كشفت صحيفة "معاريف" العبرية عن اندلاع صراع حاد في أعلى مستويات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إذ قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس، في ساعة متأخرة من يوم الاثنين، إيقاف قرار هيئة الأركان العامة بشأن جولة تعيينات قادة الألوية والضباط برتبة عميد، في حين ردّ الجيش بنشر قائمة التعيينات؛ رغم اعتراض الوزير، مما فجّر مواجهة علنية غير مسبوقة بين السلطتين المدنية والعسكرية.
جذور الخلاف
أوضحت مصادر من مكتب وزير الدفاع للصحيفة العبرية أن السبب الرئيسي للأزمة يعود إلى عدم استشارة رئيس الأركان الفريق أول إيال زامير للوزير وعدم تنسيقه معه مسبقًا حول جولة التعيينات، مخالفًا بذلك الإجراءات المعمول بها.
وأكد مكتب كاتس أن هناك "إجراءات متبعة للتعيينات من رتبة عقيد فما فوق، إذ يلتقي رئيس الأركان بوزير الدفاع ويعرض عليه عدة مرشحين محتملين لكل منصب مع تقديم المبررات"، وأن هذا الإجراء "كان متبعًا مع رئيس الأركان السابق والحالي أيضًا".
وأضاف البيان أن الوزير "أوضح لرئيس الأركان أنه يحتاج فترة زمنية إضافية ولا يجب عقد عملية نقاش التعيينات في هذه المرحلة"، مشيرًا إلى أنه "كانت هناك حالات في الماضي لم يوافق فيها الوزير على مرشحين معينين بسبب تورطهم في أحداث 7 أكتوبر، وحالات ربط فيها بين الموافقة على التعيينات وإنهاء التحقيقات حول الحرب".
معايير جديدة للترقيات
كشفت "معاريف" عن تفاصيل موقف كاتس الجديد، إذ أعلن أنه "سيدرس ما إذا كان سيرقي القادة الكبار في قطاع غزة الذين لم يكملوا الفترة الزمنية المعتادة في مناصبهم إلى مناصب أخرى قبل إكمال مهمة هزيمة حماس في غزة".
وبرر الوزير موقفه بالقول إن "هزيمة حماس في غزة وتحرير المحتجزين هي المهمة الأهم والأكثر إلحاحًا أمام الجيش حاليًا، ويجب تركيز كل القوى القيادية الحالية لإنجازها بأسرع وقت".
وأضاف بيان مكتب كاتس أن "أحد معايير الترقية في مناقشات التعيينات المستقبلية سيكون نجاح الوفاء بالمهمة"، مؤكدًا أنه سيتم "فحص ترقية الضباط الذين خدموا في مناصب قيادية في قطاع غزة خلال أحداث 7 أكتوبر، وأولئك الذين ارتبطت أسماؤهم بأحداث استثنائية في الماضي".
موقف معارض للجيش
ردًا على موقف الوزير، وبحسب ما نقلته الصحيفة العبرية، قرر الجيش نشر جولة التعيينات رغم الساعة المتأخرة ومعارضة كاتس الصريحة.
وأوضح المتحدث باسم الجيش أن "النقاش الذي جرى يوم الاثنين 11 أغسطس 2025 برئاسة رئيس الأركان تم تحديده مسبقًا وفقًا للقواعد، انطلاقًا من إدراك أهمية ترقية القادة الموجودين في الخط الأمامي التشغيلي".
وشددت القيادة العسكرية على أن "رئيس الأركان هو السلطة الوحيدة في الأوامر لتعيين القادة برتبة عقيد فما فوق في الجيش الإسرائيلي"، موضحة أن "رئيس الأركان هو المقرّر للتعيينات، وبعدها يأتي التعيين لموافقة الوزير الذي يستطيع الموافقة أو عدم الموافقة".
تضمنت القائمة ترقيات لضباط بارزين شاركوا في القتال في غزة، بما في ذلك العقيد إلعاد تسوري قائد لواء المدرعات 7، الذي سيُرقى إلى رتبة عميد ويُعيّن قائدًا للفرقة 99، والعقيد بيني آهرون قائد لواء المدرعات 401 الذي سيُرقى لقيادة الفرقة 146، والعقيد ليرون بتيتو قائد لواء جفعاتي الذي سيُعيّن قائدًا لفرقة غزة ويُرقى إلى رتبة عميد.
تبادل الاتهامات
أصدر كاتس ردًا حادًا على نشر القائمة، معلنًا أن "إعلان التعيينات الذي أجراه رئيس الأركان اليوم تم بخلاف توجيهات وزير الدفاع ودون تنسيق واتفاق مسبق، مخالفًا الإجراءات المعمول بها".
وأضاف الوزير أنه "لا ينوي مناقشة التعيينات والأسماء التي نُشرت أو الموافقة عليها إطلاقًا"، مشترطًا أن "رئيس الأركان سيُطلب منه التنسيق المسبق مع وزير الدفاع لمناقشة هذه التعيينات أو غيرها مستقبلًا".
وبحسب "معاريف"، قال مصدر عسكري إن كاتس "يحاول خلق سابقة بن جفير في الشرطة داخل الجيش"، في إشارة إلى تدخلات وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير في شؤون الشرطة الإسرائيلية.
وأضاف المصدر أن "الإجراء الحالي هو أن رئيس الأركان يفحص ويجلب قائمة التعيينات للوزير".
ردود فعل سياسية
علق زعيم المعارضة يائير لبيد على الأزمة قائلًا، بحسب ما نقلته الصحيفة العبرية: "في هذه الحكومة المجنونة، حتى حدث أساسي مثل تعيين ضباط في الجيش لا يمر دون تسريبات ومشاجرات وإدانات وبيانات ليلية، هكذا لا تُدار دولة، وهكذا لا يُقاد جيش".
وتشير "معاريف" إلى أن هذه الأزمة تأتي في وقت حساس تواجه فيه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تحديات كبيرة على عدة جبهات، خاصة في غزة والجبهة الشمالية، مما يثير تساؤلات جدية حول تأثير هذه الخلافات الداخلية على الأداء العسكري والاستقرار في قيادة الجيش.