ترامب لأوكرانيا عبر تجميد الصراع والاعتراف ضمنيًا بالسيطرة الروسية على خُمس الأراضي الأوكرانية.
وأعرب النقاد عن قلقهم من منح بوتين الشرعية التي يتوق إليها بجلبه إلى الأراضي الأمريكية لأول مرة منذ عقد، بحسب ما تشير "ذا جارديان".
حاول ترامب تهدئة هذه المخاوف، مؤكدًا أن أوكرانيا ستقرر بنفسها أي تبادل إقليمي محتمل، قائلًا: "لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، بل لإجلاسهم على طاولة المفاوضات"، طارحًا إمكانية جلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ألاسكا لاجتماع ثلاثي لاحق في حالة نجاح القمة، رغم إقراره بوجود احتمال 25% لفشلها.
وأشارت وكالة "رويترز" إلى مناقشات أمريكية داخلية حول استخدام كاسحات الجليد الروسية النووية لدعم مشاريع الغاز في ألاسكا، مما يثير تساؤلات حول الحوافز الاقتصادية المحتملة.