لم يكن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدام الجيش لمواجهة احتجاجات لوس أنجلوس المرتبطة باعتقالات المهاجرين غير الشرعيين، وليد اللحظة، إذ سبق ذلك مناقشات على مدى أشهر سابقة، وفقًا لما ذكرته شبكة "سي إن إن"، نقلًا عن مصادر مسؤولة.
ووضع ترامب نحو 2000 عنصر من الحرس الوطني تحت سيطرته ليلة السبت وأمرهم بالدخول إلى مدينة لوس أنجلوس، وشوهدت فرق الجيش المختلفة في الشوارع.
وبينما وصف القرار بأنه استجابة عاجلة لقمع الاحتجاجات، إلا أن هذه الخطوة كانت قيد الإعداد منذ فترة طويلة، إذ كان البيت الأبيض ووزارة الأمن الداخلي يعملان منذ شهور لإيجاد سبل لاستخدام الحرس الوطني والجيش على نطاق أوسع لدعم أجندة الإدارة في مجال إنفاذ قوانين الهجرة، وفقًا لما ذكره العديد من الأشخاص المطلعين على المداولات الداخلية لشبكة "سي إن إن".
وقال توم هومان، مسؤول الحدود في البيت الأبيض للشبكة الأمريكية عندما سُئل عن مشاركة الحرس الوطني في عمليات هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في لوس أنجلوس: "إنه بالتأكيد توسع، ولكنه توسع بالضرورة".
وأكد هومان أن أفراد الحرس الوطني لا ينفذون قانون الهجرة، وإنما يركزون على حماية الممتلكات الفيدرالية والوكلاء الذين تقول الإدارة إنهم تعرضوا للاعتداء.
ضغوط البيت الأبيض
حتى مع انتشار آلاف العملاء الفيدراليين في جميع أنحاء البلاد لاعتقال المهاجرين، أفادت المصادر بأن النتائج كانت حتى وقت قريب أقل بكثير من توقعات البيت الأبيض، ما أدى إلى تغييرات في قيادة إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) واتصالات واجتماعات متوترة مع ستيفن ميلر، كبير مساعدي ترامب.
يبلغ متوسط عمليات الاعتقال التي تنفذها الإدارة حاليًا نحو 2000 عملية اعتقال يوميًا، ارتفاعًا من نحو 1000 عملية، في وقت سابق.
بدأت المناقشات الداخلية حول الاستفادة من الجيش لدعم إنفاذ قوانين الهجرة داخل الولايات المتحدة، بدلًا من التركيز على الحدود الجنوبية فقط في فبراير، عندما بدأ البيت الأبيض ووزارة الأمن الداخلي التخطيط لكيفية تعبئة قوات عاملة من الولايات التي وافقت على ذلك لحماية القوات الفيدرالية.
وكانت هناك أيضًا مناقشات داخل الإدارة، بما في ذلك في وزارتي الأمن الداخلي والدفاع، لاستكشاف إمكانية استخدام وحدات الحرس الوطني من الولايات التي يقودها الجمهوريون في الولايات التي لا توافق على ذلك، نظرًا لتمتعها بحرية أكبر بموجب أوامر الولايات مقارنةً بالولايات الفيدرالية، وفقًا لأربعة مصادر أخرى مطلعة على المحادثات.
وقال أحد المصادر المطلعة على الأمر: "من الواضح أنهم يميلون إلى تكرار نهج لوس أنجلوس في أماكن أخرى".
حشد ترامب الحرس الوطني في كاليفورنيا ضد إرادة حاكمها الديمقراطي جافين نيوسوم، وعمدة لوس أنجلوس، كارين باس، وتسبب نشر مشاة البحرية في الخدمة الفعلية في لوس أنجلوس للمساعدة في السيطرة على الحشود والشغب في تصعيدًا ترك العديد من المسؤولين في وزارة الدفاع في حيرة من أمرهم، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
استعراض للقوة
وقال أحد المسؤولين إن استخدام مشاة البحرية كان يهدف إلى استعراض القوة أكثر منه إلى ضرورة السيطرة على الوضع على الأرض.
تسعى الإدارة أيضًا إلى توسيع نطاق استخدامها للمنشآت العسكرية لاحتجاز المهاجرين، فيما أجرى موظفو وزارة الدفاع جولات مع الجمارك وحماية الحدود في القواعد العسكرية.
قال هومان، مشددًا على الحاجة إلى المزيد من التمويل من الكونجرس: "القواعد العسكرية خيارٌ وارد.. كانت خيارًا مطروحًا في عهد كل رئيس عملتُ معه، لذا فالأمر لا يختلف الآن.. ستوفر حزمة ترامب الضخمة لتخفيضات الضرائب والإنفاق مليارات الدولارات لتمويل إنفاذ قوانين الهجرة.. تكمن المشكلة في أن أماكن الاحتجاز التابعة لدائرة الهجرة والجمارك(ICE) استُنفدت تقريبًا."
وكانت أول إشارة عامة إلى أن الإدارة تخطط لاستخدام الحرس للمساعدة في إنفاذ قوانين الهجرة جاءت في الشهر الماضي، عندما طلبت وزارة الأمن الداخلي 20 ألف جندي حرس من البنتاجون للمساعدة في دعم عملياتها.