الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من الحدود إلى العاصمة.. كيف يحول ترامب الجيش لشرطة مدنية؟

  • مشاركة :
post-title
أفراد الحرس الوطني

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نشر ما لا يقل عن 800 جندي من الحرس الوطني في شوارع العاصمة واشنطن، لمكافحة الجريمة، في خطوة جديدة تثير الجدل حول استخدام القوات العسكرية في الشؤون الداخلية.

وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلًا عن وثائق داخلية لوزارة الدفاع "البنتاجون"، أن القوة العسكرية تتألف من مئات الجنود من الحرس الوطني المكلفين بالانتشار السريع بالمدن الأمريكية، فيما أشارت إلى أن إدارة ترامب تقيم خططًا لإنشاء قوة رد فعل عسكرية للاضطرابات المدنية الداخلية.

استراتيجية عسكرية

تشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن هذه الخطوة تمثل أحدث مثال على نمط متكرر لاستخدام ترامب للجيش في تحقيق أولويات السياسة الداخلية، إذ نشر الرئيس خلال العام الجاري، نحو 10 آلاف جندي نشط على الحدود الجنوبية الغربية لوقف تدفق المخدرات والمهاجرين، إضافة إلى 4700 جندي من الحرس الوطني ومشاة البحرية في لوس أنجلوس، للمساعدة في قمع الاحتجاجات المتعلقة بحملات الهجرة وحماية العملاء الفيدراليين المنفذين لها.

كما وقع ترامب، الشهر الماضي، سرًا توجيهًا للبنتاجون لبدء استخدام القوة العسكرية ضد عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية، التي صنفتها إدارته كمنظمات إرهابية، وعلى الرغم من انخفاض معدلات الجريمة في العاصمة، فإن ترامب وصفها بأنها "خارجة تمامًا عن السيطرة" وهدد بفرض سيطرة فيدرالية.

طبيعة المهام والصلاحيات

أوضح مسؤولو البنتاجون أن جنود الحرس الوطني الذين سينتشرون في واشنطن، هذا الأسبوع، لن يقوموا بمهام إنفاذ القانون، بل سيساعد 100 إلى 200 جندي في أي وقت في مهام اللوجستيات والنقل مع توفير "حضور مادي" لدعم العملاء الفيدراليين، وفقًا لبيان الجيش.

الصحيفة تشير إلى أن الجنود سيتمكنوا من احتجاز الأشخاص مؤقتًا في ظروف معينة حتى وصول العملاء الفيدراليين، وسيكونون مسلحين للدفاع عن أنفسهم، كما هو الحال مع الحرس في لوس أنجلوس.

وأعلن وزير الدفاع بيت هيجسيث، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض إلى جانب ترامب: "ستراهم ينتشرون في شوارع واشنطن خلال الأسبوع المقبل، وسيكونون أقوياء وصارمين وسيقفون مع شركائهم من إنفاذ القانون".

ولم يُقدم هيجسيث تفاصيل حول مدة انتشار الحرس، لكنه أشار إلى أن البنتاجون يتواصل مع الحرس الوطني في ولايات أخرى، بما في ذلك "وحدات متخصصة"، حال الحاجة لتعزيزات، رغم أن مسؤولًا كبيرًا في الجيش قال إن 800 جندي من حرس واشنطن المكلفين بالمهمة يجب أن يكونوا كافيين.

التحديات العسكرية

تشير نيويورك تايمز إلى أن القادة العسكريين يواجهون تحديًا معقدًا في كيفية استخدام جنود مدربين على القتال في مهام شرطية مدنية، لذلك يحاولون وضع قيود صارمة على دور الحرس الوطني في واشنطن.

كما تضيف الصحيفة أن المشكلة الأساسية أن هؤلاء الجنود يحملون بنادق M-16 وتدربوا على قتل الأعداء في الحرب، ليس على التعامل مع المدنيين كالشرطة.

يحذر البروفيسور بيتر فيفر من جامعة ديوك، من أن قرار ترامب "سيبدو سياسيًا منحازًا من البداية" لأن الجيش ببساطة لم يتدرب على أعمال الشرطة العادية مثل دوريات الشوارع.

وما يزيد الأمر تعقيدًا بحسب الصحيفة، أن واشنطن العاصمة تختلف عن باقي الولايات الأمريكية، إذ لا يوجد حاكم يتحكم في الحرس الوطني، ما يمنح الرئيس سلطة مباشرة وحرية كاملة في استخدام هذه القوات عبر سلسلة قيادة تمتد من ترامب إلى وزير الدفاع هيجسيث، ثم وزير الجيش وصولًا لقائد الحرس الوطني.

وجاء القرار في توقيت مثير للاهتمام، إذ تقاعد اللواء جون أندوني، القائد السابق للحرس قبل يومين فقط من الإعلان، وتم تعيين العميد ليلاند بلانشارد كقائد مؤقت بدلًا منه.

معارضة سياسية

واجه القرار انتقادات حادة من الكونجرس والخبراء العسكريين، إذ قال السيناتور جاك ريد من ولاية رود آيلاند، كبير الديمقراطيين في لجنة الخدمات المسلحة، خلال بيان: "جيشنا مُدرب للدفاع عن الأمة من التهديديات الخارجية ومساعدة المجتمعات في أثناء الكوارث أو الطوارئ، وليس لإجراء عمليات شرطة يومية محلية، وهذا الانتشار إساءة استخدام خطيرة لوقت ومواهب الحرس الوطني".

وقالت كاري لي، الرئيسة السابقة لقسم الأمن القومي والاستراتيجية في كلية الحرب بالجيش والزميلة الكبيرة حاليًا بصندوق مارشال الألماني: "هذا جزء من نمط تستخدم فيه الإدارة وتستولي على الموارد العسكرية لأهداف داخلية غير عسكرية، سواء كان ذلك في الهجرة أو محاربة عصابات المخدرات أو الجريمة في واشنطن، من الواضح جدًا بالنسبة لي على الأقل أن هذه الإدارة ترى الجيش كحل واحد يناسب الجميع لتحقيق أولوياتها السياسية الداخلية".

وتوضح الصحيفة أن استخدام القوات العسكرية في مهام الشرطة يثير مخاوف بشأن تأثيره على الجنود والجيش ككل.

وفي مقابلات مع نيويورك تايمز، قال أعضاء في الحرس الوطني بكاليفورنيا، إن الانتشار في لوس أنجلوس أضر بمعنويات قوة كان أهل المدينة يرحبون بها خلال حرائق يناير، كما عبر مسؤولو الحرس عن مخاوف من أن الانتشار سيضر بإعادة التجنيد.