تشهد الحرب الروسية الأوكرانية تصعيدًا جديدًا مع تسارع التقدم الروسي على الأرض للشهر الرابع على التوالي، بينما يرفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سقف تهديداته بعقوبات قاسية على موسكو لإجبارها على إنهاء الصراع، وسط تزايد الهجمات الروسية بالطائرات المُسيّرة والصواريخ على المدن الأوكرانية.
تقدم روسي متسارع
كشف تحليل جديد أجراه معهد دراسة الحرب ومقره واشنطن، ونقلته صحيفة ذا تليجراف البريطانية، عن تسارع مكاسب القوات الروسية عبر خطوط الجبهة في أوكرانيا للشهر الرابع على التوالي، إذ سيطرت على 275 ميلًا مربعًا من الأراضي الأوكرانية خلال شهر واحد، مقابل 30 ميلًا مربعًا فقط استعادتها القوات الأوكرانية.
وأظهرت البيانات تصاعدًا مستمرًا في وتيرة التقدم الروسي، حيث حققت موسكو مكاسب صافية بلغت 195 ميلًا مربعًا الشهر الماضي، و146 ميلًا مربعًا في أبريل، و92 ميلًا مربعًا في مارس.
وفي منطقة دونيتسك الشرقية، أعلنت روسيا سيطرتها على بلدة تشاسيف يار، وهو ما تنفيه كييف، بينما تمكنت القوات الروسية من إنشاء أربعة تمركزات سعيًا لتطويق مركز اللوجستيات الرئيسي في بوكروفسك والاستيلاء على مدن الحامية في كوستيانتينيفكا.
ورغم هذا التقدم، أكد المحلل العسكري الأمريكي مايكل كوفمان، أن خط الجبهة ليس في خطر انهيار كامل رغم تدهور الوضع الأوكراني.
تصعيد للهجمات الجوية
صعّدت روسيا من كثافة هجماتها بالطائرات المسيّرة طويلة المدى على الأهداف الأوكرانية إلى أعلى مستوى منذ بداية الحرب، وبحسب تحليل وكالة الأنباء الفرنسية، أطلقت القوات الروسية 6,297 طائرة مسيّرة طويلة المدى على أوكرانيا الشهر الماضي، بزيادة قدرها نحو 16% مقارنة بالشهر السابق، للشهر الثالث المتتالي من الزيادة.
كما أطلقت 198 صاروخًا على أوكرانيا هذا الشهر، وهو أكبر عدد في أي شهر هذا العام باستثناء يونيو، وفقًا لبيانات سلاح الجو الأوكراني.
وفي واحدة من أعنف الهجمات، رفع المسؤولون الأوكرانيون حصيلة القتلى إلى 31 شخصًا من القصف الروسي بالطائرات المسيّرة والصواريخ على كييف في 31 يوليو.
وأُعلن يوم حداد على القتلى في كييف يوم الجمعة، مع تنكيس السفارات الأوكرانية في جميع أنحاء أوروبا أعلامها.
تهديدات أمريكية
يضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بوتين لإنهاء الحرب، مهددًا روسيا بعقوبات ورسوم جمركية على صادرات الطاقة. وفي تصريحات يوم الجمعة، قال ترامب إن روسيا فقدت 112,500 جندي منذ بداية العام، بينما فقدت أوكرانيا نحو 8,000 جندي، دون احتساب المفقودين، مضيفًا أن "أوكرانيا فقدت أيضًا مدنيين، لكن بأعداد أقل، حيث تسقط الصواريخ الروسية على كييف ومناطق أوكرانية أخرى".
وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على التجارة مع روسيا، وكذلك على الدول التي تشتري الوقود الأحفوري من موسكو إذا رفض بوتين إنهاء الحرب.
وقال السيناتور الجمهوري جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن الرئيس الأمريكي يستعد لعقوبات "صدمة ورعب" على الصادرات الروسية.
وبدأت التهديدات الأمريكية تؤتي ثمارها، إذ ذكرت وكالة رويترز، نقلًا عن مصادر تجارية مجهولة، أن سفينتين محملتين بالنفط الروسي، كانتا متجهتين إلى مصافٍ في الهند، تم تحويلهما إلى وجهات أخرى، نتيجة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية على 115 فردًا وكيانًا وسفينة مرتبطة بإيران، بعضها ينقل النفط الروسي.
الدعم العسكري الغربي
أعلنت ألمانيا يوم الجمعة تسليم نظامين إضافيين من أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" لأوكرانيا، كجزء من صفقة مع ترامب لزيادة شحنات الأسلحة الأمريكية للبلد المدمَّر بالحرب.
وأشاد مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو، بالقرار قائلًا: "هذه أخبار رائعة، وأرحب بقيادة ألمانيا. سيساعد هذا في ضمان قدرة أوكرانيا على الدفاع عن سمائها، وحماية شعبها، وردع العدوان الروسي".
ورغم التهديدات الأمريكية المتزايدة، لم يشر بوتين يوم الجمعة إلى أي تغيير في خططه الحربية، مؤكدًا أن قواته تتقدم على طول خط الجبهة بأكمله، وأعرب عن استعداده لإجراء محادثات سلام إضافية مع أوكرانيا.
من جانبه، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استعداده للقاء بوتين وجهًا لوجه، في محاولة لإظهار الروس كعقبة أمام السلام، مشيرًا إلى مناقشته "الأشكال المحتملة لمفاوضات السلام على مستوى القادة" في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الجمعة.