تشهد إسرائيل أزمة مؤسسية غير مسبوقة، إذ تشنُّ الحكومة الحالية حربًا مفتوحة على جميع المؤسسات، من الجيش إلى القضاء ووسائل الإعلام، وفقًا لتحليل نشره موقع "واللا" العبري، الذي وصف الوضع بأن "الحكومة خرجت عن المسار وستُخرج البلاد كلها عنه".
انتهاكات ضد القضاء
كشف "واللا" عن انتهاكات جسيمة ترتكبها الحكومة الإسرائيلية ضد سلطة القضاء، إذ يواصل وزير العدل يريف لفين تجاهل قرار واضح من المحكمة العليا بشأن المستشارة القانونية للحكومة، بعدما غيَّر لفين أقفال مكتبها رغم صدور أمر قضائي ينص على بقائها في منصبها حتى صدور الحكم النهائي.
ويؤكد التحليل أن القرار القضائي لم يصدر عن رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، بل عن نائب الرئيس نعوم سولبرج، وهو قاضٍ يميني محافظ ومستوطن، ما يدحض أي ادعاءات حول التحيز السياسي.
وفي السياق نفسه، يستمر وزير الاتصالات في تفكيك مجلس الهيئة العامة متجاهلًا قرارات المحكمة العليا.
حرب ضد زامير والجيش
تتصاعد الأزمة مع شن وزير الدفاع يسرائيل كاتس هجومًا مدمرًا على رئيس أركان الجيش إيال زامير، والمفارقة أن الأخير تم تعيينه من قبل الحكومة الحالية نفسها.
وحسب ما أورده موقع "واللا"، ينتهك "كاتس" الأوامر العسكرية العليا المعتمدة من وزير الدفاع نفسه، التي تحدد إجراءات التعيينات في رتب اللواء المساعد.
وتنشر الحكومة اتهامات لا أساس لها ضد زامير، بما في ذلك زعم إقامته "خلية" تآمرية، رغم أن التشاور مع القادة السابقين هو ممارسة طبيعية لجميع رؤساء الأركان.
كما تنتشر في الأوساط المقربة من نتنياهو اتهامات شخصية، إذ يزعمون أن زامير "يرفض احتلال غزة ليس خوفًا على الجنود، بل من محكمة لاهاي ومن اتهامه بجرائم الحرب"، وفقًا لما ذكره التحليل.
سلوك عدواني تاريخي
يشير موقع "واللا" إلى خلفية صادمة لوزير الدفاع، إذ ذكر أن سلوكه العدواني والاستفزازي لم يتغير منذ شبابه حتى اليوم، فخلال دراسته في الجامعة العبرية في الثمانينيات وتوليه منصب رئيس اتحاد الطلاب، ساعد في تفريق اجتماع للطلاب العرب باستخدام السلاسل الحديدية.
ووفقًا للوثائق القضائية المذكورة في التحليل، تم توجيه لائحة اتهام ضده وحُكم عليه بخمسة أشهر ونصف الشهر سجنًا مع إيقاف التنفيذ.
وبلغت ذروة عدوانيته عندما احتجز عميد الجامعة البروفيسور رفائيل مشولام في مكتبه؛ لمجرد تمديد السنة الدراسية.
كما امتدت دراسته الجامعية سنتين إضافيتين بسبب إيقافه مرتين لمدة سنة كاملة في كل مرة.
جهاز دعائي للتشهير
فيما يكشف التحليل النقاب عن وجود جهاز دعائي منظم تابع لعائلة نتنياهو، يديره شخص يُدعى شارون درطبة، والذي يتقاضى راتبًا مرتفعًا يقارب 100 ألف شيكل شهريًا من خزينة الدولة.
ووفقًا لموقع "واللا"، يعمل هذا الجهاز بجد على جمع المعلومات ضد زامير ونشر الاتهامات والإشاعات حوله؛ سعيًا لإنهاء مسيرته العسكرية نهائيًا.
مقارنة بأزمة "هارباز"
يستدعي موقع "واللا" مقارنة تاريخية مع أزمة "هارباز" التي شهدتها إسرائيل سابقًا، عندما دخل رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، الذي شغل منصب وزير الدفاع في الفترة من 2007 - 2013، في صراع مفتوح مع رئيس الأركان آنذاك جابي أشكنازي.
ويشير التحليل إلى أن الممارسات الحالية لكاتس ضد زامير تشبه إلى حد كبير ما فعله باراك ضد أشكنازي، مع فارق مهم هو أن الأخير صمد في منصبه حتى انتهاء فترة خدمته، بينما تضررت سمعة باراك بشدة في الرأي العام.
الأزمة الراهنة تفوق سابقتها خطورة بمراحل، حسب التحليل، إذ يمارس كاتس لعبة مزدوجة، وهي أنه يساعد في تسهيل إعفاء اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية من جهة، ويستهدف رئيس الأركان بحملة تشهير شرسة من جهة أخرى، وكل ذلك في إطار طموحاته للوصول إلى رئاسة الحكومة.
السلطة قبل المصلحة الوطنية
يحلل "واللا" الأسباب الكامنة وراء هذه الصراعات، مؤكدًا أن أولويات الحكومة الحالية تتمثل في "هدم مؤسسات الدولة" أكثر من "الفوز في غزة"، إذ إن الحكومة تسعى لإطالة أمد العمليات في غزة قدر الإمكان؛ للحفاظ على قبضتها على السلطة ومواصلة تفكيك البنية المؤسسية للدولة، بينما تعمل بسرعة فائقة على إنهاء "معركتها" ضد مؤسسات الدولة الداخلية.
من جهة أخرى، يؤكد التحليل أن رئيس الأركان زامير يسعى لمنع تغلغل التدخلات السياسية في الجيش، ورفض السماح لحزب الليكود بفرض تعييناته في القيادات العسكرية، ومنع سارة نتنياهو، زوجة رئيس الحكومة، من التأثير على قرارات الضباط.