تشهد الولايات المتحدة تحولًا في المشهد السياسي، إذ تخلى الحزب الديمقراطي عن مبادئه السابقة في محاربة التلاعب بالدوائر الانتخابية، ويتبنى نفس التكتيكات الحزبية التي انتقدها بشدة في السابق، وذلك في مواجهة ضغوط الرئيس دونالد ترامب على الولايات الجمهورية لإعادة رسم الخرائط الانتخابية لصالحهم.
تحول بيلوسي
كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن تغيير جذري في موقف رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، التي كانت تقول في عام 2021: "الشعب يجب أن يختار سياسييه وليس السياسيين من يختارون ناخبيهم"، عندما مرر مجلس النواب مشروع قانون إصلاح شامل للنظام الانتخابي.
اليوم، تدعم بيلوسي بقوة جهود حاكم كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم، لتجاوز الخريطة الانتخابية المحايدة في الولاية، مبررة ذلك بضرورة مواجهة محاولات الجمهوريين "تزوير الانتخابات لصالحهم".
وأعلنت بيلوسي، وفقًا لـ"بوليتيكو": "الديمقراطيون لا يستطيعون ولن ينزعوا سلاحهم من طرف واحد".
ضغوط ترامب
يأتي هذا التحول الديمقراطي كرد فعل مباشر على قرار الجمهوريين في تكساس الاستجابة لضغوط ترامب لإطلاق عملية استثنائية لإعادة رسم الدوائر الانتخابية في منتصف العقد، من خلال جلسة تشريعية خاصة دعا إليها الحاكم الجمهوري جريج أبوت، الشهر الماضي.
هذه الجهود توقفت مؤقتًا بعد فرار المشرعين الديمقراطيين من الولاية لمنع النصاب القانوني احتجاجًا على ما يعتبرونه "استيلاء حزبي على السلطة".
وحذر مراقبون من أن ولايات جمهورية أخرى مثل ميزوري وأوهايو وإنديانا قد تحذو حذو تكساس؛ لتعزيز الأغلبية الجمهورية الضئيلة في مجلس النواب قبل انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
"قتال النار بالنار"
اعترف النائب الديمقراطي مايك كويجلي، من شيكاغو، لـ"بوليتيكو": "خرائطنا في إلينوي مُعدلة بشكل حزبي"، وأضاف: "في عالم مثالي، تُرسم هذه الخرائط بواسطة لجان غير حزبية.. لكننا لسنا هناك بعد. لا يمكنك أن تكون كشافًا في موقف كهذا.. يجب أن تكون قاسيًا مثلهم".
كما أكد النائب جو موريل، كبير الديمقراطيين في اللجنة المشرفة على الانتخابات الفيدرالية، أن ترامب "شخصية شاذة" تتطلب استجابة طارئة، قائلًا: "ترامب يحطم الأعراف والمعايير التي عشنا من أجلها، ونحن نحاول تحسين ديمقراطيتنا، لكنه يدمرها.. ليس أمامنا خيار سوى الرد بالمثل".
إستراتيجية كاليفورنيا
يقود نيوسوم حاليًا جهودًا لتوسيع الأفضلية الديمقراطية في كاليفورنيا عبر تجاوز الخريطة المحايدة وانتزاع ما يصل إلى خمسة مقاعد من الجمهوريين، ما قد يلغي تمامًا تأثير إعادة التوزيع في تكساس.
هذا الأمر أعاد إشعال الحرب حول إعادة التوزيع داخل كاليفورنيا، التي تتم بواسطة لجنة مواطنين مستقلة منذ مبادرة اقتراع ناجحة في 2010.
والمفارقة أن بيلوسي وديمقراطيين بارزين آخرين عارضوا آنذاك نزع سلطة رسم الخطوط من المسؤولين المنتخبين.
مستقبل الإصلاحات
رغم هذا التحول التكتيكي، أكد النائب جيمي راسكين من ماريلاند، كبير الديمقراطيين في لجنة القضاء، ضرورة إحياء مشروعات قوانين التصويت الديمقراطية في كونجرس مستقبلي، قائلًا: "أفضل محاربة النار بالماء وإخراج التلاعب بالدوائر من الخدمة، لكن إذا كان الجمهوريون سيدفعوننا إلى سباق نحو القاع، فعلينا القتال بكل الوسائل المتاحة لدينا".