الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لا ترضي أحدا.. خطة احتلال غزة عاجزة عن تلبية طموحات ائتلاف نتنياهو

  • مشاركة :
post-title
رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو

القاهرة الإخبارية - محمود غراب


تكشف خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن احتلال مدينة غزة، عن مناوراته السياسية الداخلية أكثر مما تكشف عن أي إستراتيجية عسكرية مدروسة جيدًا، وفق ما أفادت به شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، في تحليل نُشِر على موقعها الإلكتروني.

وذكرت الشبكة أن خطة نتنياهو بشأن الاستيلاء على مدينة غزة، اعتُمِدت من قبل مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي "الكابينت"، على الرغم من الاعتراضات الشديدة من جانب القيادة العسكرية الإسرائيلية والتحذيرات الخطيرة من أنها قد تؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية وتعريض حياة المحتحزين الأحياء (يُقدَّر عددهم بنحو 20) المتبقين في غزة للخطر.

كما يأتي التوسع الكبير في الحرب بالتزامن مع تآكل أساسي في الدعم لإسرائيل في جميع أنحاء العالم، وتراجع في الدعم العام الداخلي لاستمرار الحرب.

ومع ذلك، دفع نتنياهو بخطته قدمًا، لما لها من فائدة واحدة على الأقل غير معلنة، وهي إنها تمنحه وقتًا للمناورة من أجل بقائه السياسي، ومع شركائه الحاليين في الائتلاف اليميني المتطرف، ويعني ذلك إطالة أمد الحرب.

ولفتت "سي إن إن" إلى أن حليفي نتنياهو المتطرفين، إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، أحبطا مرارًا وتكرارًا، أي تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار من خلال التهديد بانهيار الحكومة الإسرائيلية إذا انتهت الحرب.

طموحات بن جفير وسموتريتش

وأكدت الشبكة أن خطة نتنياهو لحصار مدينة غزة، لا ترقى إلى مستوى مطالب شركائه في الائتلاف، إذ يدفع بن جفير وسموتريتش باتجاه احتلال كامل للقطاع المحاصر كخطوة أولى لإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة، وفي نهاية المطاف ضمها.

وفي مقابلة أُجريت الخميس الماضي، صرح نتنياهو لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية، بأن إسرائيل تنوي السيطرة على قطاع غزة بأكمله، كما لو أنه قرر احتلاله بالكامل، لكنه اختار الترويج لخطة تدريجية، تركِّز على مدينة غزة فقط في الوقت الحالي، وحدد عمدًا موعدًا نهائيًا فضفاضًا نسبيًا لبدء العملية، بعد شهرين، تاركًا الباب مفتوحًا أمام دفعة دبلوماسية أخرى لإعادة إطلاق صفقة لوقف إطلاق النار وإلغاء العملية برمتها.

والآن، يغضب شركاؤه في اليمين من هذا القرار، متهمين إياه بأن الخطة غير كافية، وأن تصعيد الحرب وحده يكفي، وفق "سي إن إن" التي ذكرت أن خطة نتنياهو الأخيرة لم تُرضْ شركاءه في الائتلاف الحاكم ولا القيادة العسكرية الإسرائيلية، مشيرة إلى أنه خلال اجتماع مجلس الوزراء الماراثوني الذي استمر عشر ساعات، عبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، عن معارضة الجيش القاطعة لخطط الحكومة لإعادة احتلال الأراضي.

وحذَّر "زامير" من أن أي عملية عسكرية جديدة من شأنها أن تعرض المحتجزين المتبقين والجنود الإسرائيليين للخطر، ومن أن غزة سوف تصبح فخًا من شأنه أن يزيد من استنزاف قوات الجيش المنهكة بالفعل بعد ما يقرب من عامين من القتال المستمر، وأن يؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية الفلسطينية.

وتعكس المخاوف العسكرية مشاعر الرأي العام الإسرائيلي السائد، فوفقًا لاستطلاعات رأي متكررة، تؤيد غالبية الإسرائيليين اتفاق وقف إطلاق نار من شأنه إعادة المحتجزين وإنهاء الحرب، لكن عملية صنع القرار الحالية لنتنياهو منفصلة عن المشورة العسكرية والإرادة الشعبية، بل مدفوعة -كما يقول المحللون والمعارضون السياسيون- بدافع الضرورة الضيقة المتمثلة في بقائه السياسي.

عزلة دولية 

كما أن خطة الاستيلاء على غزة تضع نتنياهو، وإسرائيل في عزلة دولية غير مسبوقة، وكانت التداعيات الإضافية لقرار الحكومة الأخير سريعة وواضحة، إذ أعلنت ألمانيا -ثاني أهم حليف إستراتيجي لإسرائيل بعد الولايات المتحدة- تعليق بعض صادراتها العسكرية إلى إسرائيل، ما مهد الطريق أمام دول أخرى في الاتحاد الأوروبي لمزيد من تخفيض مستوى العلاقات.

وخلصت" سي إن إن" إلى أن نتنياهو يمضي قدمًا بخطة لا ترضي أحدًا، حلفاء إسرائيل في الخارج، وقيادتها العسكرية، والجمهور الذي يريد إنهاء الحرب، وشركاؤه المتشددون الذين يشعرون بعدم الرضا ويعتقدون أنها لا تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية.

وقالت الشبكة الأمريكية إن قرار السيطرة على مدينة غزة، لا يخدم سوى نتنياهو نفسه في المقام الأول، فهو يمنحه مزيدًا من الوقت لتجنب الخيار الحتمي بين وقف إطلاق نار حقيقي قد ينقذ المحتجزين، أو تصعيد عسكري شامل يرضي ائتلافه.

اختتمت: "إنه أكثر من مجرد خطوة إستراتيجية، بل يمثل مناورة تقليدية أخرى من نتنياهو لإطالة أمد الحرب، مع إطالة أمد الأذى والمعاناة لسكان غزة والمحتجزين الإسرائيليين على حد سواء، وكل ذلك من أجل بقائه السياسي".