ما زال الاحتلال الإسرائيلي يواصل حصد أرواح الصحفيين الفلسطينيين، ضمن حملة قمع ممنهجة، بهدف إسكات الأصوات التي تكشف المآسي والفظائع التي يتم ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة منذ ما يقرب من 22 شهرًا.
وكان الصحفيان الفلسطينيان، أنس الشريف ومحمد قريقع، آخر ضحايا آلة القتل الإسرائيلية التي استهدفتهما دون رحمة بشكل مباشر، أثناء وجودهما في خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، بجانب استشهاد المصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، فضلًا عن إصابة الصحفي محمد صبح.
أشهر الصحفيين
ويعتبر أنس الشريف، البالغ من العمر 28 عامًا، أحد أشهر الصحفيين في قطاع غزة، كما تصفه الصحف العبرية، إذ كان يعمل هو وزملاؤه على تغطية الأحداث من غزة منذ بداية الصراع في 7 أكتوبر 2023، وقام بتغطية الأحداث الحساسة، بما في ذلك تغطية عمليات إطلاق سراح المحتجزين.
وجاء الهجوم بعد أسبوع واحد فقط من توجيه مسؤول عسكري إسرائيلي اتهامًا مباشرًا لأنس وشن حملة تحريض ضده؛ بسبب عمله والتقارير المتواصلة عن المجاعة وسوء التغذية التي يتعرض لها آلاف الأطفال والسيدات والشيوخ الفلسطينيين، والتي أدت إلى وفاة العشرات منهم بسبب ذلك، حسبما ذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
آخر كلماته
ويمتلك الصحفي حسابات تضم مئات الآلاف من المتابعين حول العالم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان لديه حساب على شبكة "إكس" يضم أكثر من 538 ألف متابع، بينما كان حسابه على "تيليجرام" يضم أكثر من 138 ألف متابع قبل حذفه من قبل الإدارة.
وقبل وفاته بربع ساعة فقط، كتب قائلًا: "قصف متواصل، تصاعد العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة منذ ساعتين"، كما نشر فيديو لتلك الهجمات.
وعقب وفاته، نشرت جميع حساباته ما قالت عنه إنه وصية أوصى بنشرها فور استهدافه، أكد فيها أنه أخيرًا نجحت إسرائيل في استهدافه وإسكات صوته، وأنه بذلك قدم كل ما يملك من جهد وقوة ليكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبه الفلسطيني.
وكان يتمنى "الشريف" العودة إلى بلدته الأصلية عسقلان، ولكن كما قال: "مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ".
استهداف الصحفيين
وعلى الرغم من الآلام التي تعرض لها، كان "الشريف" يؤكد أنه لم يتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة بلا تزوير أو تحريف، خاصة المآسي التي تعرض لها الأطفال من سحق أجسادهم بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، مطالبًا بحماية زوجته وابنته وأمه والدعاء له بالرحمة.
وبوفاة أنس الشريف وزملائه، يرتفع عدد الصحفيين القتلى في قطاع غزة منذ بداية الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل للشهر الـ22 إلى 237 صحفيًا، ووصف مكتب الإعلام الحكومي بغزة عملية استهدافه بأنها جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية.
مجازر الاحتلال
وخلفت الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أكثر من 61 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، بجانب 152 ألفًا و45 جريحًا، أيضًا معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 2017 شخصًا، بينهم 100 طفل.