تعمل شركات أمريكية على قدم وساق من أجل إنتاج ما يُعرف باسم المفاعلات النووية الصغيرة، التي تُنقل عبر شاحنات كبدائل أرخص وأنظف من مولدات الديزل والفحم، على أن يتم نشرها في محطات الطاقة الصغيرة بالولايات المتحدة، خاصة في المناطق النائية.
وتتسابق ما لا يقل عن ست شركات لتطوير المفاعلات الصغيرة، التي من المفترض أنها لا تشبه على الإطلاق مشروعات الطاقة الضخمة المنتشرة على ضفاف الأنهار والسواحل في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بأبراج التبريد والهياكل الخرسانية الضخمة التي تحتويها، بحسب واشنطن بوست.
المفاعلات الصغيرة
ومن المفترض أن يتم تصميم تلك المفاعلات النووية الصغيرة، لتوليد ما لا يزيد على ميجاوات واحد من الطاقة، وهو ما يكفي لتزويد ألف منزل بالطاقة أو مصنع واحد ضخم أو حتى جزيرة نائية، كما لا تتطلب ماءً للتبريد مثل المفاعلات الضخمة، بل تستخدم غاز الهيليوم أو الملح المنصهر أو أنابيب معدنية لنقل الحرارة بعيدًا عن قلب المفاعل.
أما بالنسبة للوقود، فوفقًا للعلماء، ستعتمد المفاعلات الصغيرة على نوع جديد من حبيبات اليورانيوم، الذي أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية أنه مضاد للانصهار، كما يتم تصميمه ليوضع بداخل حاوية شحن، إذ يربط مع أجزائه الأخرى، بينما يخزن الوقود المستهلك إما ممتلكات العميل أو يُنقل إلى منشأة تخزين تُديرها شركة المفاعل.
تصميم تجاري
وستعمل الشركات أيضًا على أن يتم صنع المفاعل النووي الصغير في المصنع ويتم شحنه بالكامل وتسليمه للعميل في أي مكان بأنحاء الولايات المتحدة الأمريكية سواء جوًا أو بالقطار أو بالجرار، إذ تصل المفاعلات والتوربينات الخاصة بها إلى موقع مجهز لتركيبها وتشغيلها بالكامل على مساحة فدانين فقط.
وبحسب العلماء، إذا نجح واحد أو أكثر من تلك المفاعلات النووية الصغيرة، فقد يكون أول تصميم تجاري يستخدم في الولايات المتحدة منذ الحرب الباردة، إذ يأمل المطورون إلى تشغيل أول نموذج بحلول عام 2028، بينما يتوقع تركيبها على نطاق واسع بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين.
ويواجه المصنعون تحديًا يتمثل في العثور على اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لتشغيل المفاعلات الجديدة، الذي لا يتم تصنيعه حاليًا في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل الشركات مترددة في الاستثمار بمنشآت إنتاجه حتى تتأكد من جدوى المفاعلات الدقيقة، ثم يتم نشر عدد كبير منها.
تحذيرات ومخاوف
لكن في نفس الوقت، حذر علماء آخرون من أن مزاعم السلامة مبالغ فيها إلى حد كبير، مؤكدين أن أي تسرب إشعاعي قد ينجم عن انفجار أو عطل فني يسبب تمزق المفاعل، مشيرين إلى أن أمريكا حتى الآن لم تستطع إيجاد حل للتخلص الدائم من النفايات النووية عالية الإشعاع، ولا بد أن يكون أولوية.
وشدد العلماء المعارضون للفكرة، على أن فكرة نقل المواد النووية المشعة عبر البلاد عند الطلب ووضعها في أماكن متفرقة مأهولة بالكسان بجوار مراز البيانات والمصانع دون أي تخطيط طارئ خارجي، تعد ضربًا من الجنون، كما أن الشعب لن يتقبل الأمر، الذي ما زال يسمع الناس كلمة "نووي" ويفكرون على الفور في "تشيرنوبل".