في المملكة المتحدة، يبدو أن ميول الآباء البريطانيين لا تفصح عنها صناديق الاقتراع فقط، بل أيضًا سجلات المواليد، وفي الوقت الذي يتصدر فيه اسم "محمد" قائمة الأكثر شعبية في إنجلترا وويلز، يغيب تمامًا اسم رئيس الوزراء الحالي ستارمر كير، للمرة الأولى على الإطلاق عن شهادات الميلاد.
"كير" في ظل المواليد
كشفت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية "ONS" أن اسم "كير" اختفى تمامًا من قوائم المواليد الجدد في إنجلترا وويلز منذ تولي السير كير ستارمر، زعيم حزب العمال، منصب رئاسة الوزراء، عام 2024.
وبحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، فإن الإحصاءات الصادرة صباح اليوم، لم يُسمَّ أي طفل ذكر باسم "كير" طوال العام الماضي، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، ما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير الهوية السياسية على اختيارات الآباء الجدد.
وتُعد هذه البيانات مؤشرًا غير مباشر على مدى شعبية رئيس الوزراء بين الآباء البريطانيين، خاصة إذا ما قورنت بأسماء منافسيه في الساحة السياسية.
بوريس ونايجل
في مفارقة لافتة، أظهرت الإحصاءات استمرار شعبية أسماء مثل "بوريس" و"نايجل"، المرتبطة بشخصيات سياسية أخرى، وفي عام 2023، تم تسجيل 16 مولودًا جديدًا باسم بوريس، وهو ما يُعد استمرارًا لظاهرة بدأت بعد انتخاب بوريس جونسون رئيسًا للوزراء، عام 2019، إذ ارتفعت نسبة التسمية به من 39 في 2019 إلى 43 في العام التالي.
أما اسم "نايجل"، المرتبط بالسياسي الشعبوي نايجل فاراج، فظل صامدًا أيضًا، مع تسجيل خمسة أطفال بنفس الاسم، مطابقًا لحصيلة العام السابق.
"ريشي" أمام "راشيل"
في السياق ذاته، كشفت البيانات عن تراجع نسبي في اسم "ريشي"، إذ انخفض عدد الأطفال الذين تم تسميتهم بهذا الاسم من 36 عام 2022 إلى 27 فقط في 2023، رغم أن هذه الفترة تزامنت مع تولي ريشي سوناك، رئاسة الحكومة عن حزب المحافظين.
وعلى الجانب العمالي، لم يكن تراجع اسم "كير" هو القاعدة الوحيدة، فقد استمرت أسماء أخرى من حزب العمال في جذب الآباء، فمثلًا، تم إطلاق اسم "راشيل" على 114 مولودة جديدة، و"أنجيلا" على 28 فتاة، كما سجلت الأسماء "إيفات" (3 حالات)، "ويسلي" (70 حالة)، و"بريدجيت" (35 حالة) حضورًا لافتًا.
جذور اسم كير
يعود أصل اسم "كير" إلى أيرلندا، إذ اشتق من الكلمة "دوبه"، التي تعني "داكن" أو "أسود"، وهو تعبير استخدمه الأيرلنديون قديمًا ليدل على القوة والذكاء والمرونة، بحسب المؤرخين.
ومع ذلك، اعترف السير كير ستارمر، نفسه بأنه لم يحب اسمه يومًا، إذ كشف في سيرته الذاتية أنه عندما كان مراهقًا تساءل: "لماذا لم يسموني بيت أو ديف؟".
وبحسب تقارير ديلي ميل، فإن والديه أطلقا عليه الاسم تيمّنًا بـكير هاردي، النقابي ومؤسس حزب العمال وأول زعيم برلماني له.
محمد اسم لا يغيب عن القمة
في مفارقة ثقافية بارزة، تصدر اسم محمد قائمة الأسماء الأكثر شعبية في إنجلترا وويلز للعام الثاني على التوالي، إذ تم تسمية 5721 طفلًا بهذا الاسم في عام 2024، بزيادة قدرها 23% عن العام السابق، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية.
ويعني اسم محمد "الجدير بالثناء" أو "مستحق الثناء"، وهو مشتق من الكلمة العربية "حمد"، ويحمل اسم النبي محمد، رسول الإسلام.
دخل اسم محمد لأول مرة قائمة أفضل 100 اسم للأولاد في إنجلترا وويلز عام 1924، وبدأ في التراجع خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن يشهد نموًا مطردًا منذ الستينيات، وصولًا ذروته اليوم.
نوح وأوليفر وأوليفيا وأميليا
احتل نوح المركز الثاني بين أسماء الذكور، يليه أوليفر في المركز الثالث، وهي نفس الترتيبة التي سُجّلت عام 2023.
أما أسماء الإناث، فحافظت أوليفيا وأميليا على المركزين الأول والثاني للعام الثالث على التوالي. لكن اسم إيسلا غادر الثلاثة الأوائل، ليحل محله اسم ليلي.
ووفقًا للبيانات، ظلت أوليفيا ضمن قائمة الأسماء الثلاثة الأولى، منذ عام 2006، وتم إطلاق الاسم على 2761 فتاة، عام 2024.
طفرة في الأسماء الجديدة
شهد اسم "مايو" أكبر قفزة ضمن قائمة أفضل 25 اسمًا للفتيات، إذ ارتفع 14 مركزًا عن العام الماضي، وبلغ عدد المسجلات به 1592 فتاة.
أما اسم "بوني" فحقق ثاني أكبر ارتفاع، بصعود 10 مراكز، وبالنسبة للذكور، كان روري صاحب النمو الأسرع بين الأسماء، يليه إيليجا.
يُظهر تقرير صحيفة ديلي ميل المعتمد على أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية أن الاسم لا يُطلق اعتباطًا، بل يعكس في كثير من الأحيان المزاج العام، والرمزية الثقافية، وربما حتى الميل السياسي، وفيما يتقدم "محمد" بثبات إلى القمة يختفي "كير" من سجلات المواليد.