الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أطلال حضارة قديمة.. "ذا جارديان" ترافق رحلة إسقاط جوي فوق ركام غزة

  • مشاركة :
post-title
الدمار الهائل في قطاع غزة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مشهد ما بعد نهاية العالم.. كيف تبدو غزة من الجو بعد العدوان الإسرائيلي؟

كشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، من خلال تقرير مصور، حجم الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة، وذلك عبر مجموعة من الصور الجوية النادرة التقطتها في أثناء مشاركتها في إحدى عمليات إنزال المساعدات الإنسانية على القطاع المحاصر، إذ إن الرحلة لم توفر فقط فرصة لمتابعة إسقاط المساعدات، بل أتاحت أيضًا فرصة نادرة لرؤية غزة من الجو بعد إغلاقها إلى حدٍّ كبير أمام وسائل الإعلام الدولية.

من واحة حياة إلى "أطلال حضارة قديمة"

وصفت "ذا جارديان" في افتتاحية تقريرها المشهد المروع بعبارات مؤثرة: "تبدو غزة، من الجو، كأنها أطلال حضارة قديمة، فسيفساء من كتلٍ خرسانية وجدران محطّمة، وأحياء متناثرة مليئة بالحفر والأنقاض وطرقات تؤدي إلى اللامكان".

وأكدت الصحيفة البريطانية أن ما حدث في غزة "لم يكن كارثة طبيعية، ولا نتيجة لتقادم الزمن ببطء"، مشيرة إلى أن القطاع "كان مكانًا يعجّ بالحياة حتى قبل أقل من عامين، رغم كلّ التحديات التي كان سكانها يواجهونها حينها، كانت أسواقها مزدحمة، وشوارعها تعجّ بالأطفال"، لكن غزة تلك "اختفت، لا تحت رماد بركاني، ولا طوتها صفحات التاريخ، بل سوّتها بالأرض حملة عسكرية إسرائيلية، خلَّفت وراءها مكانًا يبدو كأنّه مشهد ما بعد نهاية العالم".

خريطة الدمار الشامل

أضافت "ذا جارديان" أنه "بعد نحو ساعة ونصف الساعة من الإقلاع، حلَّقت الطائرة فوق أنقاض شمال القطاع ومدينة غزة، التي باتت الآن أرضًا قاحلة من الخرسانة المتداعية والغبار.. المباني تحولت إلى ركام، والطرق امتلأت بالحفر، وأحياء بأكملها سُوِّيت بالأرض".

تابعت: "من هذا الارتفاع، يكاد يكون من المستحيل رؤية سكان غزة.. وحدها عدسة كاميرا تقريب بحجم يقارب 400 ملم تُمكِّن من تمييز مجموعة صغيرة من الأشخاص يقفون وسط أنقاض هذا المشهد المحطّم، العلامة الوحيدة على الحياة في مكان يبدو غير صالح للسكن تمامًا".

مع اقتراب الطائرة من مخيم النصيرات للاجئين، فُتح الباب الخلفي للطائرة، وانزلقت منصات المساعدات إلى الخارج، فيما انفتحت المظلات خلفها وهي تهبط باتجاه الأرض، وفقًا للصحفية التي نقلت المشهد.

مجموعة صغيرة من الأشخاص يقفون وسط الأنقاض
جهود الإنزال الجوي

نقلت "ذا جارديان" عن بيان للجيش الأردني قوله إنه "مع عملية الإنزال الجوي اليوم، تكون القوات المسلحة الأردنية نفذت 140 عملية إنزال جوي، إضافة إلى 293 عملية بالتعاون مع دول أخرى، موصلةً بذلك 325 طنًا من المساعدات إلى غزة منذ استئناف عمليات الإنزال في 27 يوليو".

الصحيفة البريطانية أوضحت أيضًا أن "هذه الكميات لا تقترب حتى من الحد الأدنى المطلوب"، مشيرة إلى تحذير الوكالات الإنسانية من انتشار الجوع بسرعة في أنحاء القطاع.

قصص إنسانية مؤلمة

تابعت الصحيفة البريطانية رحلتها الجوية قائلة: "أبعد نحو الجنوب، حلّقت الطائرة فوق دير البلح في وسط القطاع.. وهناك، في منطقة البركة في الأسفل، استشهدت الطفلة يقين حماد، البالغة من العمر 11 عامًا والمعروفة بأنها أصغر مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي في غزة، يوم 22 مايو، بعدما أصابت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة منزلها".

وعلى بعد بضعة كيلومترات، حلّقت الطائرة قرب خان يونس، التي حُوصرت لعدة أشهر من قبل القوات الإسرائيلية.

وفي مكان ما في الضواحي الشمالية للمدينة، تقع بقايا منزل الدكتورة آلاء النجار، طبيبة الأطفال التي كانت تعمل في مجمع ناصر الطبي، والتي قُصف منزلها في شهر مايو بينما كانت مناوبة في عملها، فاستشهد زوجها وتسعة من أطفالها العشرة في الهجوم.

شمال غزة
رفح وجرائم موثقة

وتستمر الصحيفة في الكشف عن تفاصيل أكثر إيلامًا، إذ أشار جندي على متن الطائرة نحو الأفق الضبابي في الجنوب قائلًا: "هذه رفح هناك في الأسفل"، ووصفتها "ذا جارديان" بأنها "أقصى منطقة جنوبية في غزة، منطقة دُمّرت إلى حد كبير، حيث لقي المئات حتفهم في التزاحم على الغذاء منذ أن تولت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة توزيع المساعدات في مايو الماضي".

وعلى بعد بضعة كيلومترات شرقًا، وسط تلال مليئة بالحفر، يقع الموقع الذي ضربت فيه وحدة عسكرية إسرائيلية في 23 مارس قافلة مركبات الطوارئ الفلسطينية، ما أدى إلى استشهاد 15 مسعفًا وعاملًا في الإنقاذ، دُفِنوا لاحقًا في مقبرة جماعية.

سؤال مؤلم

وختمت "ذا جارديان" تقريرها بمشهد العودة إلى الأردن، مشيرة إلى أنه "عند الهبوط في قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية بالأردن، بدا أن السؤال نفسه يهيمن على أذهان عدد قليل من الصحفيين الذين صعدوا على متن الرحلة: متى سنرى غزة مجددًا؟".