تشهد الصين تصاعدًا خطيرًا في الصراعات المسلحة على حدودها، حيث اندلعت مواجهات جديدة بين تايلاند وكمبوديا الشهر الماضي؛ لتنضم إلى ثلاثة صراعات أخرى تحيط بأكبر قوة عسكرية وسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية، تجد بكين نفسها في موقف جيوسياسي معقد يتطلب توازنًا دقيقًا بين مصالحها الإستراتيجية والاستقرار الإقليمي.
الصراعات الحدودية
شهدت منطقة كشمير المُتنازَع عليها مواجهات جوية استمرت أربعة أيام في مايو الماضي بين الهند وباكستان، الحليف الإستراتيجي للصين.
وبحسب تقارير استخبارية فرنسية أوردتها "نيوزويك"، سعى مسؤولون صينيون لاستغلال هذه المواجهات للترويج لأنظمة أسلحتهم، خاصة مقاتلات تشنجدو J-10، من خلال مقارنة أدائها بالطائرات الفرنسية رافال.
اتهم وزير الدفاع الهندي الصين بـ"تقديم كل الدعم الممكن" لباكستان، مشيرًا إلى أن 81% من الأجهزة العسكرية التي حصلت عليها إسلام أباد منذ 2020 جاءت من الصين.
ردت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينج بوصف البلدين بأنهما "جاران مهمان" للصين، مؤكدة أن بكين "تابعت عن كثب التطورات بين الهند وباكستان وعززت بنشاط محادثات السلام وعملت على الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي".
في سياق متصل، اندلعت مواجهات حدودية جديدة بين تايلاند وكمبوديا في أواخر يوليو، استمرت خمسة أيام وخلفت 35 قتيلًا وأكثر من 100 جريح، قبل التوصل لهدنة هشَّة في 28 يوليو.
وتحتفظ الصين بعلاقات وثيقة مع كلا البلدين، إذ تعتبر كمبوديا من أكثر الحكومات الموالية للصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
التحدي الأكبر
تشكِّل الحرب الروسية الأوكرانية منذ فبراير 2022 أطول الصراعات وأعقدها بالنسبة للصين، إذ امتد القتال ليشمل منطقة كورسك الروسية، بل ووصل قريبًا من الأراضي الصينية عندما ادعت المخابرات العسكرية الأوكرانية مسؤوليتها عن هجوم 30 مايو على قاعدة عسكرية في فلاديفوستوك، على بعد 50 ميلًا فقط من الحدود الصينية.
تواجه بكين اتهامات مستمرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتمكين روسيا من خلال السماح للشركات الصينية بتوريد سلع مزدوجة الاستخدام (تصلح للاستخدام المدني والعسكري)، بما في ذلك الطائرات المُسيَّرة، فضلًا عن مواصلة شراء النفط والغاز الروسي، ما يساعد اقتصاد موسكو الحربي على مواجهة العقوبات الدولية الثقيلة.
ردَّ وزير الخارجية الصيني وانج يي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني يوهان ديفيد فاديفول، الشهر الماضي، مؤكدًا -حسب بيان الخارجية الصينية- أن "موقف الصين كان منفتحًا ومتسقًا، يشمل تعزيز محادثات السلام وعدم تقديم أسلحة فتاكة لأطراف النزاع والتحكم الصارم في تصدير المواد مزدوجة الاستخدام، بما في ذلك الطائرات المُسيَّرة".
الموقف الصيني
تشير "نيوزويك" إلى أن الصين تتبع إستراتيجية دبلوماسية معقدة تحاول من خلالها الموازنة بين دعم حلفائها الإستراتيجيين والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وأكد متحدث باسم الخارجية الصينية بشأن النزاع التايلاندي-الكمبودي أن "الصين تتمسك بموقف عادل ومنصف، وتدعم كمبوديا وتايلاند في تعزيز التواصل وحل الخلافات بطريقة مناسبة، وتدعم تقدم التسوية السياسية من خلال طريقة رابطة أمم جنوب شرق آسيا، وهي مستعدة لمواصلة لعب دور بناء للتسوية السلمية للنزاعات الحدودية".