تحولت مشكلة السجائر المهربة أو ما يُعرف بالتبغ غير المشروع، إلى مأساة حقيقية في أستراليا، بعد أن أصبحت نصف تلك المنتجات المسببة للسرطان تُباع بشكل علني في البلاد، وتدر دخلًا بمليارات الدولارات على العصابات الإجرامية التي تقوم بتهريبها.
وتشير دراسة جديدة، نشرتها شبكة إي بي سي أستراليا، إلى أنه في عام 2024، كانت نسبة تلك المنتجات في الأسواق تبلغ 39% ارتفاعًا من 14% قبل ست سنوات، وكشف آخر تحديث لعام 2025، أن نسبة تلك المنتجات باتت تغطي 50% من منتجات التبغ في الأسواق.
الجريمة المنظمة
وتبيّن أيضًا، بناءً على دراسات أُجريت على مياه الصرف الصحي، أن استهلاك النيكوتين في أستراليا، بما في ذلك التدخين الإلكتروني، وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، ويبلغ عدد المدخنين 2.7 مليون مدخن في أستراليا، وحققت الجريمة المنظمة عائدات تُقدّر بحوالي 10 مليارات دولار سنويًا.
وينخرط في تلك الصناعة رجال العصابات، الذين من أجل إخلاء الساحة أمامهم من المنافسين، يقومون بحرق أعمال المنافس بالكامل أو تصفيته، وعلى مدى العامين الماضيين وقعت 125 تفجيرًا بالقنابل الحارقة على متاجر التبغ في فيكتوريا، ونحو 50 تفجيرًا آخر في ولايات أخرى، كان آخرها الأسبوع الماضي في كوريمال، نيو ساوث ويلز.
كما ارتفعت جرائم السرقة العنيفة في منطقة فيكتوريا بنسبة تزيد عن 150% منذ فبراير 2024 بسبب الجرائم المتعلقة بالتبغ.
الميزانية الفيدرالية
وعلى مستوى الحكومة، تواجه الميزانية الفيدرالية مشكلة كبيرة، بسبب انخفاض مبيعات التبغ المشروعة، حيث قُدرت قيمة الضرائب للسنة المالية الحالية في بريطانيا بـ7.4 مليارات دولار، بانخفاض عن 8.75 مليارات دولار قبل ستة أشهر فقط، مشيرين إلى أن نقطة التحول حدثت في عام 2019.
في هذا الوقت، وفقًا للشبكة، قامت الحكومة بزيادة الضريبة على السيجارة الواحدة بنسبة 55% على مدى 3 سنوات إلى 1.10 دولار، ونتيجة لذلك، انتشر التدخين غير المشروع وانهارت عائدات ضرائب التبغ للحكومة، من ذروة بلغت 16 مليار دولار في عام 2019 إلى 7.4 مليارات دولار هذا العام.
موانئ أستراليا
وبحسب الخبراء، لم يكن السعر وحده هو ما دفع الأستراليين نحو البدائل غير القانونية الأرخص بكثير، ولكن شكل العبوات المهربة أجمل بكثير بدون صور الأورام الرهيبة في الفم المنشورة على العلبة، والتحذيرات الصحية الموجودة على أعواد السجائر نفسها، مما كان مصدر جذب لشريحة سكانية أصغر سنًا.
وتصل جميع المنتجات غير القانونية إلى موانئ أستراليا، لكن حوالي 1% فقط من الحاويات الواردة تخضع للتفتيش من قبل قوات الحدود، ولا يملك ضباط مكتب الضرائب الأسترالي الموارد لمطاردة عصابات الجريمة المنظمة والمخاطرة بوقوع قنبلة مولوتوف على عتبة بابهم، وبمجرد دخول هذه المواد إلى البلاد، فإن بيعها لا يُعد جريمة جنائية.
ويطالب الخبراء باجتماع بين المدعين العامين على مستوى الولايات والحكومة الاتحادية ووزراء الصحة، للاتفاق على نهج وطني موحد يعكس قوانين هامة لمكافحة تلك الظاهرة، بجانب مطالبتهم بضرورة قيام الحكومة الفيدرالية بخفض ضريبة التبغ وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل عام 2019، والتي ستؤدي إلى زيادة هائلة في الإيرادات.